ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 10/08/2012 Issue 14561 14561 الجمعة 22 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أخذت التنمية في بلدان كثيرة سنوات عديدة حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، ولا شك أن ذلك احتاج إلى الكثير من الجهد والعناء والبحث والتفكJير، وكان المشي في وقتها مشي السلحفاة، فلنا أن نتصور أن الإنسان أخذ مدة طويلة لينتقل من العصر الحجري إلى العصر الحديدي إلى العصر البرونزي وهكذا، وظل يستخدم أدوات النقل المتاحة له منحيوانات ربما تجر عربات، كما أن مصادر الطاقة لديه محدودة، ومعروفة يأخذها بطبيعتها دون تحويل إلا في النذر اليسير، وقبل الاستفادة من تحويل الطاقة بنمطها الحديث ظل الإنسان لآلاف السنين يسير على نفس النهج، مستخدماً الحيوان في المقام الأول.

فيما بعد وخلال سنوات محدودة تسارعت خطوات الإنسان نحو التقدم، وقلب موازين المعارف لديه، وأضحت الطاقة متاحة ينقلها إلى حركة كيفما شاء ومتى ما شاء، وبالطريقة التي تخدم غرضه، كما أنه أبدع في الاستفادة منها في جميع مناحي الحياة بلا استثناء.

في ظروف كهذه، لم يعد للإنسان عذر في التقدم من عدمه لأن المعارف أصبحت متاحة، والأدوات جاهزة وما عليه إلاّ توظيفها بالطريقة المثلى إن رغب في ذلك.

القادة والشعوب معاً في وسعهم في عصرنا الحاضر أن يسيروا في درب الحضارة والتقدم إن رغبوا، ولم يعد للزمن شأن كبير كما كان في السابق، فدولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وصلت إلى ما وصلت إليه عبر قرنين من الزمان، لكن ذلك الوقت لم يعد ضرورة لوصول أي دولة إلى ما وصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية، فيمكن لمن شاء من قادة وشعوب الدول أن ينهضوا بدولهم في فترة لا تتجاوز خمسة عشر عاماً، فأدوات التنمية من معلومات وأجهزة، وخبرات عالمية متاحة لمن لديه الرغبة الصادقة، كما أن مصادر التمويل موجودة إذا أحسن القائمون عليها استثمارها بنية صادقة، وشفافية كبيرة، وأمانة مطلقة، واجتهاد وإتقان.

الدول قادة وشعوب لديها مسارات ثلاثة:

أولها، أن يسلكوا الطريق السليم بمعاييره المعروفة، وسيصل إلى نقطة النهاية التي وصل إليها العالم في غضون سنوات محدودة، والشواهد كثيرة، مثل الصين، وكوريا، وسنغافورة، وماليزيا.

وهناك طريق ثان، وهو التنمية الفطرية وترك الأمور تسير طبقاً للظروف وحسب ما هو تحت ناظر المرء بنمط معتاد.

والمسلك الثالث، هو استخدام ما هو متاح من تقنية في التدمير والتخريب، وهدم المدن والقرى، وقتل الشعوب، وظلم الناس، فبدلاً من الاستفادة من التقنيات والآلات للبناء والتجهيز، يكون الاستخدام للتدمير، والمؤسف حقاً أن يكون ذلك التدمير لشعوب البلد من قبل القائمين عليه، فبدلاً من أن يكونوا عوناً للناس، ورواداً للبناء، يكونون رأس حربة لإيذاء شعوبهم وهدم المنازل والمنشآت.

عصرنا حقاً عصر لا يعترف بالزمن، فمن أراد التنمية من قادة وشعوب فهي متاحة، ومن أراد غير ذلك فهذا شأنه، أما من أراد دمار بلاده وقتل شعبه فلا ينسى أن عليه رقيب من فوق سبع سموات.

ثقافات الشعوب والأمم تلعب دوراً كبيراً في مقدار التقدم، حيث لا زمن ولا موارد طبيعية ولا موقع جغرافي يمكنه الحيلولة دون بلوغ المراد، فبعض من الدول المتقدمة ليست لديها موارد طبيعية وتجاوزت الزمن، وموقعها الجغرافي لم يمنعها من أن تكون من أوائل الدول تقدماً علمياً واقتصادياً، مثل اليابان وكوريا.

إن مؤتمر قمة التضامن الإسلامي الذي دعا له خادم الحرمين الشريفين في هذا الشهر المبارك، يدعو للتفاؤل في أن تلحق دولاً إسلامية بركب الحضارة العالمية، وهذا يتطلب جهداً حقيقياً وصادقاً من القادة والشعوب، فكل شيء متاح، والمهم اختيار الطريق والالتزام بالسلوك فيه.

 

نوازع
الزمن غير مهم
د.محمد بن عبد الرحمن البشر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة