ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 17/08/2012 Issue 14568 14568 الجمعة 29 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

هي مصر، أرض الكنانة، بلاد النيل (جمهورية الخبراء)، استحقت هذا اللقب وانتزعته في الفترة التي صاحبت الثورة وأعقبتها، وسبقت مرحلة الانتخابات الحرّة النزيهة، السابقة في تاريخها. خرج الثوار في الميادين زرافات ووحدانا، تلمس التنظيم فيهم حينا، والفوضوية في كثير من الأحيان، وظل (الخبراء) متوارين خلف الشاشات ينفخون في أتون المعركة، ويؤججون المشاعر، ويستميلون العواطف بأوتارهم التي يعزفون عليها. في تلك الأثناء خرج خبراء القانون المحلي والدولي، الخبراء في شأن الجماعات والتنظيمات الدينية والسياسية، الخبراء في الاقتصاد، في السياسة، في علم الجريمة. جنرالات وأركان الحروب السابقين، مستشارون متقاعدون، الجميع يتجاذبون الحديث عن مستقبل الوطن. صورة مهيبة لا يدانيهم، أو يشابههم في هذه المرحلة على حد علمي، وما تسعفني به الذاكرة سوى بعض المحللين (لسوق الأسهم السعودي) قبل الانهيار المشؤم. وجه الاختلاف أن أولئك تمدهم الأحزاب، وهنا يستمد بعضهم قوته من الشركات التي أدارت لهم وللمساهمين فيما بعد ظهر المجن، وظلوا فيما بعد ينتحبون على قارعة الطريق، شأنهم في ذلك شأن المحللين المصاحبين للثورات.

* وإن كانت هي المثل، ليست (مصر) هي الوحيدة التي أفصحت عن مثل أولئك العباقرة، الجهابذة في تخصصهم، بل هي واحدة من دول عديدة ضربتها رياح التغيير العنيفة، فجلت شيئا من المواهب المكبوتة.

* مواهب وعقول بشرية لامعة مورس عليها الإقصاء، والنبذ، والتشريد، والتغريب، حتى عبر عن ذلك أحد شعرائهم السابقين بقوله:

وغربة الفكر في دارٍ تمجّدها

أقسى على الحرّ من فقدان ناظره

* أضعاف هؤلاء الخبراء في (مصر)، على اختلاف مصادرهم ومواردهم وانتماءاتهم، استقطبهم الغرب أوائل (القرن العشرين للميلاد)، واستقطبتهم دولا أخرى مجاورة لهم، فأثروا بلا شك فكر وحضارة وثقافة المجتمعات التي استوطنوها، ولذا شاهدناهم - وقد شابوا ـ يطلون علينا عبر القنوات من خلال تلك الدول التي احتضنتهم، ومن أسعفته الظروف عاد إلى بلده، وشارك بصورة، أو بأخرى مع نظرائه في الداخل.

* لم يقتصر الأمر على هجرتهم، أو بمعنى أدق تهجيرهم القصري، بل صدّرت لنا أفكارهم ودراساتهم وأطروحاتهم في الوطن العربي بهوية الدول التي آوتهم وآزرتهم، في وقت كانوا بأمس الحاجة للمعين والنصير.

* زامر الحي لا يطرب، هكذا هي الشعوب المغلوب على أمرها، لا يمكن أن تكتشف قدراتها وطاقاتها وإمكانات أبنائها العباقرة من الداخل، وفي ظل أنظمة عسكرية، لا تقيم للرأي وزنا، ولا للحرية المنضبطة مكانا.

* للأسف،ومع الاتجاه الإيجابي،نجد فئة قد لا تكون قليلة من هذه الأصوات المرتفعة،التي تنظر إليها المجتمعات على أنهم قادة رأي وفكر ومشورة، وأصحاب مبادئ عليا، وقيم وطنية رفيعة، أقول فئة من هؤلاء، وأتمنى ألا أكون مصيبا، ربما تستثمرهم بعض الدول المعادية، وتستأجرهم كأبواق، وتستغلهم، لبث الفرقة، وزرع الفتنة، والانشقاق داخل المجتمع، والوطن، أدرك بعضهم هذا أو لم يدرك، هذه الفئة المغرر بها، لا يقر لهم قرار، أو يطمئن لهم بال، إلا إذا رأوا بلدانهم، وقد دبّت فيها الفوضى، والانقسام والتشرذم، وأصبحت مسرحا للأحداث، ووكرا للجريمة بمختلف أساليبها، وليس كما يقال( كل بيضاء شحمة، ولا سوداء تمرة).

* لنتأمل، كم من الأحزاب، وكم من الجماعات، وكم من التنظيمات تكوّنت خلال هذه الفترة القصيرة من عمر الزمن، والكل يرفع راية الوطنية، ويدّعي الإصلاح والدين، والديمقراطية، لكنها في النهاية إذا لم تستثمر هذه التعددية من قادة الرأي والساسة في بلدانهم، فإن الأوطان العربية ستحتاج إلى عقود طويلة من الزمن، لتسترد، أو تتمنى ما كانت عليه.

(من سرنديب)

يقول البارودي(شاعر مصر) في المنفى:

إذا المرء لم ينهض بما فيه مجدهُ

قضى، وهو كَلٌّ في خدور العواتقِ

وأيّ حياة لامرئٍ إن تنكّرت

له الحال لم يعقد سيور المناطقِ

فما أنا ممن تقبل الضيم نفسه

ويرضى بما يرضى به كل مائق

dr_alawees@hotmail.com
 

أوتار
خبراء الجمهورية
د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة