ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 06/08/2012 Issue 14557 14557 الأثنين 18 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

المطلوب من العالم عند سقوط الأسد

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

جوين داير:

يقول القائد الفرنسي التاريخي نابليون بونابرت إن أهمية القوة المعنوية تمثل ثلاثة إلى واحد من قيمة القوة الفعلية في الحروب. وخلال الأيام القليلة الماضية شاهدنا تحولا مفاجئا وجذريا في ميزان القوة المعنوية في سورية.



فقد وقع انفجار ضخم وغامض استهدف مقر رئاسة أحد أجهزة المخابرات السورية وقتل 3 من كبار رجال المؤسسة الأمنية. ويمكن أن يكون هذا الانفجار مجرد ضربة حظ بالنسبة للثوار. كما يمكن أن تكون نهاية المعارك التي شهدتها شوارع العاصمة دمشق قبل أيام مجرد انتصار مؤقت لنظام الحكم. ولكن كل شيء تغير بالنسبة للتوقعات.



حتى الأسبوع الماضي كان نظام الحكم يبدو آمنا على المدى القصير على الرغم من احتمال انهياره على المدى الطويل. فجيش الرئيس السوري بشار الأسد جيد التسليح ومخلصا له في حين أن المعارضة ضعيفة التسليح وغير منظمة بدرجة كبيرة. ويقول نابليون أيضاً إن الحظ يقف إلى جانب الذي يمتلك مدفعية أفضل.



ولعل السبب الرئيس الذي ضمن استمرار نظام الحكم السوري حتى الآن ليس أسلحته ولكن ثقة أنصاره في أن النظام ما زال قادرا على حسم الصراع لصالحه. هذه الثقة بدأت تتراجع بشدة. فقد وصل القتال إلى قلب المدن الكبرى بما في ذلك العاصمة دمشق والعاصمة الثانية حلب، كما أن الثوار استطاعوا توجيه ضربات إلى أقوى معاقل النظام بالانفجار الذي استهدف مقر جهاز الأمن القومي الذي قتل وزير الدفاع ونائبه صهر الرئيس بشار وكذلك رئيس المخابرات.



لذلك فقد حدث هذا بشكل مفاجئ بالنسبة للكثيرين من الناس الذين كانوا يرون أن نظام الحكم يمثل حماية لمزاياهم التي يمكن أن يفقدوها بالفعل. وإذا كان النظام سيخسر فإنك لن تريد أن تكون آخر من ينفصل عنه وإنما ستحاول أن تنتقل إلى الجانب الآخر. وبعد ذلك بعشر دقائق ستفكر مجموعة أخرى من الناس بنفس الطريقة لتقرر التخلي عن نظام الحكم والانضمام إلى المعارضة وبذلك ينهار الحكم بسرعة كبيرة. هذا النوع من التفكير يتم بصورة ذاتية ويعتمد على التنبؤ الشخصي ولذلك يمكن أن تحدث هزيمة وانهيار النظام الحاكم خلال أيام أو أسابيع.



بالطبع هذا الكلام ليس مسلما به على الإطلاق. فمن الناحية المادية ما زال نظام الحكم السوري يمتلك تفوقا كبيرا ومازالت القوة المعنوية متقلبة. فإذا تمكن الأسد من القضاء على الثورة في مناطق دمشق وحلب بسرعة وبصورة حاسمة فإن أنصاره سيستردون معنوياتهم وستستمر الحرب الأهلية لشهور وربما لسنوات. ولكن يجب أن يتعامل السوريون الآن مع احتمال حدوث انهيار سريع لنظام حكم حزب البعث الذي يحتكر السلطة منذ 49 عاما. لذلك فالسؤال هنا: ما الذي سيحدث في هذه الحالة؟



الخوف الكبير هو أن تمضي الأمور وفقا لسيناريو العراق ولبنان وهما الدولتان المجاورتان لسورية حيث تتشابه الدول الثلاث في ذلك المزيج العرقي والمذهبي المعقد لشعوبها.



فقد خاضت لبنان حربا أهلية بين مختلف الفصائل الدينية والسياسية خلال الفترة من 1975 إلى 1990 مات فيها حوالي ربع مليون لبناني. والعراق خاضت حربا أهلية ضارية خلال الفترة من 2005 إلى 2009 مات فيها نصف مليون عراقي على الأقل. وتشرد حوالي مليوني عراقي بينهم كل أبناء الأقلية المسيحية تقريبا وكذلك الأقلية السنية التي اضطرت إلى الخروج من المدن الكبرى ذات الأغلبية الشيعية.



لذلك فأي سوري من أبناء الأقليات يفكر في النموذجين المرعبين للبنان والعراق سيجد نفسه رافضا بشدة تغيير نظام الحكم في بلاده مهما كانت شدة رفضه أو احتقاره لنظام الحكم القائم.



الواقع أن الوسيلة الأساسية التي يستخدمها نظام الأسد للحصول على تأييد الأقليات له هي التأكيد على أن نظام حكمه المستبد هو الوحيد القادر على «حماية» الشيعة والدروز والعلويين والمسيحيين من بطش الأغلبية المسلمة السنية التي تمثل حوالي 70% من سكان البلاد.



بالطبع ربما يكون هذا التصور خطأ لآن الحركة المطالبة بالديمقراطية في سورية انطلقت في الأساس كحركة سلمية غير طائفية وسعت منذ البداية إلى جذب تأييد كل طوائف الشعب السوري على الرغم من أن الأغلبية السنية هي المسيطرة على هذه الحركة. وكل زعماء المعارضة في سورية يدركون تماما أن الوسيلة الوحيدة لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي في سورية بعد بشار الأسد هي الثورة غير الطائفية.



ولكن للأسف الشديد فإن نظام الأسد استدرج حركة المعارضة السلمية ليحولها إلى مواجهة عنيفة مع إصرار الأسد على تصعيد استخدام العنف حتى اقتربت الأوضاع هناك إلى حرب أهلية. والآن يجب على الثوار إنهاء ثورتهم دون أي مذابح أو اعتداءات جماعية على الأقليات لان الفشل في إنهاء الثورة على هذا النحو يعني اشتعال حرب أهلية لن تنتهي.



أكثر الأقليات عرضة للمخاطر هي الأقلية العلوية لأنها طائفة الرئيس السوري بشار الأسد ومنها يأتي كبار المسؤولين في الجيش والشرطة والمخابرات وحزب البعث الحاكم. وتعتمد سيطرة الأقلية العلوية على أساس العلاقات القبلية الوثيقة وليس على العلاقة الدينية. كما أن أغلب العلويين السوريين لم يستفيدوا كثيرا من نظام الحكم ولكن يمكن أن يتم تحميلهم بسهولة المسؤولية عن جرائم ومذابح النظام.



وإذا تصور العلويون انهم سيواجهون هذا المصير الأسود بحيث يصبحون هدفا لأعمال انتقامية من الثوار فإنهم سيلجأون إلى معاقلهم الجبلية على الساحل السوري ليفرضوا حصارا بحريا على سورية. كما أن خوف باقي الأقليات يمكن أن يدفعها إلى تسليح نفسها وتصبح البلاد جاهزة لمواجهة حربا أهلية ضارية.



لذلك إذا انهار نظام حكم البعث قريبا، فإنه على العالم أن يكون مستعدا لتقديم المساعدات الاقتصادية بسرعة إلى النظام الجديد مع نشر مراقبين دوليين لرصد أية ممارسات تتعرض لها الأقليات ونفي الشائعات التي يتم ترويجها. ربما لا يمكن للعالم أن يفعل شيئا لمساعدة سورية الآن لكنه بالتأكيد سيكون قادرا على عمل الكثير عند سقوط الأسد.



* صحفي مستقل ينشر أعماله في 45 دولة /

(جابان تايمز) اليابانية



 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة