ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 18/08/2012 Issue 14569 14569 السبت 30 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

يُسألني: مالك واستخدامك لعبارة «الديار السعودية»، صيغة تعبيرية خارج زمانها.. فلولا كتبت المملكة العربية السعودية أو اكتفيت بلفظ السعودية مجرداً. قلت: «وَإِذا خامَرَ الهَوى قَلبَ صَبٍّ... فَعَلَيهِ لِكُلِّ عَينٍ دَليلُ».. فأما لفظ السعودية مجرداً فهو تعبير جاف لا يُلجأ إليه إلا لحاجة الاختصار المُلحة، والرسمية في التمثيل الخارجي دبلوماسياً وسياسياً وقانونياً هي الصفة الغالبة على عبارة المملكة العربية السعودية.. ومقالاتي محلية وطنية تخاطب أهل هذه البلاد، وفي لفظ الديار السعودية معنى وطني جياش عميق لا يكون في غيره.

في التعبير بالديار السعودية تذكير بتاريخ البلاد، والعُصبة التي التف عليها الحاكم والمحكوم. فهناك أئمة الديار السعودية ومفتي الديار السعودية وفقهاء الديار السعودية وعلماء الديار السعودية، فمن استشعر هذا هاجت نفسه فردد: «وَلا الدِيارُ الَّتي كانَ الحَبيبُ بِها... تَشكو إِلَيَّ وَلا أَشكو إِلى أَحَدِ».

الديار السعودية تعبير يحكي عن بهاء تقاسيم وجوه شيوخ قومي رجالاً ونساءً.. وجوه مُضيئة قد شابت في الإسلام. ففي كل شعرة بيضاء أو مُحناة إخبار عن ساعات من التهليل والتكبير. وفي نحولة الأجساد حكايات عن قيام الليالي الباردة وصيام الهواجر الطويلة. وجوه شيوخ الديار السعودية وجوه جليلة من أثر الوضوء والسجود قد لفحها هجير الصحراء وقسوة البرد فزانت تجاعيدها تألقا وجمالاً. ولا عجب، فقد وحدت القلوب ربها وعشقت الأنفُس ديارها، فأصبح حرها بلسما وقرها مرهماً شافياً.

التعبير بالديار السعودية يغلب عليه العاطفة الجياشة المعبرة عن الحياة بمعناها الأشمل الذي احتوته هضاب نجد وجبال الحجاز وعيون الأحساء وشواطئ الشرقية ومرتفعات عسير وصحراء الشمال والجنوب. «إن تتهمي فتهامة وطني أو تنجدي يكن الهوى نجد».. فالديار السعودية ديار واحدة لعائلة واحدة عاشت في دار واحدة واسعة الأرجاء فسيحة الغرف متنوعة التصاميم: «أحِنُّ إلى أرْضِ الْحِجَازِ وَحَاجَتي... خيام بنجد دونها الطرف يقصر». «لكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ».. فالإنسان يحب أرض دراسته أو عمله ويحن إليها -إذا كان ناجحاً- ويشتاق إلى ذكريات صبابته وصباه. فحب الأماكن المألوفة والمنازل المرتادة هو فطرة طُبع عليها الإنسان والحيوان على حد سواء فلا يُحمد الإنسان عليها، إنما يحمد على حب الوطن. «ولي وطنٌ آليتُ ألاّ أَبيعهُ... وألاّ أرى غيريْ لهُ -الدهرَ- مالِكا» فالوطن الذي تبذل من أجله المُهج والأرواح عند الكريم المحمود من الناس له معنى إنساني شامل، لا المعنى الحيواني المقصور على الأرض التي أكل فيها وشرب دهراً من الزمن، صغيراً كان أو كبيراً. وفي لفظ الديار السعودية تعبير وطني تراثي محلي خاص يمثل الجامع الإنساني لمعنى الوطن السعودي الذي يجمع بين الانتساب إلى الدين واللغة والعرق والأرض والتراث والثقافة والحكام والمحكومين لهذه البلاد.

وأيامنا أيام عيد وفرح وسرور فيا ديارنا، الديار السعودية، فأفخري «فَإِنَّ الناسِ فيكَ ثَلاثَةٌ مُستَعظِمٌ أَو حاسِدٌ أَو جاهِلُ، وَلَقَد عَلَوتِ فَما تُبالي بَعدَما عَرَفوا أَيَحمَدُ أَم يَذُمُّ القائِلُ».

hamzaalsalem@gmail.com
تويتر@hamzaalsalem
 

المسكوت عنه
الديار السعودية
د. حمزة بن محمد السالم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة