ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 13/08/2012 Issue 14564 14564 الأثنين 25 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

بين أروقة المسجد الحرام، وأمام الكعبة المشرَّفة - قِبلة المسلمين - وحيث أقدس بقاع الدنيا، وبالقرب من الأماكن الروحية، وفي العشر الأواخر لأفضل شهور السنة، وحيث الموعد - إن شاء الله - مع ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، يلبي أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول الإسلامية دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى عقد قمة إسلامية استثنائية وتاريخية في هذه الفترة الزمنية الدقيقة والحرجة التي تمر بها دولنا الإسلامية، حيث التحديات الكبيرة التي تهدّد أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها.

***

وما من شك فإن المكان والزمان وراعي هذا الاجتماع التاريخي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عناصر مهمة تقرئنا الأهمية الكبرى لهذا اللقاء، وتضعنا أمام الشيء الكثير من التوجسات فيما لو خرج الاجتماع بنتائج لا تتناغم مع أهداف وتطلعات الأمة الإسلامية، فضلاً عن أنها تعلّمنا أن قوتنا إنما تتمثَّل في اجتماع كلمتنا وتجانس أهدافنا، وأن مثل هذا الاجتماع ينبغي أن يكون فرصة لدولنا وشعوبنا - وقد لا تتكرّر- للخروج من حالة الضعف التي تمر بها، وذلك بالتأكيد على الثوابت التي تجمع ولا تفرّق، لنفوّت بذلك الفرصة على أعدائنا وعلى أولئك الذين لا يريدون خيراً أو مصلحة أو قوة لنا.

***

وإذا ما جاءت نتائج القمة الإسلامية بمستوى ما رسمه لها خادم الحرمين الشريفين من جهة، منسجمة ومتناغمة مع آمال وتطلعات الملايين من المسلمين من جهة أخرى، فهذا يعني أن مرحلة جديدة من القوة المدعومة بالتعاون بين منظومة دولنا وشعوبنا سوف تكون نقلة نوعية في العلاقات الجماعية والثنائية بين هذا العدد الكبير من الدول الإسلامية، ما يعني أن أحداً لن يتجاسر مستقبلاً على الإضرار بمصالح دولنا، أو النيل من مقدّراتها، أو محاولة اختراق صفوف شعوبها بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وصولاً إلى إلحاق الضرر بمصالحها، وهو بعض ما عانت منه دولنا وشعوبنا منذ بعض الوقت ولا تزال.

***

إن التحدي الكبير الذي ينبغي أن يواجهه قادتنا في اجتماعهم، إنما يتمثَّل بالتصميم والإرادة والعزيمة التي لا تلين، ولن يتحقق ذلك إلا بقرارات قوية وواضحة وشجاعة يتم الإجماع عليها، ومن ثم الالتزام بتنفيذها، دون إعطاء أي فرصة لكائن من كان لتعطيل ما تم التزام الجميع به من قرارات، إذ بهذه الروح وبمثل هذا التوجه الجميل، يمكننا القول إن هذه القمة التاريخية حققت أهدافها المرسومة، وعالجت الهوان والضعف وقلة الحيلة التي كانت تشتكي منها دولنا وشعوبنا، وأنها ظهرت بعد هذا الاجتماع بأقوى مما كانت عليه، وأنه لا خوف عليها بعد الآن طالما التزمت بما تم الاتفاق عليه.

***

وبالتأكيد، فإن الوضع في سوريا سيكون في أولويات ما سيتم بحثه وأخذ قرار مناسب بشأنه، فالدماء التي تسيل يومياً ليست رخيصة كما يظن بشار الأسد، وليست سوريا الدولة والشعب بمعزل عن أشقائها وإخوانها العرب والمسلمين لكي تكون لقمة سائغة - وإلى الأبد - لروسيا والصين وإيران من خلال دعمها ومساندتها لرجلها المريض في المنطقة بشار الأسد، فتاريخ هذه الدولة شاهد على أن الشعب السوري الشقيق لن ترهبه الطائرات والدبابات والصواريخ وكل أسلحة الفتك والقتل والتدمير، وأن مقاومة هذا الشعب العظيم للنظام الفاشي بما أظهره من عزم وتصميم على التخلص من هذا النظام الفاسد قادرة على وضع حد لهذا الذي يجري الآن في سوريا الحبيبة، وأهمها التخلص من هذا النظام الذي أطبق على مقدرات الشعب وكتم أنفاسه وجرده من حقوقه وقتل من قتل منه وزج في غياهب السجون الكثير من شبابه على مدى أكثر من أربعين عاماً، بينما تأتي هذه التضحيات الجسيمة في أعز الرجال وأشرف الرجال ثمناً وتوقاً للحرية التي طال انتظارها وآن لهذا الشعب المغلوب على أمره أن يتنفس عبقها، وأن يشعر - كما غيره من الشعوب - بإنسانيته وحقه في الحياة الحرة الكريمة.

***

إن أهم ما يقلق راحة أمتنا، ويكدر خواطر أبنائها، ويثير كوامن الألم في نفوسهم جميعاً، أن تحاصر وتكبَّل بافتعال قضايا جانبية لا تلبث أن تتطور لتقضي على كل ما هو جميل فيها، ولتحيل إثر ذلك كل إنجاز تنموي واقتصادي وعمراني إلى ركام تذروه الرياح، وأن يكون الفاعل - مع شديد الأسف - الذي قوّض هذه الإنجازات هو من كان يفترض فيه أن يحمي وطنه ويدافع عنه ويسعى لإعماره والذود عنه، فإذا بهذا المواطن ينصاع لأوامر من الخارج بتعاونه مع أعداء وطنه ليقضي على الأخضر واليابس فيها.

***

لهذا كان انعقاد هذه القمة التاريخية، تلبية واستجابة لدعوة رجل الحكمة والنظرة الصائبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكان اختيار هذا التوقيت والمكان المقدس متعمداً بقصد أن يضفي على الاجتماع بين الإخوة الزعماء المزيد من الشعور بالمسؤولية، بأمل أن تستجيب القرارات والتوصيات التي سيتفق عليها في بناء مشروع تعاون بين جميع دولنا وبأفضل مما نحن عليه الآن، وذلك بالتحضير من الآن لشراكات فاعلة، ضمن توجه ينسجم في أهدافه وتطلعات شعوبنا مع الغرض الذي من أجله عقد هذا اللقاء.

 

القمة الإسلامية: المكان والزمان والتطلعات
خالد بن حمد المالك

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة