ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 16/08/2012 Issue 14567 14567 الخميس 28 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كتبت مقالاً عن “حسين العلي.. النموذج الرائع للإنسان السعودي في هيوستن” وكان من المفترض أن أنشره بعد مقال الخميس 14 رمضان 1433هـ “المرضى السعوديون في هيوستن والعمل التطوعي المتميز” ولكنني تراجعت في اللحظات الأخيرة لأسباب عدة أهمها الذاتية والشخصية فيما كتبت، ولكن كاتب “الوطن” المعروف عبد الله المغلوث في مقاله (أسعد.. رجل في الرياض) المنشور السبت 23 رمضان، أعاد ما كتبت عن “العلي” من الحفظ ليرى النور من جديد.

لقد استثار “المغلوث” همتي خاصة حين قال في ثنايا ما كتب: (... ثمة مسؤولية على عاتقنا جميعاً في إشاعة التجارب المضيئة كالتي يجسدها هذا النبيل وزوجته لندرك أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وأننا وحدنا من نصنع نهايتنا. فما دمنا على قيد الحياة ما زال بوسعنا أن ننير ونستنير وأن ننجح ونفلح).

لقد ذكر لنا صاحبي - الذي كنا في زيارته بمجمع تكساس الطبي- حين كان يتحدث عن حياته في المستشفى نماذج رائعة لمرضى قابلهم كانوا وما زالوا يرقدون على الأسرة البيضاء في هذا المجمع الضخم.. قال لنا بالحرف الواحد إن من بين النماذج التي لفتت انتباهي شاب سعودي له الآن خمسة عشر عاماً تقريباً يخضع للعلاج المكثف، وهو بمثابة العمدة لنا في هيوستن.. أبلغته عن زيارتكم وهو حريص على رؤيتكم.. لابد أن نقابله.. سألته عن اسمه، وما هي حكايته؟ فقال: (إنه “حسين العلي” من أهل الغاط،، تخرج “أبو علي” قبل ما يقارب العشرين عاماً.. وعمل فور تخرجه معلماً لمادة الرياضيات في منطقته التعليمية، وبعد مضي سنتين من حياته العملية وفي الوقت الذي كان يبحث فيه عن زوجة صالحة أصيب بمرض السرطان - شفاه الله وعفاه - فتغيرت الحياة في وجهه، وتكسرت كل الآمال والطموحات لحظة علمه بالمرض الذي ألم به فجأة.. بدأ مرحلة العلاج في مستشفيات المملكة وبعد ما يقارب السنتين أٌضطر للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة برنامجه العلاجي الذي بدأ به.. رزقه الله بامرأة صالحة صابرة محتسبة اختارت أن تتزوج به وهي تعلم بحاله وصعوبة المرحلة التي وصل إليها فهي من أقاربه، واستطاعت منذ لحظة زواجه بها وحتى اليوم أن تشاطره هموم الحياة وتساعده على عناء المرض وصعوبة الغربة وتٌصبره على مرارة الألم وتبعث بين حناياه الأمل بعد توفيق الله وعونه).. وبالفعل التقينا بـ”أبي علي” من الغد ووجدته كما تحدث عنه صاحبي بل أكثر من ذلك، فهو رغم كل ما مر به وما هو فيه من حال رجل متفائل بالحياة يتقد حيوية ونشاطاً - ما شاء الله تبارك الله -، يعرفه جل السعوديين بل العرب والمسلمون المتواجدون في هيوستن، يساعد هذا ويرشد ذاك ويتواصل مع الثالث ويكرم الرابع ويسهل مهمة الخامس ويهاتف أهل الطالب المبتعث إذ رأى اعوجاجا لا يمكن السكوت عنه، و... أعمال خيرية عدة يقوم بها طَواعية وبكل سرور وهو في رحلة علاجية لا يعلم متى تنتهي.. تساعده زوجته الصابرة المحتسبة في كل خطوة من خطواته وتشجعه وتبارك أعماله وتشكره قبل الناس.. حكى لنا هذا الرجل الإنسان وبحرقة لا نظير لها عن مفهوم وواقع العمل التطوعي في المملكة مقارنة بما هو في هيوستن، ضارباً المثل بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمصابين.. تحدث عن حكايته مع المرضى والسنوات التي قضاها في أروقة المستشفى.. ولكون مريض السرطان يخضلعلاج مكثف طويل المدى ويمكن أن يبقى تحت الملاحظة ويسمح له بالخروج لفترات قصيرة مع المتابعة اللحظية، فقد كان هذا الرجل وما زال على وصال دائم مع كثير من الطلاب والمرضى والمرافقين المتواجدين في تكساس عامة وهيوستن خاصة، ولذا لم أتعجب من معرفته لعدد من الأشخاص الذين درسوا في الجامعات الأمريكية في الولاية التي يرقد في أهم مدنها أو الذين شاء الله إصابتهم بهذا الداء وتلقوا العلاج في هذا المجمع الطبي المتميز، ليس هذا فحسب، بل كان يعرف الأطباء والموظفين ويسهل على المراجعين أمورهم ويتابع مواعيدهم ويتواصل معهم بشكل دائم.

إن من يعرف تفاصيل الوضع الصحي لهذا الرجل يتوقع أنه جزماً سيظل عاجزاً عن العطاء مستسلماً لليأس فاقداً لذة الحياة، ولكن من يجلس إليه ويستمع إلى حكاياته يرى العجب ويوقن أننا بالفعل نحن من نصنع النهايات.. ونحن من يبعث الأمل في نفوسنا ونجعله يشع على غيرنا ممن نقابلهم في شارع الحياة.. ونحن من يضيف إلى قائمة الأسماء في جواله رصيداً جديداً من الصداقات الخالصة لله بحثاً عن الأجر ورغبة فيما عند الرب الذي بيده الأقدار.

قبلة.. على جبينك أيها الرجل الأنموذج وعذراً على اختراق خصوصيتك دون إذن مسبق منك وشكراً أبا مصعب على أن أتحت لي فرصة رؤية مثل هذه النماذج الرائعة التي لا تنسى، ولكما ولكل مريض.. دعاء صادق في هذه الليالي المباركة بأن يعجل الله بشفائكم، وأن يجعله شفاء لا يغادرسقما، وأن يعيدكم إلى الأهل والأحباب والأصحاب سالمين غانمين، وأن يعينكم على ما أبٌليتم به، وأن يهون عليكم غربتكم وأوجاعكم،، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود وعيدكم مبارك.. وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
أسعد «رجل» في الرياض وحسين العلي «م.رجال»” في هيوستن
د.عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة