ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 06/08/2012 Issue 14557 14557 الأثنين 18 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

كونداليزا رايس ليست ملهمتي!

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ستيفن والت :

كتبت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس مقالاً في (الفاينانشال تايمز) قالت فيه إن الولايات المتحدة يجب أن تتغلب على «ترددها تجاه قيادة العالم»، وبالوضع في الاعتبار سجلها المهني في الفترة ما بين 2001 و2008، عندما لعبت دورًا رئيسًا في سلسلة من كوارث السياسة الخارجية الأمريكية ولم تحظ بأي إنجازات حقيقية، فإنني أتساءل إذا كان يمكن لأحد أن يراهن على نصائحها اليوم، ولكن مقالها على أي حال كان ذا فائدة في الحقيقة لفهم جوهر التفكير الإستراتيجي للسياسة الخارجية الأمريكية في عهدها.

الإستراتيجية هي عبارة عن ربط الغايات بالوسائل، ووضع الأولويات، والتحكم في القوى العالمية المؤثرة من أجل تحقيق المصلحة الذاتية للدولة. وحتى بالنسبة لقوة عظمى مثل الولايات المتحدة، فإن الإستراتيجية الفاعلة تعتمد على التفرقة ما بين الحيوي والتافه، وما بين الواقعي والوهمي. وهذا يتطلب تحديد أي الأهداف تكون أكثر أهمية، ثم بعد ذلك استخدام المصادر المتاحة في حوزة الدولة لتحقيق تلك الأهداف. والأهم على الإطلاق، أنها عادة ما تتطلب معرفة كيفية دفع الدول الأخرى لمساعدتنا، وربما دفعهم أيضًا للقيام بمعظم العمل نيابة عنا. من المؤكد أن دفع الدول الأخرى لتحمل الأعباء الثقيلة أو المكلفة هو علامة الإستراتيجية الذكية، لأنها تساعدك على الجمع ما بين الحفاظ على مصادرك وما بين أن تبقى بعيدًا عن المستنقعات، وأن تركز على المهام الأكثر أهمية، وقد اعتاد القادة الأمريكيون على فهم تلك القاعدة الأساسية، حتى قبل أن نبدأ في إخبار أنفسنا بأننا دولة «لا يمكن الاستغناء عنها» والبدء في رؤية الأمور على أنه يعتبر إنجاز في السياسة الخارجية أن نغمس أنفسنا في بعض المشكلات الخارجية الصعبة.

رايس لم يكن لديها أي من ذلك، فمقالها كان في مجمله يتألف من قائمة تقليدية من المناطق والقضايا التي تعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن توليها الأولوية. من وجهة نظرها فإن الولايات المتحدة يجب أن تتحمل عبء بناء مؤسسات ديموقراطية في الشرق الأوسط. كما أنها تعتقد أيضًا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى «إعادة الانخراط» مع العراق (بصرف النظر عما يعني ذلك) وأن نستخدم السياسة التجارية للولايات المتحدة لـ «مساعدة الدول الديموقراطية» في أمريكا اللاتينية. وهي تفضل إنشاء دولة فلسطينية ولكن تعتقد أنها لن تتحقق سوى عبر المفاوضات مع إسرائيل آمنة، بصرف النظر عن أنها منحت إسرائيل الدعم غير المشروط لمدة ثمان سنوات ولم تحظ بأي شيء على الإطلاق.

كما أنها تدعم التوجه الأمريكي الحالي تجاه آسيا ولكنها تعتقد أن أمريكا لا تفعل ما هو كاف لمقاومة الهجمات الاقتصادية الصينية. وتقول إننا بحاجة إلى فعل المزيد لبناء شراكة إستراتيجية مع تركيا والهند والبرازيل، بدون أن تقول ما يجب علينا أن نفعله لعقد علاقات أكثر قربًا أو توضيح ما الذي ستفعله تلك الدول بعد ذلك للولايات المتحدة. إنها بذلك تستدعي (البعبع) القديم أن مصداقية الولايات المتحدة في انهيار وتقول أنه يجب على أمريكا أن تفعل المزيد لـ»طمأنة أصدقائنا حول العالم».

للوصول إلى تلك الأهداف تقول رايس أن «الشعب الأمريكي يجب أن يتم إلهامه لكي يقود مرة ثانية»، فماذا تعني تحديدًا تلك الجملة؟ ما هي المهام المحددة التي تتطلبها «القيادة» لإعادة تجديد التزام مواطنيها تجاهها؟ هل تعني أنه يجب إقناع الأمريكيين بالتخلي عن الاستثمار في الداخل لكي نستمر في أن نتطفل على الخارج؟ هل تؤمن بأن الأمريكيين (على عكس ميت رومني) بحاجة إلى أن يتم «إلهامهم» للتضحية عن طريق دفع المزيد من الضرائب لكي نستطيع الحفاظ على جيشنا الحالي وفي النهاية التوازن في إنفاقنا؟ أم تعني أنه يجب على الشعب الأمريكي أن «يلهم» لمهاجمة إيران، كما ساعدت من قبل على إقناعهم لغزو العراق؟ هل يجب أن يتم «إلهامنا» لتخصيص أموال جديدة للملاحقة العقيمة لتجار المخدرات حول العالم؟ أم ربما نحن بحاجة إلى أن يتم «إلهامنا» لوقف انبعاثاتنا الحرارية، حتى لو تطلب ذلك بعض الترتيبات غير الملائمة لنمط الحياة الأمريكي؟

في الحقيقة فإن كوندي لا تتحدث عن إقناع الشعب الأمريكي من أجل أن يقود، إنها في الواقع تتحدث أنهم بحاجة إلى أن يتم «إلهامهم» ليوافقوا على أي مهمة يحلم بها أباطرة السياسة الخارجية مثل رايس. والطريقة المعتادة لكي يفعل أباطرة السياسة الخارجية ذلك هو إثارة الخوف من التهديدات، والمبالغة في قدرات الساسة الأمريكيين، والإصرار على أن الدول الأخرى غير قادرة على اتخاذ الإجراء الحاسم إذا لم يكن الأمريكيون في غرفة القيادة وإخبارهم ما الذي يجب عليهم أن يفعلوه.

بالرغم من أن الشعب الأمريكي أحيانًا ما يستسلم للوقوع في شرك المغامرات السياسية الخارجية السقيمة، إلا أنهم عادة ما يكون لديهم حدس جيد بشأن دورنا العالمي. لا يوجد سياسي أمريكي في التيار السائد يدعو إلى العزلة اليوم، كما أن الشعب الأمريكي ذاته لا يطلب ذلك أيضًا، فالأمريكيون يريدون أن يظلوا أقوى دولة في العالم لأطول وقت ممكن، ويعترفون أن بعض الالتزامات الخارجية هي مفيدة وحكيمة. ولكن العثرات التي وقعت تحت أنف وناظري رايس أجهدت القوة الأمريكية بعض الشيء، ولكن الأمريكيين لا يزالون يفضلون الاشتراك في السياسات العالمية، أما الذي لا يفضلونه فهو المغامرات الضالة التي تسفر عن فشل بتكلفة باهظة، ولكن من المؤسف أن (الفاينانشال تايمز) لم تطلب منها أن تكتب عن كيفية تجنب ذلك.

* (فورين بوليسي) الأمريكية

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة