ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 15/08/2012 Issue 14566 14566 الاربعاء 27 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

المملكة العربية السعودية منذ نشأتها أخذت على عاتقها الاهتمام بشؤون الإسلام والمسلمين
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يسير على المنهج المبارك للمِّ شمل العرب والمسلمين

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الرياض - واس:

التئم شمل قادة الأمتين العربيَّة والإسلاميَّة بأخيهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بجوار بيت الله الحرام في مكة المكرمة أمس واليوم الأربعاء في قمة التضامن الإسلامي التي تستضيفها المملكة العربيَّة السعوديَّة.

وقد حرص قادة المملكة العربيَّة السعوديَّة على بذل أقصى الجهود للمِّ الشمل العربي والإسلامي والعمل على وحدة الصف وتوحيد الكلمة لمواجهة التحدِّيات التي توجه الأمة الإسلاميَّة وحرصهم على تعزيز التكاتف والتلاحم بين أبناء الأمة الواحدة في هذا الوقت الدقيق الذي تمرّ به الأمة الإسلاميَّة.

جهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للمِّ شمل الأمة وتوحيد مواقفها تجاه مختلف القضايا

اطلعت المملكة العربيَّة السعوديَّة عبر تاريخها بدور توفيقي رائد الهدف منه التضامن العربي والإسلامي ووحدة الصف وكرَّست كل جهودها من أجل أن تلتقي إمكانات هذه الشعوب وقدراتها وتتبلور حول مصالحها العليا. وسار قادة المملكة على هذا المنهج عبر مراحل هذه الدَّولة منذ أن أسسها ودعم أركانها الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وسيبقى هذا النهج إن شاء الله على مختلف الأصعدة لخدمة دين الله وإعلاء شأن المسلمين أينما كانوا.

ونهض خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بدور متميز وكبير على جميع الساحات منذ كان -رعاه الله- وليًّا للعهد مجسِّدًا بثاقب بصره المنطلقات الإسلاميَّة والأخلاقيَّة لهذه البلاد التي تؤيد وحدة العمل الجماعي وأهميته في توحيد جهود الأمة وجمع شتاتها وتعزيز مواقفها إزاء التحدِّيات والأخطار التي تواجهها.

وكان للمملكة العربيَّة السعوديَّة سياسة ثابتة تجاه الأشقاء ترتكز على إقامة علاقات متوازنة مع كل الأشقاء ما عزز دورها الواضح والفاعل في القيام بدور الوسيط المخلص والنزيه لحلِّ الخلافات وتسوية المشكلات التي تقع بين بعض الدول العربيَّة إيمانًا من المملكة بتوحيد الكلمة ورأب الصدع وتكريس الجهود لبناء حاضر الأمة العربيَّة ومستقبل وتوحيد الهدف لتحقيق ما تصبو إليه من رفعة ومجد.

فعندما تم تشكيل لجنة لتنقية الأجواء العربيَّة في مؤتمر القمة العربي الطارئ الذي عقد في المغرب في شهر أغسطس عام 1985م، تم اختيار الملك عبد الله بن عبد العزيز (كان وليًّا للعهد آنذاك) لرئاسة لجنة تنقية الأجواء العربيَّة لما عرف عنه -حفظه الله- من حب للخير وسعى لرأب الصدع والتوفيق بين الأشقاء وثقته الكاملة في قدرة الأمة العربيَّة على تحقيق أهدافها من خلال التعاون والتضامن لبلوغ أهدافها وتحقيق طموحاتها.

وفي هذا الإطار قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بجولات مكوكية بين الأردن وسوريا وبين العراق وسوريا لرأب الصدع وأثمرَّت تلك الجهود عن تقريب وجهات النظر ولم الشمل وتنقية الأجواء بين تلك البلدان. وقال -أيده الله- في بيان صحفي خلال جولاته المكوكية بين الدول العربيَّة: لقد كنا أمس في أرض الكنانة واليوم في دمشق الأبية وغدًا إن شاء الله في لبنان الصمود وما سعينا هذا السعي إلا لنحمل لأشقائنا هنا وهناك هموم اُمَّتنا العربيَّة وآمالها وتطلعاتها ونتبادل معهم المشورة والرأي مستهدفين لمِّ الشمل وتوحيد الصف في هذه الظروف الصعبة التي تحمل في أحشائها أعظم المخاطر والتحدِّيات التي لا يعلم مداها إلا الله، وبالرغم ممَّا تشهده اُمَّتنا العربيَّة وتقاسيه من عدوان وجور واستفزاز يهز كل مقدرة على الصبر والحلم والاحتمال في نفس الإنسان رغم ذلك كلّه ستظل شمعة الأمل والتفاؤل حية متقدة ولن تطفئها أعاصير التشاؤم والاستفزاز مهما عتت، وسيظل إيماننا راسخًا بحول الله وعونه بأن الحق لن يغلبه باطل وأن قطار السلام سيواصل سيره حتَّى يبلغ منتهاه ولن تعيقه إن شاء الله عقبات أو عوائق مهما بلغت.

خادم الحرمين الشريفين رغبة صريحة لإصلاح البيت العربي

تميز خادم الحرمين الشريفين بصراحته ورغبته في تعزيز العلاقات العربيَّة، وإصلاح البيت العربي، وقد بذل جهودًا مؤثِّرة من أجل اللحمة العربيَّة ولعلَّ كلمته التي ألقاها في قمة الكويت العربيَّة لاتزال تؤتي ثمارها في ثبات وحدة الصف العربي، فقد لمس الجميع حرصه وألمه لحال أمته.

لم تغب القضايا العربيَّة والإسلاميَّة عن ذهن خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وهو يخاطب قادة دول مجلس التعاون في أي قمة من القمم الخليجيًّة فهي كانت حاضرة دائمة في خطابه ولها نفس الاهتمام منه شأنها شأن القضايا الخليجيًّة فقد كان -أيده الله- ينادي دائمًا بالوحدة العربيَّة وحلِّ الخلافات بينها ونبذ الفرقة ووحدة الصف العربي لمواجهة التحدِّيات والأخطار التي تحيط بالأمتين العربيَّة والإسلاميَّة وينادي دومًا بحلِّ القضية الفلسطينية حلاً عادلاً لأنّه السبيل الوحيد لإحلال السلام في المنطقة.

القضية الفلسطينية تتصدر اهتمام القيادة الرشيدة

ومن أهم القضايا التي تصدرت اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -أيده الله- وشكلت حيزًا كبيرًا في كلماته في دورات المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي القضية الفلسطينية وقضية القدس.

ففي الدورة التاسعة عشرة للمجلس التي عقدت في أبوظبي في 18 شعبان 1419هـ الموافق 7 ديسمبر 1998م أكَّد -حفظه الله- أن قضية القدس هي قضية كل عربي مسلم في كافة أنحاء المعمورة.

وقال -أيده الله-: «إن الحفاظ على هوية القدس الشريف واجب مقدس يحتم علينا التحرك في كلِّ ميدان كما أن حماية القدس أمر لا يهم المسلمين وحدهم ولا الدول الأعضاء في الأسرة الدوليَّة وإنما يتجاوزه إلى كل إنسان حي الضمير».

وفي الدورة الحادية والعشرين التي عقدت في المنامة في 4 شوال 1421هـ الموافق 30 - 12 - 2000م عاد خادم الحرمين الشريفين ليؤكد اهتمامه بهذه القضية من جديد، حيث قال: مازلنا نواجه على الساحة السياسية نفس القضايا التي شغَّلت حيزًا كبيرًا من اهتمامنا وشكلت مصدرًا مستمرًا للتوتر وعدم الاستقرار في منطقتنا ويأتي في مقدمة هذه القضايا القضية الفلسطينية والوضع المتفاقم في الأراضي المحتلة والناجم عن العدوان الوحشي المستمر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني الباسل.

وأكَّد -حفظه الله- أن عملية السلام لا يمكن أن تقوم لها قائمة ما لم يتحرَّك المجتمع الدولي لوضع حدٍ للتجاوزات الإسرائيليَّة الخطيرة.

وفي القمة الثانية والعشرين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي التي عقدت في مسقط في 15 شوال 1422هـ الموافق 30 ديسمبر 2001م قال -حفظه الله-: «إذا ما حولنا نظرنا صوب اُمَّتينا العربيَّة والإسلاميَّة راعنا ما يحدث لأشقائنا في فلسطين الشقيقة من تدمير ومذابح دامية تتم تحت سمع العالم وبصره».

وأضاف أن هذه المشاهد الأليمة تحتم على الأمتين العربيَّة والإسلاميَّة في مشارق الأرض ومغاربها أن تواجه مسئوليتها التاريخية التي تتطلب محاسبة النَّفس قبل محاسبة الغير ولا يكون ذلك إلا بمواجهة أسئلة ملحة وخطيرة طالما تهربنا من مواجهتها في الماضي. ومضى الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- يقول: «ماذا فعلنا نحو تحقيق المبادئ السامية التي قامت عليها جامعة الدول العربيَّة؟ ماذا فعلنا لتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك؟ ماذا فعلنا لتحقيق الوحدة الاقتصاديَّة؟ والسؤال الأهم: هل ما يدور الآن في فلسطين من قمع دموي سيحدث لو أن إسرائيل وجدت أمامها أمة تتحرَّك عبّر مؤسسات فاعلة وقوية مؤثرة؟.

أحسب أننا نطرح هذه الأسئلة نتلمس طريقنا إلى الأجوبة ومع الأجوبة الصحيحة نستطيع -بحول الله وقوته- الوصول إلى أهدافنا الصحيحة. وأضاف أن وقتنا أثمن من أن نضيعه في استجداء الدول والمنظمات الدوليَّة واستعطافها وقد فعلنا هذا عبر عقود طويلة من الزمن بلا جدوى وجهدنا أثمن من أن نهدره في شجب واستنكار وقد قمنا بهذا عبر عقود طويلة بلا فائدة، أن وقتنا كلّه يجب أن يكرَّس لمحاسبة النَّفس العربيَّة والإسلاميَّة على التقصير وحثّها على عدم تكرار الخطأ، وإن جهدنا كلّه يجب أن ينصب على إصلاح البيت العربي والإسلامي وجعله قادرًا على مواجهة التحدِّيات، وأحسبنا لا نتجاوز الحقيقة إذا اعترفنا أننا جميعًا ولا استثنى أحدًا بأننا أخطأنا في حق اُمَّتنا الكبرى حين سمحنا لعلاقتنا العربيَّة والإسلاميَّة أن تكون قائمة على الشك وسوء الظّن بدلاً من المفاتحة والمصارحة.

إعلان المصالحة العربيَّة

لقد جاء إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- عن المصالحة العربيَّة وطي صفحة الخلافات خلال الكلمة التي ألقاها في القمة العربيَّة الاقتصاديَّة التي عقدت في دولة الكويت في الثاني والعشرين من شهر محرم 1430هـ الموافق التاسع عشر من شهر يناير 2009 م. ليكرِّس نهجه -أيده الله- ـ في حلِّ الخلافات العربيَّة ـ العربيَّة وحرصه على وحدة الصف والتضامن لمواجهة الأخطار التي تواجه الأمة العربيَّة.

وكانت مبادرته -حفظه الله- تاريخية بحجم التحدِّيات المصيرية التي تواجه الأمة ومفاجأة سياسية قلبت طاولة الخلافات العربيَّة - العربيَّة على أعقابها وأقامت على أنقاضها صرحًا جديدًا للتصالح والتعاون بين قادة الأمة الذين باعدت بينهم تدخلات الأطراف الخارجيَّة في الشأن العربي.

وهذا الموقف سبق أن عبّر عنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- في الكلمة التي ألقاها في القمة العربيَّة العاديَّة التاسعة عشرة التي استضافتها المملكة العربيَّة السعوديَّة في شهر مارس 2007م، حيث قال والسؤال: ماذا فعلنا طيلة هذه السنين لحلِّ كل ذلك؟.

لا أريد أن ألقي اللوم على الجامعة العربيَّة، فالجامعة كيان يعكس أوضاعنا التي يراها بدقة، أن اللوم الحقيقي يقع علينا نحن قادة الأمة العربيَّة، فخلافاتنا الدائمة، ورفضنا الأخذ بأسباب الوحدة، كل هذا جعل الأمة تفقد الثقة في مصداقيتنا، وتفقد الأمل في يومها وغدها.

وأضاف -أيده الله- أن الفرقة ليست قدرنا، وإن التخلف ليس مصيرنا المحتوم، فقد منحنا الله جلَّت قدرته الكرامة، وخصنا بعقول تستطيع التفرقة بين الحق والباطل، وضمائر تميز الخير من الشر، ولا ينقصنا إلا أن نطهر عقولنا من المخاوف والتوجس، فلا يحمل الأخ لأخيه سوى المحبة والمودة ولا يتمنى له إلا الخير الذي يتمناه لنفسه.

ومضى خادم الحرمين الشريفين يقول: إنني رغم دواعي اليأس مليء بالأمل، وبالرغم من أسباب التشاؤم متمسك بالتفاؤل، وبالرغم من العسر أتطلَّع إلى اليسر إن شاء الله، أن أول خطوة في طريق الخلاص هي أن نستعيد الثقة في أنفسنا، وفي بعضنا البعض، فإذا عادت الثقة عادت معها المصداقية، وإذا عادت المصداقية هبت رياح الأمل على الأمة، وعندها لن نسمح لقوى من خارج المنطقة أن ترسم مستقبل المنطقة، ولن يرتفع على أرض العرب سوى علم العروبة.

وخاطب -حفظه الله- القادة العرب قائلاً: إني أدعوكم، وأبدأ بنفسي إلى بداية جديدة، تتوحد فيها قلوبنا، وتلتحم صفوفنا، أدعوكم إلى مسيرة لا تتوقف إلا وقد حققت الأمة آمالها في الوحدة والعزة، والرخاء، وما ذلك على قدرة العلي القدير، ثمَّ على عزائم الرجال المؤمنين بعزيز. ولم تتوقف جهود خادم الحرمين الشريفين على إعلان المصالحة وطي صفحة الخلافات، وجمع بعض قادة الدول العربيَّة المعنية في لقاء خاص على هامش القمة العربيَّة الاقتصاديَّة في الكويت فحسب، بل واصل -رعاه الله- جهوده عبر الاتصالات الهاتفية، وصولاً إلى القمة العربيَّة المصغرة التي عقدت في مدينة الرياض في الرابع عشر من شهر ربيع الأول الماضي الموافق 11 مارس برعاية خادم الحرمين الشريفين وحضور رئيس جمهورية مصر العربيَّة، ورئيس الجمهورية العربيَّة السوريّة، وسمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، تلك القمة التي وصفها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجيَّة بأنها أذابت الجليد في العلاقات العربيَّة البينية.

وفي هذا السياق عبّر سمو وزير الخارجيَّة في البيان الصحفي الذي تلاه في مستهل المؤتمر الصحفي الذي عقده في الرياض يوم الأحد 18ربيع الأول 1430هـ الموافق 15 مارس 2009م عن ارتياح المملكة لنتائج قمة الرياض الرباعية العربيَّة، وقال سموه: إذا كان لقاء عدد من القادة العرب في مقر إقامة خادم الحرمين الشريفين في الكويت هدف إلى كسر الجليد في العلاقات العربيَّة البينية يمكنني أن أصف لقاء الرياض بأنه لقاء إذابة الجليد.

وأضاف سموه من المهم الإشارة إلى أن اللقاء رسخ القناعة القوية لدى القادة بأهميَّة نبذ أسباب الفرقة والخصام في العمل العربي المشترك وحلِّ المشكلات المتراكمة عبر الحوار والتشاور وتحقيق التكاتف في خدمة قضايانا المصيرية.

قمة الكويت ومبادرات خادم الحرمين الشريفين التاريخية

وأثبت الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -أيده الله- عبر الموقف والمبادرة التي أعلنها في قمة الكويت الاقتصاديَّة بأنه رجل تاريخي نظر إلى مصلحة الأمة العربيَّة وغلب المصلحة العليا للعرب والقضية الفلسطينية.

وكان خادم الحرمين الشريفين كبيرًا في موقفه الذي أعلن فيه تجاوز مرحلة الخلاف وفتح باب الإخوة العربيَّة والوحدة لكل العرب بلا استثناء أو تحفظ ومواجهة المستقبل نابذين خلافاتنا صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص مستشهدين بقوله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، وهذا هو نهج المملكة العربيَّة السعوديَّة عبر تاريخها إذ اضطلعت بدور توفيقي رائد الهدف منه التضامن العربي والإسلامي ووحدة الصف وكرَّست كل جهودها من أجل أن تلتقي إمكانات هذه الشعوب وقدراتها وتتبلور حول مصالحها العليا.

وسار قادة المملكة على هذا المنهج عبر مراحل هذه الدَّولة منذ أن أسسها ودعم أركانها الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وسيبقى هذا النهج إن شاء الله على مختلف الأصعدة لخدمة دين الله وإعلاء شأن المسلمين أينما كانوا.

وكان لنهج المملكة العربيَّة السعوديَّة سياسة حكيمة وثابتة في إقامة علاقات متوازنة مع كل الأشقاء دورها الواضح والفاعل في القيام بدور الوسيط المخلص والنزيه لحلِّ الخلافات وتسوية المشكلات التي تقع بين بعض الدول العربيَّة إيمانًا من المملكة بتوحيد الكلمة ورأب الصدع وتكريس الجهود لبناء حاضر الأمة العربيَّة ومستقبل وتوحيد الهدف لتحقيق ما تصبو إليه من رفعة ومجد.

ومن يعود بالذاكرة إلى الوراء يستذكر الجهود والإنجازات التي حققها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ كان وليًّا للعهد حتَّى الآن على مستوى العلاقات العربيَّة ـ العربيَّة بحلِّ الخلافات والتقريب بين وجهات النظر العربيَّة، حرصًا منه -أيده الله- على السمو بالعلاقات العربيَّة فوق كل اختلاف لا يخدم سوى أعداء الأمة العربيَّة التي هي أحوج ما تكون إلى وحدة الصف والتضامن لمواجهة التحدِّيات السياسية والأمنيّة والاقتصاديَّة.

مبادرة خادم الحرمين الشريفين للسلام

(المبادرة العربيَّة)

وفي هذا السياق تبرز مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للسلام التي عرفت فيما بعد بالمبادرة العربيَّة للسلام بعد أن أقرّت في القمة العربيَّة العادية التي عقدت في بيروت العام 2002 م، معلنة أن السلام العادل هو خيارها الإستراتيجي والانسحاب الكامل من الأراضي العربيَّة المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو - حزيران - 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، وحلّ عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقًا لقرار الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة رقم 194، وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

وعلى المستوى والصعيد الإسلامي تبرز الدعوة التي وجّهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى إخوانه قادة الأمة الإسلاميَّة لعقد قمة إسلاميَّة استثنائية في مكة المكرمة وعقدت برئاسته -حفظه الله- في مكة المكرمة يومي 5 و6 من ذي القعدة 1426هـ الموافق 7 و8 ديسمبر 2005م تنبع من قناعة المملكة وعدد من قادة الدول الإسلاميَّة بأهميَّة تفعيل العمل الإسلامي المشترك وتبنى قادة الأمة الإسلاميَّة «بلاغ مكة» وبرنامج العمل العشري لمواجهة تحدِّيات الأمة الإسلاميَّة في القرن الحادي والعشرين.

وقال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- في كلمته التي افتتح بها أعمال القمة: إن الوحدة الإسلاميَّة لن يحقِّقها سفك الدماء كما يزعم المارقون بضلالهم فالغلو والتطرف والتكفير لا يمكن له أن ينبت في أرض خصبة بروح التسامح ونشر الاعتدال والوسطية وهنا يأتي دور مجمع الفقه الإسلامي في تشكيله الجديد ليتصدى لدوره التاريخي ومسؤوليته في مقاومة الفكر المتطرف بكلِّ أشكاله وأطيافه، كما أن منهجية التدرج هي طريق النجاح الذي يبدأ بالتشاور في كلِّ شؤون حياتنا السياسية والاقتصاديَّة والثقافيَّة والاجتماعيَّة للوصول إلى مرحلة التضامن -بإذن الله- وصولاً إلى الوحدة الحقيقية الفاعلة المتمثِّلة في مؤسسات تعيد للأمة مكانها في معادلات القوة.

وأضاف -أيده الله- أن طبيعة الإنسان المسلم تكمن في إيمانه ثمَّ علمه ومبادئه وأخلاقه التي قال عنها نبي الرحمة: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ولعلكم تتفقون معي على أن الارتقاء بمناهج التَّعليم وتطويرها مطلب أساسي لبناء الشخصيّة المسلمة المتسامحة للوصول إلى مجتمع يرفض الانغلاق والعزلة واستعداء الآخر متفاعلاً مع الإنسانيّة كلّها ليأخذ ما ينفعه ويطرح كل فاسد. وقال -رعاه الله-: إنه لمن المؤلم أن نرى كيف تداعت حضارتنا المجيدة من مراقي العزِّ إلى سفوح الوهن وكيف عاث فكر العقول المجرمة مفسدًا في الأرض وكيف تحوَّلت اُمَّتنا الواحدة بشموخها وكبريائها إلى كيانات مستضعفة إلا أن المؤمن القوى بربه لا يقنط من رحمته فمن ظلام الليل يشع نور الفجر ومن قسوة الألم يشرق الخلاص فليكن إيماننا بالله القادر المقتدر دافعًا قويًّا لنثق في اُمَّتنا شعوبًا وقادة ولنودع عهد الفرقة والشتات والضعف ونستقبل عهدًا من‌الوحدة والقوة والعزة بالتوكل على الله ثمَّ الصبر والعمل.

وأعرب الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- عن تطلعه إلى أمة إسلاميَّة موحدة وحكم يقضى على الظُّلم والقهر وتنمية مسلمة شاملة تهدف للقضاء على العوز والفقر، كما أتطلَّع إلى انتشار الوسطية التي تجسِّد سماحة الإسلام وأتطلَّع إلى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة والى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لأخرته دون إفراط أو تفريط.

وأكَّد خادم الحرمين الشريفين أن النهضة يصنعها أمل يتحول إلى فكرة ثمَّ إلى هدف واُمَّتنا قادرة على تحقيق أهدافها مستعينة بالله وحده مطمئنة إلى قوله الكريم: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ووعده جلّّ جلاله، {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ .

خادم الحرمين الشريفين تميز في توحيد جهود الأمه

لقد نهض خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- بدور متميز وكبير على جميع الساحات منذ كان -رعاه الله - وليًّا للعهد مجسِّدًا بثاقب بصره المنطلقات الإسلاميَّة والأخلاقيَّة لهذه البلاد التي تؤيد وحدة العمل الجماعي وأهميته في توحيد جهود الأمة وجمع شتاتها وتعزيز مواقفها إزاء التحدِّيات والأخطار التي تواجهها لتنصب رؤية خادم الحرمين وجهوده في سبيل إيجاد حلول للمشكلات التي تتربص بالأمة العربيَّة.

وجاء فوز خادم الحرمين الشريفين بجائزة الملك فيصل العالميّة لخدمة الإسلام العام 1428هـ - 2008م ليؤكد الدور العظيم الذي يقوم به -حفظه الله- لخدمة الإسلام والمسلمين في كلِّ مكان وزمان.

وفي هذا السياق قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رعاه الله- في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الرابعة لمجلس الشورى بتاريخ 3 ربيع الأول 1427 هـ: إن منهجنا الإسلامي يفرض علينا نشر العدل بين الناس لا نفرق بين قوي وضعيف وأن نعطي كل ذي حق حقه ولا نحتجب عن حاجة أحد فالناس سواسية فلا يكبر من يكبر إلا بعمله ولا يصغر من يصغر إلا بذنبه.

وأضاف -حفظه الله- أن ديننا الإسلامي يعلِّمنا أن المؤمنين إخوة وسوف نسعى بإذن الله إلى ترسيخ روابط هذه الإخوة متأمَّلين أن تجتمع كلمة العرب والمسلمين وتتوحد صفوفهم ويعودوا قادة للحضارة وللبشرية وما ذلك على الله بعزيز.

ومضى الملك المفدى قائلاً: إننا نرتبط بأشقائنا العرب بروابط اللِّسان والتاريخ والمصير وسوف نحرص دومًا على تبنى قضإياهم العادلة مدافعين عن حقوقهم المشروعة خاصة حقوق أشقائنا الفلسطينيين آملين أن يتمكن العرب بالعزيمة الصادقة من الخروج من ليل الفرقة إلى صبح الوفاق فلا عزة في هذا العصر بلا قوة ولا قوة بلا وحدة.

وفي سياق متصل قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رعاه الله- في كلمته خلال حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلاميَّة ورؤساء بعثات الحج الذين يؤدون فريضة حج عام 1429- 2008م في موسم الحج الماضي حدثتكم عن أهميَّة الحوار بين أتباع الأديان، حيث دعت المملكة العربيَّة السعوديَّة إلى لقاء بين المسلمين في مكة المكرمة لمناقشة فكرة الحوار شارك فيه علماء ومفكرو الأمة الإسلاميَّة وأسفر عن الترحيب بالفكرة وتأصيلها تأصيلاً شرعيًّا وأعقب ذلك مؤتمر عالمي في مدريد ضم ممثلين عن الأديان والثقافات واستعرض ما صدر عن لقاء مكة وأصدر بيانًا مرحبًا بالفكرة ودعا إلى تطويرها، كما شهدت الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة اجتماعًا عالي المستوى حضره العديد من قادة العالم البارزين، حيث باركت الأسرة الدوليَّة بأكملها فكرة الحوار.

ومضى -رعاه الله- قائلاً: «اليوم نحن بحاجة إلى حوار الأمة مع نفسها فالفرقة والجهل والغلو عقبات تُهدِّد آمال المسلمين.

كلمات مشرقة في سبيل الوحدة

وفي السياق ذاته قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -أيده الله- في كلمته إلى حجاج بيت الله الحرام في 11 من ذي الحجة 1431هـ الموافق 17 نوفمبر 2010م: أدعو إخواني قادة وشعوب الدول العربيَّة والإسلاميَّة إلى الاعتصام بحبل الله جميعًا، ونبذ دواعي الفرقة والتحزب؛ لتفويت الفرص على أعداء الأمة المتربصين.

ومضى الملك المفدى قائلاً: نحن بحاجة إلى حوار الأمة مع نفسها لنبذ الفرقة والجهل والغلو التي تشكل عقبات تُهدِّد آمال المسلمين».

إن عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - رعاه الله - يحفل بتاريخ مشرف بمد يد العون للمسلمين في جميع أصقاع المعمورة انطلاقًا من فكرة التضامن الإسلامي فتولى رعاية وعناية كبيرة بالأقليات الإسلاميَّة ونصرة المسلمين في أي بقعة من بقاع العالم وتتبنى قضياهم ومساعدتهم ومد يد العون لهم، فالمملكة تتصدر جميع بلدان العالم في حجم المساعدات الماليَّة التي تقدمها باستمرار إلى الدول العربيَّة والإسلاميَّة والأقليات المسلمة في دول العالم كافة وفق التقارير الدوليَّة بهذا الصدد، ويتحقق ذلك من خلال الاهتمام والعناية برعاية الهيئات والمنظمات الإسلاميَّة وإنشاء المراكز الإسلاميَّة والدعويَّة والتعليميَّة، لتتمتع بخصوصية فريدة بين دول العالم الإسلامي.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة