ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 18/08/2012 Issue 14569 14569 السبت 30 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

كيف يشعر بفرح من يعتصره ألم ؟! كيف تستمرئ أُم ثكلى أو أب مكلوم فرحاً يورق في هذا الكون ؟ أين هو الزهو وأين هي البهجة عمّن دكّت منازلهم الطائرات وراجمات الصواريخ فلم تبق منهم إلاّ حسيراً أو كسيراً أو أسيراً أو شريداً طريداً ؟! أيّ عيد هو هذا المسكون بالمرارة ووطن يُباد، وأُسر تُمزق، وعوائل تُفنى أو تُشرّد تتوسّل الوجبة والمأوى من قوافل الإغاثة ؟!

أُمّة خذلت أبناءها قبل أن يخذلها أعداؤها، أُمّة تعدادها مليار ونصف المليار يتناثرون على القارات وهم غثاء كغثاء السيل، هانوا على أنفسهم فهانوا على الأعداء والطغاة، تنتهك أعراضهم ولا منجد، تستصرخهم عذاراهم ولا معتصم، يُشوون في المحارق على رؤوس الأشهاد وتحت أعين الكاميرات ولا نبض يدق ولا جفن يرف، لا يجدون مهرباً من الموت إلاّ إلى الموت في البحر غرقاً !

كيف يشعر بِعِيد من فقد عزيزاً من إخواننا في سوريا، أو صار وحيداً طريداً، أو اعتقلته قوى الشر وأدخل سجون الدكتاتور وتولّته زبانيته ؟ كيف هي مشاعر مدن وقرى أُبيدت ودُمرت فلم يبق منها إلاّ الخراب والدمار ورائحة الموت تحت الأنقاض ؟! أيفعل هذا في شعبه من يدّعي أنه عربي مسلم أو إنسان ؟! كيف يجرؤ هذا الطاغية على الاستقواء بقوات أجنبية على قتل شعبه في سبيل كرسي زائل ؟! كم أباد وقتل وعذّب وسجن وسحل واغتصب وشرّد وهدم ونكد وأشقى في سبيل هذا الكرسي اللئيم المشؤوم ؟! كيف يرف له جفن أو تغمض له عين أو يهدأ له روع، وكل هذه المآسي تمر أمام ناظريه في سبيل بقائه على هذا الكرسي الأعرج المتهالك الموشك على السقوط ؟! أهذا المتجسّد في صورة آدمي آدميٌ ؟! أم أنه شيطان مريد تلبسته الأبالسة فغدا إنساناً مزيّفاً بقلب شيطان رجيم ؟!

كم هي نجسة شريرة متوحّشة نافرة من جنس البشر، تلك النطفة التي ألقاها أبوه في ليلة مشؤومة أثمرت كل هذا الجحيم لشعب سوريا وللإنسانية ؟!

كم من الآثام ارتكبتها تلك النطفة البائسة الشقيّة في طريقها إلى هذا الكرسي الذي لوّثته ؟ وكم تنفق الآن من الكبائر لتحافظ عليه من السقوط ؟!

أيّ عيد هذا وأيّة أُمّة وجزء من لحمها الحي يُقطع ويُهرس ويُطحن بالجنازير والطائرات دون أن تحس أو تشعر ؟! وهل يا ترى ستشعر بوطأة أو حرقة معاناة هذه الأُمّة المخدّرة النائمة التي طال خدرها وامتدت لياليها النائمة في الفرقة واللامبالاة ببقية جسدها الذي ينتظر الشواء ؟!

كم بين هذا الشرق العربي وبين ذلك الغرب الأوربي الذي ودّع عصور العبودية ؟! آهٍ.. إنها تلك الشعوب المزهوّة بعزّتها وقوّتها وتقدمها وانتصارها على طواغيتها قبل قرنين من المخاضات العسيرة، إلى أن خُلقت من جديد ولا طواغيت لها تدك مدنهم وقراهم وتبيد شعوبهم وتحصد الأخضر واليابس في سبيل صولجان الملك ؟!

هي تلك الشعوب الحية التي نافحت وكافحت للوصول إلى هذا الأمن وهذه الحرية وإلى ضمانات سلطات الحاكم لكي لا يستبد؛ فانتزعت كرامتها من براثن المستبد انتزاعاً، إلى أن أسقطته ودفنته، وأصبح ذكرى مريرة تدرس عِبَرَها الأجيال، أما شعوبنا في هذا الشرق الملتهب البائس فلازالت تئن وتمور وتثور، لتنزع نفسها من مخالب وحش السلطة المفترس اللئيم.

لقد استسلمت الشعوب العربية للدكتاتور حتى خيّل إليه أنه ليس بشراً سوياً ؛ بل إلاهاً يُعبد ويُركع له وتُذبح له القرابين ! هي الشعوب التي صنعت طغاتها بدل أن تقاوم فيروس الطغيان في حكّامها ! هي التي رضيت بالمستبد وصنعته وكبرته ثم عبدته كما يعبث الأطفال بلعبة صلصال طرية، وحين أرادت أن تتوب وتقلع عن هذا الذنب العظيم، أذاقها صنمها المعبود الذي صنعته وزينته وكبرته سوء العذاب !

عيد يمر ومرارته لا تبرح حلق كل من يتجرّع عبودية صنم الصلصال !.

moh.alowain@gmail.com
mALowein@
 

كلمات
كم هم الذين لا عيد لهم في مضارب بني يعرب؟
د. محمد عبدالله العوين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة