ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 12/08/2012 Issue 14563 14563 الأحد 24 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

التسامح ليس سهلاً لكنه ليس مستحيلاً، فقط يحتاج إلى إرادة وتدريب وثقافة وعقل منفتح، لكن الصعوبة ليست في قناعتنا بمبدأ التسامح، فالإسلام - كما كل الأديان والفلسفات البشرية الراقية - أوصى به.

لكن المشكلة في اعتقاد البعض بالتسامح السطحي وحسب، كما النظر إليه على أنه ضعف. وليس فناً، وقدرة إنسانية، ثم الاستسلام لأسئلة يتبعها قلق نفسي، مثل - كيف تغفر للآخر لكن لا تسمح له أن يكرر الإساءة إليك..؟ وكيف لا يفهم الآخرون أنّ تسامحك ليس ضعف شخصية وانكساراً؟

لكن في لحظة التردّد باتجاه العفو أو التسامح تذكّر دائماً، أنّ الحياة أقصر من أن نقضيها في تسجيل الأخطاء التي يرتكبها غيرنا في حقنا أو في تغذية روح العداء بين الناس. كما يقول براتراند راسل.

التسامح قوة ومهارة يمكن تعلّمها في أي وقت، لكن إرادة الإنسان تختبر في أن يقرر أن يسامح الآخرين دون استثناء، أن يصل إلى مرحلة من السلام الداخلي تمكنه من غسل ما بداخله تجاه الآخر. ولسبب قد يكون أنانياً، بهدف الوصول إلى حياة تستحق السلام، لا الانتقام.. (إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة ؟).. يقول غاندي.

وتبقى أول خطوة للصفح عن أنفسنا، وأنه يمكننا أن نتسامح مع الآخر بعد أن نتخلّى عن اعتقادنا بأننا ضحايا، حيث (عظمة الرجال تُقاس بمدى استعدادهم للعفو والتسامح عن الذين أساءوا إليهم. (إلاّ أننا بممارسة دور الضحية لا القوة - قوة التسامح، فإنّ كل ما نفعله هو تطبيق المقولة الشهيرة، (في سعيك للانتقام احفر قبرين ... أحدهما لنفسك).

النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح، وهو أمر لا يحتاج للكثير من الجهد بقدر الانفتاح الذهني والثقافي. فالمجتمع الإنساني ينطوي على درجة كبيرة من التوحُّد بعكس ما يعتقده البعض من سوء الظن والعداوة، وإنزاله مرتبة الأصل، وتلك نتيجة ثقافة مشوهة ومعادية للآخر بدون تميّز، فالعدد الكبير من الأعراق والأجناس والأديان والقوميات يشتركون في كونهم يسعون للعيش بكرامة وسلام وتحقيق طموحاتهم ومصالحهم على هذه الأرض، لذا فإنّ ما يجمع الناس هو أكثر مما يفرقهم، مع ضرورة الإشارة إلى إشكالية - مستمرة - متعلّقة بدعاة التطرُّف والتطرُّف المضاد في الأديان والمذاهب دون استثناء..

وهو - أي التطرُّف ودعاته - ما لا يستقيم الحال بهم مع وسائل التسامح من حوار عقلاني، ومع احترام حرية الآخرين. وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة فوق الشخصية أو الدافع الجماهيري الغوغائي.

وتبقى السيرة الذاتية لحياة رموز تاريخية حديثه، مثل غاندي ومارتن لوثر ونيلسون مانديلا، إضاءات إنسانية مهمة، فبعد أن أبصروا طريقهم للتسامح، ساعدهم في نقل هذه المشاعر إلى عوامل إيجابية للتغيّر بعد سنوات السجن.

فقد أدركوا أنّ السجن الحقيقي إنما هو في عقولهم عندما تمتلئ بالخوف والغضب والشعور بالظلم..

“ أخيراً ..

صديقان يمشيان في الصحراء، تجادلا فضرب أحدهما الآخر على وجهه، المضروب ودون أن ينطق بكلمة واحدة كتب على الرمال: اليوم أعزّ أصدقائي ضربني على وجهي ! بعد قليل علّقت قدماه في الرمال المتحركة وبدأت تجرفه، ولكن صديقة أمسكه وأنقذه.

وبعد أن نجا من الموت قام وكتب، لكن على صخرة هذه المرة: اليوم أعزّ أصدقائي أنقذ حياتي!

(تعلّموا أن تكتبوا آلامكم على الرمال وأن تنحتوا المعروف على الصخر ..)

 

رمضانيات.. قوة التسامح وحكمته (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
ناصر الصِرامي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة