ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 16/08/2012 Issue 14567 14567 الخميس 28 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

إن طريق التقدم الاقتصادي عمادة النهوض بالمشروعات الإنتاجية، وطريق التقدم الثقافي والمعرفة العلمية عمادة النهوض بالتعليم وتطوير المناهج والأساليب والوسائل التربوية، غاية ذلك كله هو بناء الغنسان الصالح الذي هو أساس المجتمع الناهض الراقي والمتقدم. ولما كانت المناهج الدعوية التربوية الإرشادية التوجيهية تتضمن من بنائها وأهدافها أهدافاً سلوكية فسوف أتناول في هذا المقال وحسب المساحة المتاحة لنا زاوية خطبة الجمعة وعلاقتها ببناء الإنسان والنهوض بالمجتمع.

هذا مع العلم بأن خطبة الجمعة لم تكن منفردة وحدها بحيث تحتاج لمنهج تربوي دعوي مختلف في طبيعته عن ثقافتنا العربية التليدة، فطريقنا التربوي الدعوي التوجيهي في كل مناحي حياتنا العلمية والفكرية والدينية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وغيرها، على حد سواء في غايته التي تتمثل في صيانة القيم والمعايير القائمة، ومعرفة ما يلزم إخضاعه لتلك المعايير، ويمكن القول بأنه تواصل لمناحي متعددة على خط متصل واحد يعبر عن شريعتنا القولية والسلوكية، خلقاً ونظاماً، ومرجعتنا العقدية في ذلك الإسلام وهو دين الله الذي نستمد منه النظم والقوانين، ومجمل الحقوق والواجبات وشرف القول بأن عبقرية وعظمة هذا الدين أنه صالح لكل زمان ومكان، ولذا فهو صالح لهذا العصر -عصر العولمة- الذي تغير فيه كل شيء في حياتنا، ورفع فيه لواء الحضارة الحديثة، وأسباب التقدم بما تعنيه من شحذ العقل ومناهج العلم، وصور الإبداع الفني، والابتكار المعرفي والمخترع الفضائي، فضلاً عن مسّ الأفكار ومراجعة المبادئ، وتمرير الأيديولوجيات المستحدثة والإقناع بأنها فكر النهضة وحتمية استخدام لغتها لإمكانية فهم التحديات التي استحدثتها الحياة الجديدة في مرحلة الانتقال -اللا واعي- من الحداثة إلى ما بعد الحداثة.

وفي غضون هذه المرحلة الفارقة يقف الدعاة خاصة من يعتلي منهم منبر الجمعة، فهل لي أن أطرح سؤالاً: مع العلم أنني أكن لهم جميعاً كل محبة وإعزاز واحترام وتقدير، والسؤال: هل آن الوقت -ونحن بالحتم نعيش مرحلة الحضارة الحديثة والأخذ بأسباب التقدم كما أسلفت القول- أن نتخذ منهجاً دعوياً نعم موضوعياً جديداً -منهجاً موضوعياً في مقابل ذلك المنهج (الرديكالي) القديم، منهجاً ينأى بنا قليلاً عن أساليب الترهيب الممعنة في الشدة، وحتى أساليب الترغيب حسب ما يتبعه الخطيب من منهج الدوران شرحاً أو تخريجاً لمعاني ودواعي الجنة والنار، نحن مؤمنين بها جميعاً حقاً وصدقاً -فطرة وتنشئة وتعليماً ذاتياً ورسمياً- نعم نحن نؤمن بأنها مآل الصالح والطالح من البشر، وحسب اتجاههم المفضي إلى السواء أو اللاسواء في السلوك.

ويتوجب على الداعية أو القائم بخطبة الجمع أن يسأل نفسه -وبكل ثقة في الذات- عما إذا كانت الفكرة التي يدعو لها أو القضية التي يدور حولها خطابه تتناسب مع خصائص ونوعية وثقافة ووضعية ومطالب المواطنين.

المتواجدون حول المنبر وفي محيط الخطاب (أي مستمعين)؟.. هل هي إيجابية المساهمة في مواجهة مشكلات واقع الحياة المعاصرة وما يتخللها من تطورات علمية ومبتكرات تقنية وتطبيقاتها التكنولوجية ومع الفضاء الإعلايم وكم هو مفروض علينا بحكم ما ينقله من احداث ووقائع الأوان في ذات الآن.

وهل خطبة الجمعة تتناسب اليوم مع ما يكنه الغد الواعد المأمول -إن شئنا أن ندخل مع الداخلين لنادي المستقبل، مواكبين لجماعات الفكر العلمي الجديد (التانوتكنولوجي) و(المحمول الباحث)، وغير ذلك من إبداعات علمية ذات أثر فاعل فكر وتوجهات وسلوك الإنسان المعاصر الذي جذبته (الهندسة الوراثية) و(تخليق الأجنة) و(الاستنساخ) و(إبدال الجينات).

وهل خطبة الجمعة تأكد على إرادتنا القوية وتدعم من تأهبنا للمضي قدماً في طريق المستقبل يحدونا الإيمان بالله والثقة بالنفس وتقدير واحترام الذات.

ولذا اقترح على الداعية (خطيب الجمعة) ألا يتوانى ولو للحظة عن التعامل مع العلم وع المستجدات العلمية مما يعينه على الخروج من دائرة تكرار وتكرار ما قد سلف من قول في محور الترهيب أو حتى الترغيب، ونهيب بالداعية أن يكون رقيقاً ومتوازناً وملماً بالتراثية والتعمق فيها في نفس الوقت أن يكون عليماً بأحداث التيارات العلمية والثقافية والفنية ذات الأثر الفاعل في حضارتنا وثقافتنا وتقاليدنا، ونعني من ذلك أن يكون لدى الداعية تأصيل فكري، وفي ذات الوقت عليه أن يكتسب مهارات التجديد واستخدام الآليات العلمية للبحث في قضايا متواجدة في المجتمع ملموسة وملحة وساخنة مع الوضع في الاعتبار أننا متواجدون في حومة القرن الواحد والعشرين والذي يرتكز على العقل، والمعرفة، والعلم يسبق هذا في رأينا الإيمان بالواحد الأحد.. القادر المقتدر.

 

خطبة الجمعة وعلاقتها ببناء الإنسان والنهوض بالمجتمع
مندل عبدالله القباع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة