ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 14/08/2012 Issue 14565 14565 الثلاثاء 26 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

أما القضية الثالثة التي تناولتها ساحة تويتر والإعلام ليس فقط في هذا الشهر الفضيل بل لسنين، فهي قضية أبناء المواطنات السعوديات من آباء غير سعوديين وحقوقهم في المواطنة مساواة بأبناء خؤولتهم السعوديين.

وكان أقسى تعليق قرأته ولن أذكر من قاله لكي لا يحرج إن كنت قد فهمته خطأ، هو «والله لو كانت البلد فقيرة لما طالبوا بجنسيتها». وقد انفعلت بتعليقه سلبيا ورددت «هذا ما لا يعلم صدقه من عدمه إلا الله سبحانه فهل شققت عن قلوبهم وتأكدت من نواياهم؟ الأقرب: كل يرى الناس بطبع نفسه». وفعلا أن التكهن بنيات العباد لا يعلم به إلا الله سبحانه. ومثل هذا القول لا يدل إلا على ما يدور في نفس قائله. حيث كل يرى الناس بعين نفسه.

بعد أن تخطيت الانفعال الغاضب أن أقرأ مثل هذا التعدي على صدق نيات وانتماء أبناء وبنات السعوديات سمحت لنفسي أن أفكر بهدوء. إن كان ما قلته أنا حقيقة؛ أن كل يرى الآخرين بعين طبعه وينسب لهم ما يشعر به, فما الذي جعل هذا المعلق يشعر بهذا الشعور؟ هل هو يحس به في قرارة نفسه وكل ما يبقيه راغبا في مواطنة هذا البلد هو خيرها المادي؟ أم قد يكون في تجربته الحميمة أقارب أوحوا له بهذا الشعور؟ أم هو متألم من ممارسات ومعتادات أخرى تسبب له هذا النفور من البلد لولا خيرها المادي؟

حقيقة أخرى أن هذه الأرض بكل ضراوة طقسها الطبيعي والاجتماعي تجتذب قرابة عشرة ملايين وافد ووافدة للعمل من خارج البلاد. ولا أشك أن هناك ملايين غيرهم يحلمون بفرصة العمل والبحث عن الرزق في أرجائها.

ومع هذا فمشاعر المواطنين حين يعلنونها تختلف عن الوافدين.

ولا تشي بنفس الشعور بالرضا لا اقتصاديا ولا اجتماعيا!

كثير من عامة المواطنين ومن كل فئات السن والمذاهب والمناطق غير مرتاحين نفسيا للجو السائد الطبيعي والاجتماعي.

وكثير من الشباب يفكرون في الهجرة للعمل في الخارج مؤقتا أو بصورة دائمة. وفي دول الخليج المجاورة مئات الآلاف من شبابنا وشاباتنا آباؤهم سعوديون.. ويتململون..

هل كل ما يربط الفرد بوطنه وأرضه هو الماديات؟

من حق هذا المواطن أن يتساءل بينه وبين نفسه إن كان سيظل وفيا للأرض أو مطالبا بالانتماء إليها لو أنها ارتبطت بالفقر. ألم يهاجر الكثيرون في مواسم الفقر قديما إلى بلاد الشام والعراق وحتى الهند ومصر ثم عادوا بعد انفتاح خزائن الخير ليستمتعوا بالخير المحلي وثراء الطفرة؟ ولم يجد من لم يهاجر في هجراتهم إلى الخارج عيبا ولا في عودتهم خطأ يذمون عليه. وهذا هو الحق فالانتماء حق لمن تجري في عروقه دماء وميراث هذه الأرض.

وميراث هذه الأرض يجري أيضا في عروق أبناء وبنات المواطنات حيث الدم لا يأتي من الأب فقط بل من الأم أيضا والأم أقرب وقد أكدها رسولنا الكريم في وصيته: أمك أمك أمك ثم أباك. ولكن كيف يؤدي ابن وبنت المواطنة هذه الوصية وهم بلا جنسية مطالبون أن تكفلهم أمهم كأجانب لا يملكون لها عونا؟

أبناء المواطنات قضية إنسانية حقوقية قبل أي شيء آخر: فحتى لو تقبلنا منطقيا أن بعضهم القلة يرى في هذه الأرض مجرد بوابة خير مادي, فهو شعور يشترك فيه أغلب من يسعى على هذه الأرض من مواطنين ومقيمين. أما أغلبهم فشعورهم نحو الأرض يتلخص في أنها الأم التي أنجبتهم ويحملون دماءها في عروقهم.

 

حوار حضاري
موسم للدعاء.. الأم والانتماء للأرض
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة