ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 15/08/2012 Issue 14566 14566 الاربعاء 27 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

في أول العشر الأواخر وفي يوم الخميس المبارك رحل من أروقة قلوبنا وغادر دنيانا الفانية إلى الآخرة الباقية رجل من نوادر الرجال: سماحة وخلقا وجودا وإحسانا ذلكم هو الشيخ: عامر بن عواض اللويحق رحمه الله.

لقد عرفته تحت قبة «مجلس الشورى» سنوات عديدة فكان نعم الرجل الفاضل والزميل النبيل والمواطن المخلص. الشيخ عامر اللويحق له من اسمه نصيب فقد «عمَّر» وجدانه بالإحسان وجعل حياته «ملاحقة» لجميل الخلال.

جاء إلى قبة المجلس وهو من رجال الأعمال لكن كان في كل مداخلة يعرضها أو توصية يبادر بها منحازا إلى المواطن البسيط في مطالبه ومعاشه وصحته وتعليمه.

وكم افتقدنا صوته الذي يفيض صدقا عندما غيبه الداء عدة شهر وكم سعدنا عندما عاد إلى المجلس يداخل ويوصي ويشارك, ولكن لم تدم فرحتنا فقد غيبه الداء مرة أخرى حتى انتقل إلى رحمة الله مغادراً ظهر الأرض إلى بطنها عليه رحمة الله.

* * *

لقد كان في أيام صحته يبادر بالاتصال ويسارع بالإجابة لكن عندما أنهكه المرض لم يعد يجاوب أو يرد ولعله لا يريد أن يقلق أحباءه عندما يستمعون إلى صوته الضعيف الذي أخفى وهجه عناء الداء رحمه الله رحمة واسعة لقد كانت آخر محاولة اتصال مني على جواله يوم 15 رمضان كنت أتطلع أن يرد - وأنا أعرف داءه - لكن قلت في نفسي: الله قادر على الشفاء.. وبعد خمسة أيام جاءتني رسالة الوفي اللواء عبدالقادر كمال تفيدني برحيله مخلفة في وجداني وفي قلوب محبيه ألم الفراق.

* * *

لقد كان أسكنه الله الجنة عنوانا للكرم ورمزاً للسخاء وكان مبلغ سعادته عندما يجمع الناس في منزله العامر كاسمه وكان أكثر ما يكون فرحا وبشرا وابتساما عندما يكون الأحباب بين جنبات بيته بل بين ضفاف قلبه لكأن

الشاعر يعنيه عندما قال:

«تراه إذا ما جئته متهلِّلا

كأنك تعطيه الذي أنت سائله»

* * *

أما في فضاءات الإحسان والتصدق فقد كان الحريص على ألا يعلم أحد عنها.. ولكن كان يخفى محاسنه والله يظهرها! لقد علمت من أقرب الناس إليه عنه أنه: كان يكفل الأيتام، وينفق على بيوت ويجبر عثرات الغير ويسهم في دعم العديد من المراكز الخيرية، والجمعيات الإنسانية, وهذا هو بقي له كما قال أخي د. راشد الكثيري ونحن نتذاكر خصاله في إحدى ليالي العزاء بمنزله.

أجل هذا ما بقي له وهذا هو عزاء أبنائه وبناته وأسرته وأقاربه وكافة محبيه.. لعل دعوات تصعد إلى السماء بعد رحيله من «محتاج» قضى حاجته أو «فقير» طرد فقره أو «يتيم» رحم ضعفه فيستجيب الله لهذه الدعوات الصادقة فيكرمه ربه في نعيم الأخرى.. ألم يقل الوزير خالد البرمكي لجار له رآه بالمنام بعد وفاته: «لقد أكرمني ربي بدعوة سفيان بن عيينة» وكان الإمام الزاهد سفيان يدعو بصلاته بعد وفاة يحيى (اللهم إن يحيى كفاني أمر دنياي فاكفه اللهم أمر آخرته).

* * *

لكم كنت سمحا رحمك الله بتعاملك قريبا من إخوانك محفزاً لكل عمل - ولو كان متواضعا - يقوم به زميل أو صديق.. لقد عدت إلى «وريقات» كنت ترسلها إلى محبك ونحن في قاعة المجلس تثمَّن فيها مداخلة أو تحمل تعليقا، وإن هذه لمن سجايا الأخيار الذين نبذوا الأنانية فهم يفرحون بجهد الآخرين وعطائهم مادام يخدم دينهم ووطنهم ومواطنيهم.

* * *

لقد ختم الله لك - يا شيخنا الغالي - بأجمل ختام فقد طهرك المرض بحول الله من كل الآثام، وقد غادرنا في خير الأيام, وقد حضر جنازتك جمع لا يحصى من الأنام, وتمت الصلاة عليك في يوم الجمعة أفضل أوقات العام.

أيها الراحل الغالي: لقد أبقيت ذكراً عاطراً, وخلفت أولادا صالحين بحول الله ذكورا وبناتا وإنني لمتفائل بأن يُبقي أبناؤك الفضلاء وبناتك الكريمات وأسرتك وإخوتك.. ان يبقوا ذكرك الجميل والأهم استمرار جريان نهر الأجر لك بقيامهم ببعض ما كنت تقوم به وتسديه من المكارم والإحسان والرأفة بالضعفاء، وأدرك ويدركون أن ما كنت تقوم به «كبير جداً» كما قال أحد أبنائك وأنا أتحاور معه عنك, ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.. فليبق اسم « عامر اللويحق» عامراً بالذكر والإحسان فإن كان رحل بجسده فليبق اسمه ومكارمه.

اللهم كما جمعنا بحبيبنا عامر اللويحق على مقاعد متجاورين فاجمعنا به ووالدينا وكل أحبابه في جنة المأوى على سرر متقابلين ولله ما أخذ ولله ما أعطى وصدق القائل جلّ في علاه {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً}, هذا أكبر عزاء وأعظم مواساة من مالك الأعناق ورب الأرواح القائل{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} اللهم ارحم فقيدنا الغالي أبا سعود «عامر اللويحق» واجعل قبره روضة من رياض الجنة.. آمين.

hamad.alkadi@hotmail.com
فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi
 

ورحل الشيخ عامر اللويحق رجل السماحة والمكارم والإحسان
حمد بن عبد الله القاضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة