ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 21/08/2012 Issue 14572 14572 الثلاثاء 03 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

(الهرطقة): [كلمة يونانية, تعني الآراء المناوئة للسائد من العقائد, وليست وصفاً موضوعياً, وإنما هي وصف لما لايوافق الواصف في أي مجال] ويُقْصد منها الإدانة في التصنيف, وهي كلمة يتوسل بها المتجانِف إلى الذم, وبخاصة المخالف عقدياً, ولقد عنَّ لي أن أتهرطق سياسياً لا عقدياً

لسبر أغوار الراجمين في غياهب السياسة, وادِعاً لخيالي مطلق الحرية في طرح أغرب التصورات. وعلى القارئ وهو يتحسس النتائج أن يتمتم بكل مايعنُّ له من أوراد, وأن يعلِّق ماشاء من التمائم, وأن يستعين بمن شاء من البشر, ليتخلص مما يشبه دُوَار البحر، وليس من حقه تحميلي أوزار ذلك الخَبِّ والوضْع, فأنا أمام أوضاع يشيب من هولها الوليد, حتى [لتخافها النطف التي لم تخلق] -على حد قول الشاعر المبالغ- وكل كاتب مغموس إلى الأذقان بوحل السياسة, وإن لم يكن من جناتها, يمسه في بعض المواقف طائف من الهلوسة, ولست أشك أن كتَّاباً مدمنين على الكتابة اليومية في الصحف والمواقع عن تقلبات الطقس السياسي يعانون مايعانيه وزراء الخارجية والسفراء والمندوبون الدائمون والموفدون من قبل الجمعيات العمومية والمجالس الأمنية, إذ لكلٍّ من هؤلاء وأولئك رهاناتهم وتصوراتهم وتخيلاتهم ونجاحاتهم وإخفاقاتهم.والشعوب المغلوبة هي التي تدفع الثمن طوعاً أو كرهاً, وكل الذي يصيب المخفق من هؤلاء نتيجة المغامرات أوالمجازفات, لايتجاوز الإعفاء من المناصب, ثم يلي ذلك الانسحاب من أضواء الإعلام, والانكفاء على الذات, لتزوير المذكرات واليوميات, وممارسة الإسقاطات, وتلميع الذوات.

- فَمَنْ مِنَ الكتَّاب الذين زوروا, وكذبوا, وخادعوا, وأثاروا الرأي العام, وأشعلوا الفتن مَنْ حُوسِب حساباً يسيراً أو عسيراً..؟.

- ومَنْ من جمعيات حقوق الإنسان مَنْ تمعر وجهها من أجل شعوب ذَرَتْها الرياح, بسبب معسول الكلام المداف بالكذب والافتراء..؟.

وهرطقتي لن تماري إلاَّ مراء ظاهراً حول مايجري في وطننا العربي المأزوم من بعض حكامه الذين لايرقبون فيه إلاًّ ولا ذمة.

كما أنها لن تكون من النجوى الآثمة, فلقد مللت من التحري والدقة والبحث والتنقيب, وإذ حرصت فيما سلف على الجدية في القول, والتبين فيما يتداول من الأنباء, والمراوحة بين التردد واليقين, وتوسعت في التساؤل, واتقيت جاهزية الأحكام فإنني سأتحرر من بعض ذلك في سبيل التحَّسُّسِ عن المتوقع من [سيناريوهات] الوضع [السوري] الذي تجاوز الغليان إلى الانفجار, وهو انفجار أهلك الحرث والنسل, وفعل ما لا يتوقع فعله من ألد أعداء الأمة العربية والإسلامية, والتحري لا يتأنى إلا مع الهرطقة, وحتى لو قطعْنا بألاَّ مناص من الجدية في القول, فإن من حقنا التساؤل عما حققتهُ الجدية من صدق في التنبؤات, لقد مُنِيَ العالم العربي بنكسات وحروب وانفصالات وثورات ومؤمرات, لم يجر شيء منها على ألسنة الجادين.

وحين استبعدتُ سقوط النظام بالسرعة المتوقعة من المراقبين في مقالي السالف [لمَّا يحن بعد سقوط النظام السوري] امتعض البعض, وعدُّوني متشائماً, بل محبطاً. وماكنت هذا ولا ذاك, فقراءة الأحداث المصيرية لاتنفع فيها العواطف الجياشة, ولا الدعاوى العريضة, إذ لابد من التقدير والتدبير, والبحث عن الحقائق, وإن كانت مُرَّة, وكم هو الفرق بين صديقٍ يُصَدِّقك في كل ماتقول, وآخر يَصْدُقُك القول, وإن كان مزعجاً لك. ولهذا قيل:- [صديقك من يَصْدُقُك لا من يُصَدِّقك].

والخائض في تصورات الأحوال في دول الربيع العربي وفي سوريا القائم مِنْها والحصيد يدخل في الهرطقات السياسية, من حيث لايريد, لأن الوضع فيها لم يعد مقبولاً ولا متصوراً, وإن كانت الأحوال متفاوتة, أما في سوريا فقد دخلت الأزمة حرباً أهلية متوحشة وصراعاً دولياً مخيفاً, والذين أعمتهم الأطماع فسكتوا, أو أعانوا على الظلم, سيحاسبون حساباً عسيراً, وقد تدور عليهم الدوائر, [ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ] (46) فصلت) وهو حين يملي للظالم فإن كيده متين, [وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ] (102هود).

والهرطقة التي أتوسل بها لفك الرموز العصية, وتحليل الشيفرات السياسية المعقدة, بإمكانيات [صوفي نوفو] و [روبرت لانغدون], وهما الشخصيتان المتخصصتان بفك الشيفرات في رواية [شيفرة دافنتشي] التي تعد هي الأخرى من الهرطقات الدينية. وهرطقتي لاتتكئ على الفرضيات, ولاتغرق في التخيل, وعلى المتابع أن يتمالك نفسه من الضحك الهستيري, حتى يشارف على النهاية. والهرطقة السياسية تدور حول [سيناريوهات] الوضع السوري.

- فهل يسقط النظام على شاكلة نظام [القذافي]..؟.

- أم يلوذ الرئيس المطارد إلى جبل الطائفة النصيرية..؟. ثم يشكل حكومة طائفية لاتموت في جبلها ولاتحيا, وإنما تظل في تناوش مع الحكومة المركزية في [دمشق], بحيث يجد فيها اللاعبون الكبار مسرحاً لتصفية الحسابات, وتجارب الأسلحة والمخططات.

وحين تلتف الطائفية حول نفسها, وتجد من يمدها بالمال والسلاح, أو بالدعم [اللوجستي] كيف تكون الأوضاع بالنسبة للطائفية النصيرية في [تركيا]. لقد كانت التجربة العرقية في [العراق] من النذر الأولى لـ[تركيا] التي لمَّا تزل تطارد فلول [حزب العمال الكردستاني التركي “بي. كيه. كيه”] بوصفه جزءاً من شعبها, تمرد على الشرعية. وأكراد العراق على مشارف الانفصال, إذ لم يكتفوا بكرسي الرئاسة. وقد وجدوا مداهنة ومهادنة من أطراف تحارب التشرذم, ولكن الحكومة الطائفية المركزية في [بغداد] حَدَتْ بدول الجوار إلى احتمال المرّ خوفاً من الأمَرِّ منه, فالتحالف الطائفي بين [طهران] و[بغداد] و[سوريا] و[لبنان], ضرره أكبر من ضرر انفصال الأكراد في الشمال, وتشكيل حكومة مستقلة. والأنكى والأمَرّ أن [تركيا] ستقع بين المطرقة والسندان في أعقاب تلك الأحداث. فتركيبتها السكانية لفيف من الأكراد والنصيريين, وحين ينجح الأكراد في العراق, والنصيريون في سوريا, تتطلع الأقليتان: الكردية والنصيرية في تركيا إلى حكم [كونفدرالي] على الأقل, يأخذ طريقه فيما بعد إلى الانفصال. وهذا التشرذم هدف رئيس لدول الاستكبار, وإن لم يكن معلناً فلسان حالها يقول:- لم أسعَ للانفصال, ولكنه لايسوؤني.

يتبع...

 

أهرطقة هي أم نظرة في النجوم السياسية..؟ 1-2
د. حسن بن فهد الهويمل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة