اتصلت بي قائلة: أنا الآن في مجلس فيه عدد من الزميلات وكلنا في مجال التعليم، ونحن في جلسة ثقافية نعقدها بعد التراويح، فأوردت إحدى الأخوات أخباراً عن قضية الردة عن الإسلام في آخر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع وذكرت في كلامها المرتد الذي ادّعى النبوة في اليمن (الأسود العَنْسي) وقالت: إن الذي قلته الصحابي (فيروز الديلمي) رضي الله عنه، فاعترضنا على كلامها وقلنا إن فيروز هو اسم (أبي لؤلؤة المجوسي) الذي قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونريد أن نسمع تعليقك مباشرة، وصوتك مسموع للجميع، فقلت: أولاً، بارك الله فيكن على هذا المنهج القويم الذي تَسِرْنَ عليه في شهر الخير (رمضان) وإننا بأمس الحاجة إلى نساء يدركن مدى أهمية دورهن في هذه الفترة التي يشن فيها أعداء الحشمة والحياء حروبهم الشعواء على الفتاة المسلمة من كل اتجاه.

ثانياً: صدقت زميلتكن فيما أوردت عن فيروز الديلمي فهو من أسبق (الأبناء) من أهل اليمن إلى الإسلام وهو غير أبي لؤلؤة، والأبناء في اليمن هم الذين وُلدوا لأمهات يمنيات ورجال من الفرس، حينما احتل كسرى اليمن ووضع عليها (ولاة من قِبَله) وكان الملك في اليمن بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم (باذان) وقد أسلم لما بلغته دعوة الإسلام، واتبع النبي صلى الله عليه وسلم فأقرّه على ملك اليمن ولما مات باذان تولى ابنه (شهر) المُلْك، وقد قتله المتنبئ الكذّاب الأسود العنسي الذي ارتد عن الإسلام بعدما بلغه مرض النبي صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع، والقصة طويلة خلاصتها أن فيروز الديلمي -رضي الله عنه- هو الذي قتل (الأسود العنسي) في قصره وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في المدينة وهو في مرضه بقتل الأسود في اليوم التالي بما أوحى الله إليه فقال: (قتل الأسود العنسي، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين، فسأل الصحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام عن هذا الرجل المبارك من هو؟ فقال لهم (فيروز، فاز فيروز) أوكما قال عليه الصلاة والسلام.

قالت الأخت المتصلة جزاك الله خيراً، فقلت لها: أنصحكن في مجالسكن هذه بالقراءة في سلسلة (صور من حياة الصحابة لأستاذي الدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا، فإني وجدت فيها ما يكفي في هذا المجال المهم، وقد وجدت في قراءتها متعة وفائدة.

قالت إن زميلتنا تقول: إن معظم المعلومات التي جاءت بها من كتاب صور من حياة الصحابة، فدعوت لهن بخير.

هذه الصورة المشرقة للمجالس النافعة التي تزيد من وعي الإنسان وثقافته وتبعده عن القيل والقال والغيبة والنميمة تؤكّد لنا أن المجتمع بخير وتدفعنا إلى المناداة بتوسعة دائرتها حتى تبقى بيوتنا مضيئة بأصالتنا وثقافتنا الإسلامية المضيئة.

إشارة:

أسبابُنا في الأرض ما وُجدتْ

إلا لأن الله مُوْجدُها