ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 13/08/2012 Issue 14564 14564 الأثنين 25 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

في التاريخ، كما في الثقافات (لا الأديان) كافة، يُمكن “انتقاء” وقائع مُحددة لتبرير وجهات وتوجّهات.

كان المؤرخ البريطاني (أرنولد توينبي) ينتقي، بمزاجية غير موضوعية، وقائع مُحددة من “تاريخ الثقافات” لتبرير مقولاته المحض تاريخية التي اصطنعها وآمن بها مُسبقا.

منذ عام 1979 م، عام الثورة الخمينية، وأهلها ينفخون في نار “وقائع” ثقافية فارسية، لا دينية (ولكن ببراقع دينية)، ولا تاريخية، يبتغون تعميق الانقسامات والانشقاقات الثقافية الما قبل الإسلام، لتوجيه أفكار مُضادة لما جُبلت عليه حقيقة ثقافة مليار وثلاثمائة وخمسين مليون مسلم. وتلك هي المعادلة نفسها التي آمن بها وطبقها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، باسم الإنجيلية البروتستانية، وأسامة بن لادن، باسم الإسلام.

كأن أولئك لم يعرفوا بعد أن الأرض باتت وكأنها شخص واحد.

كأن أولئك لم يعوا بعد أن العالم هو أنا، هو أنت، هو هي، هو أنتم، العالم الشاسع، والعالم المُقلق، البلا بداية أو نهاية، هو نحن جميعا، رغم مهابته وضخامته. إننا أكبر منه، أكبر دون حدود.

الثقافة العربية السعودية هي إلى حيث يتألق الروح الإنساني، غني بثرواته، وبهائه، وتناسق ألوانه، وعروقه، وثقافاته، وأديانه أيضا، رغم أننا نعرف أن المنطقة الواقعة بين المحيط الأطلسي غربا وحدود الهند شرقا، هي البؤرة الرئيسية لنزاع الثقافات، الذي ينداح اليوم في جميع أنحاء المعمورة. نزاع هويات ثقافية إثنية وقبلية ومذهبية وجهوية. هذا الصراع الثقافي (وأُشدّد: الصراع الثقافي، لا الديني) هو علّة ما نشهده من فوضى وقتل وطغيان.

ولا مراء في أن هذا الصراع الثقافي، المُتعدد الوجوه، والمُتفاوت الشدة، هو من أبرز عوامل اختلال العالم وغليانه، وتصدّع النظام العالمي، وضربٌ من الانتكاس إلى الهمجية والتوحش.

في عصرنا هذا حيث تُواجه كل ثقافة، يوميا، ثقافات أخرى، وحيث تُحسّ كل هوية ثقافية بالحاجة إلى ترسيخ وجودها بحدّة، وحيث يتوجب على كل مدينة أن تُنظّم تعايشا دقيقا في كنفه، لا تعود المسألة مسألة معرفة ما إذا كانت أفكارنا الثقافية المسبقة، دينية أوإثنية، أقوى أو أضعف مما كانت عليه عند أجيال سابقة، بل تصبح معرفة ما إذا كنا سنعرف كيف نحول دون انزلاق العالم نحو العنف الثقافي، والتعصب الثقافي، والفوضى الثقافية.

حتى لو ارتدتْ هوية ثقافية ما سروالا مُزركشا، يستضيء بشعارات دينية مزيفة، فإن عنصريتها العارية ستفضح مخططاتها التي تتغيّا الهيمنة والحروب والفوضى، سعيا وراء إزالة هوية ثقافية أصيلة.

أنا لم آتِ بجديد. فقط جهدتُ من أجل كسر تلك القشرة البلهاء، التي تُبرقع بالدين الثقافة العنصرية.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

صراع ثقافي لا ديني
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة