ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 10/08/2012 Issue 14561 14561 الجمعة 22 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بصراحــة جداً عزيزي القارئ سوف أحدثك هنا عن ما جرى لي هذا الاسبوع، فقد شعرت أني قادمة من قرنين مضيا وشعرت بسبب هاتفي الجديد وخدمة الواتس أب وسيل الرسائل التي وردتني عبر هذه التقنية أنني امرأة من العصر الحجري فلا أنا استخدمت هذه التقنية من وقت توفرها ولا أنا قادرة حتى الآن على استيعاب أن من بين آلاف أرقام الهواتف في جوالي انهالت علي رسائل واتس أب لا تقل عن ألفي رسالة.

بسبب عملي الإعلامي في التلفاز أو الإعلام المقروء عندي قائمة كبيرة من الأسماء والأرقام كما يحتم عملي كذلك التواصل مع الكثيرين ونظراً لهذا الضغط وضرورته أحيانا كثيرة اكتفي في معظم اتصالاتي بحديث موجز أو برسالة مختصرة قدر الإمكان، وفي أحيان كثيرة أعد للعشرة قبل الاتصال بشخص قد لا يكون وقته أو ظرفه سانحا، وقد أكتفي برسالة لأني أدرك شخصيا قيمة الوقت وخصوصية الإنسان.

لكن المثير للدهشة والعجب وليعذرني في هذا الكثيرون أنني ما أن أضفت خدمة الواتس أب إلى هاتفي النقال حتى انهالت الرسائل وعبارات التهنئة والتحايا ولك عزيزي القارئ أن تتخيل ماذا فعل بي هذا السيل من الرسائل من مئات الاشخاص!! طبعا أني أقدّر النوايا الصالحة وضرورة التواصل بين الناس لكن الذي لا أفهمه كيف سأحظى لدقيقة ألتقط بها أنفاسي وأنا أتلقى الرسائل واقرأها وأجيب عليها والسؤال الذي تروّعني إجابته أن من يستخدم هذه الخدمة كيف سيجد الوقت للعمل والأسرة والصلاة والعبادة وقضاء مهامه وهو يمسك بهذه الآلة العجيبة (الجوال) ويتحول إلى عبد لها مهووس بها؟

لقد آلمني وأدهشتني ثقافة البعض الذين انهالت عليّ عباراتهم الحادة وتأنيبهم لي على عدم الرد على رسائلهم، فمن عباراتهم مثلا: ردي على الرسائل (الأخ بيأمر) عرفتيني ولا لا؟ (قد لا أكون التقيت به قط أو لقاء عابر في فعالية ثقافية وكان بين عشرات من الذين حضروا الفعالية)...

ميسون ليش مطنشة مسجاتي؟ (علما بأن هذه الرسالة وردتني من صاحبها قبل صلاة الفجر) ومنهم من بدا بعبارات منمقة ثم انتهى برسم قبضة يد إبهامها للأسفل!!

هذا يضعنا أمام سؤال كبير: هل نحن مؤهلون لاستخدام هذه التقنية؟ هل نستوعب حقا الحاجة إليها كتيسير الصعب أو تواصل ضروري وتقنية قد لا تؤذي الآخر وتستهلك وقته وتتعدى على خصوصيته؟ لماذا لا نحاكي الغرب ونستعمل التقنية بحضارة وثقافة ووعي؟

أعجبتني فكرة الأخبار السريعة والمهمة التي قد تصل لمجموعات مشتركة، أو روابط لقضايا مهمة، لا بأس للترفيه أحيانا ببعض الكاريكاتيرات والمواقف، لكن ألا تصير خدمة الرسائل المجانية وسيلة لضياع الوقت والتعدي على خصوصية الآخرين واستفزازهم!!

هل أخطأت عزيزي القارئ ان وضعت يدي على الجرح؟ على ظاهرة تفشت لتصبح ظاهرة مرضية ولعنة؟ لعلي الآن أدركت سبب الكثير من الحوادث التي قد يسببها انشغال السائق بقراءة والرد على رسائل الواتس أب! وهمة الشباب الخائرة الذين يأتون لأعمالهم منهكين، وقد استنفذ السهر على شاشات الجوال طاقاتهم، أو ذلك الشاب في المحاضرة أو خلف الكاميرا وقد اخفق في أداء عمله بالشكل المطلوب، وهو منشغل بجواله كما سبب الكثير من الخلافات الزوجية التي أسمعها من الصديقات.

في الدول المتقدمة يمنع للموظف استخدام جواله أثناء العمل بل يمنع من حمله في عمله، وهناك مخالفات مرورية على السائق الذي يستخدم جواله اثناء القيادة، فهل نحن نحتاج لساهر يرصد استخدام الجوال اثناء القيادة؟ أراهن أن جيوبنا ستفلس وسندفع أضعاف رواتبنا مخالفات لان استخدام الجوال اصبح مرضا متفشيا في مجتمعنا.

إن كان الحال كذا الله يسلمكم فأنا أفضل أن أبقى( متخلفة) وألا أواكب التقنية بهذه الطريقة؛ فلدي في الحياة ما أقوم به، وأفضل أن أتواصل مع الأحبة وأدفع فاتورة الاتصالات على ألا أدفع فاتورة تسويف الوقت وعبارات لا معنى لها.

حيا الله كل ما يرتقي بنا ويلبّي احتياجاتنا ويجعلنا نواكب روح العصر بتحضر وثقافة ووعي، وأرجو ألا أصل لقناعة؛ وداعا يالواتس أب.

من آخر البحر

إن أتى الفجر

سارعت النجوم تتوارى في قبضة يمناك

mysoonabubaker@yahoo.com
 

الأشرعة
نحن... والواتس أب!!!
ميسون أبو بكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة