ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 21/08/2012 Issue 14572 14572 الثلاثاء 03 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من مخترع الهاتف؟ أينما كان الشخص المجيب، سواءً عربياً أو إفريقياً أو صينياً، فأغلب الإجابات ستقول «غراهام بل». هذا الرجل الذي تَرسَّخَ في أذهان العالم أنه الذي قدم لنا هذا الاختراع الذي غيّر مجرى الحياة المعاصرة. أما إذا كنتَ ألمانياً فربما تتغير إجابتك وتصر أن المخترع الحقيقي هو فيليب رايس!

أتعرفون من هذا الرجل؟ إنه عالم علّم نفسه بنفسه ودخل مجال الاختراعات. في عام 1860م صنع شيئاً من أشياء متفرقة مثل كمان وإبرة خياطة وخشب وحتى قطعة من النقانق! بعد بعض التحسين بدأ هذا الشيء ينقل الأصوات من طرف إلى طرف، وسماه فيليب «التلفون». كان سيئاً في البداية، فالأصوات ضعيفة غير مفهومة، ولهذا ظل يعالج عيوبه حتى تَحسّن وصار الصوت أوضح، غير أن غالبية العلماء في وقته قالوا لفيليب أن هذا ليس اختراعاً حقيقياً وأنه ليس إلا لعبة، وأُحبِطَ فيليب وترك تطوير اختراعه، وتوفي عام 187م، وبعدها بسنتين أتى «غراهام بل» بالهاتف ونال منه مالاً عظيماً ومجداً وفيراً.

مثل هذه القصص كثيرة، يخترع أحدهم شيئاً ولكن ينال غيره الصيت والغنى، غير أنه في تاريخ المخترعين كله لم يوجد إلى الآن رجل مثل والتر هنت. إنه رجل معه الذكاء الخارق من جهة والفراسة المعدومة من جهة أخرى، فصار مخترعاً عظيماً لكنه يفشل في تحصيل المال من اختراعاته فشلاً ذريعاً مدهشاً! لنبدأ باختراعه الفريد عام 1834م، وهو آلة الخياطة. لقد ابتكر عقله اللامع جهازاً يريح النساء من الخياطة اليدوية ويختصر وقتها، وظهر هذا الجهاز في وقتٍ كانت الحاجة فيه ماسة له، وصارت أول ماكينة خياطة ظهرت في الولايات المتحدة، فيا ترى، ماذا كان وقْعُ هذا الجهاز العبقري؟ بديهةً سيظن المرء أنه سيُدرّ على والتر ثروةً لا يُحاط بها، ولكن المشكلة أن الجهاز ظهر في وقت كان فيه أزمة اقتصادية وبطالة، وتَقاتل الناس للبحث عن وظائف، ولما رأى الناس الجهاز رغبوا عنه لأنه سيزيح البشر من وظائف هم في أشد الحاجة إليها ويُحل مكانهم الآلات، فأثنى هذا والتر عن السعي في المشروع، لدرجة أنه أهمل حتى إصدار براءة اختراع، وكان هذا خطأً فادحاً، ذلك أنه جاء بعد انتهاء الأزمة رجل اسمه إلياس هاو صنع جهازاً شبيهاً جداً بآلة الخياطة التي صنعها والتر وباعها محققاً ثروة هائلة طائلة.

الندم لا يفيد الآن، فقد ضاعت على والتر فرصة العمر، لهذا سعى لأن يعوّض ما فاته، فعكف على معمله وأعمل ذهنه تفكيراً وتقليباً فابتكر أول قلم حبر سائل وأول بندقية حاملة لأكثر من طلقة، ولكن يبدو أن قدرات والتر التسويقية ضعيفة للغاية فلم يفلح في تحويل هذه الاختراعات إلى مصادر دخل وفشلت رغم امتيازها وتفردها. شيء محبط أليس كذلك؟ وهذا ما شعر به والتر أيضاً، حتى كان يوماً من الأيام عام 1849م ووالتر يعبث في يده بقطعة سلك معدني، وعلى مدى أربع ساعات وهو يلف ويلوي هذا السلك أمسك به ونظر إليه والتمعت عيناه: لقد توصل الآن إلى اختراع العمر، الاختراع الذي أخيراً سيحوله إلى رجل فاحش الثراء: إنه دبوس الأمان. هذا تطوير للدبوس العادي، فدبوس الأمان (والذي يُعرف أيضاً بالدبوس الإفرنجي) يلتف مثل مستطيل ناعم الزوايا حتى يغلق طرفه الحاد أو يفتح حسب الحاجة. اختراع رائع جاء في وقته! وبسيط جداً في طريقته فلا يحتاج تحسيناً ولا تبسيطاً كالبندقية وقلم الحبر. وهذه المرة هبَّ والتر مسرعاً إلى مكتب البراءات وحصل على براءة اختراعه. لقد فعل كل شيء بالطريقة الصحيحة الآن، فهذا الاختراع الذي سينقله إلى صفوف الأثرياء وأخيراً سيحصل على معشوقه الدولار الذي طالما عمل لأجله، أليس كذلك؟ لا. بعد أن حصل على البراءة احتاج مالاً سريعاً فباع براءة اختراعه على شركة مقابل مائة دولار وهو ما يعادل اليوم قرابة ثلاثة آلاف دولار، ودس المال في جيبه راضياً وذهب في حاله، وليته ما فعل، فالشركة بدأت تصنيع دبابيس الأمان وحَصَدَت ثروة خيالية!

الدنيا ليست دار عدل، وأول من يشهد هما سيئا الحظ والتر وفيليب، ولو أنهما تحليا بقليل من الصبر لعدّهما التاريخ من عظماء المخترعين!

 

الحديقة
الاختراعات حظوظ!
إبراهيم عبد الله العمار

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة