ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 22/08/2012 Issue 14573 14573 الاربعاء 04 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

المجتمعات.. كل المجتمعات تنظر بعين العاطفة إلى كل ما يتصل بها من إرث أو عادات أو تقاليد أو أشخاص أو ما يروى لها من أحداث ووقائع تاريخية.. وإذا كان ذلك من صفات المجتمعات بعمومها فلا يجوز أن تكون من صفات عقلائها وصفوتها من مثقفين ومفكرين وقادة.. فالخطورة في أن طغيان الانفعالية على التفكير الجمعي يقود إلى الكوارث والمهالك التي حولت حياة شعوب من رفاهية إلى شقاء.. فالعاطفة مرتبطة بالانفعال.. والانفعال يحول الناس إلى تيار جارف.. أو قل إلى قطيع هائج يسيرون خلف من يقتادهم حتى لو كان هذا القائد فاقد البصر ويستدرجهم إلى الهلاك.

مفكرو علم الاجتماع يتفقون على أن الإنسان العاقل لا يملك إلا أن يسير في ركب الجموع حتى لو كان في ذلك تكسير رؤوسهم استجابةً للدعوة العامة لمناطحة الصخور.. ولم ينجرف العقلاء نحو تلك الدعوات غير العاقلة مسايرة للجموع فقط.. بل إن عقولهم الراجحة قد عميت عن الحقائق التي كان يجب أن تمنعهم من الاستجابة لدعوات العامة.. ويصل مفكرو علم الاجتماع إلى الخلاصة وهي أن غريزة البقاء هي التي ترغم العاقل أحياناً على السير في مسار الجموع نفسه حتى لا تطأه أقدام الجموع الهائجة.

معروف.. إن الجاهل عدو نفسه.. ومن تطغى عواطفه وانفعالاته على عقله جاهل.. وهذا ما حَوّل أبا الحكم بن هشام إلى أبي جهل بن هشام.. ذلك أنه غَلّب عواطفه على عقله.. فهو يعرف أن محمداً نبي إلا أنه ناصبه العداء لأنه من بني هاشم.. وقال قولته الشهيرة (تنازعنا مع بني هاشم الشرف، أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منّا نبي يأتيه الوحي من السماء.. فمتى نُدرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه).. فالمسألة في نظره سباق لا يريد أن يسلم لبني هاشم بالفوز به.. وسار خلف عاطفته وهو حكيم قومه وقائدهم.. فأعمته العاطفة عن الصواب وجعلته أبا جهل لا أبا الحكم.

هذا في الدنيا.. أما في الآخرة فقد أدى به تغليب عواطفه على عقله إلى نار جهنم.. فأين ستذهب المجتمعات التي تُغلّب العواطف والانفعالات على العقول؟.. إن القضية هنا مزدوجة الأثر بين طرفين: قادة الرأي والناس أو بين الحكومة والشعب أو القائد والرعية وهكذا.. وهذا الأثر يسير في اتجاهين..فتارة يكون المؤثر متأثراً وتارة أخرى يكون المتأثر مؤثراً وهكذا دواليك.. ولكن من يوجه هذا التفاعل المتعاكس ليجعله باتجاه واحد لصالح الجميع بإشاعة العقلانية بدلاً من الانفعالية.. كمفهوم يحقق مصالح الطرفين على المديين القصير والطويل؟.

إن المجتمع السعودي بكل الطاقات الكامنة في أفراده... وكل الثروات المكتنزة في ترابه... وكل المقدسات التي تزخر بها أرضه... والقيادة الرشيدة التي تقوده.. هو في الواقع مجتمع فتي صاعد يستحق أن يدار ويوجه بفكر جماعي اتجاهه مستقبلي ومنطقه عقلي.. ووسائله إنسانية.. وغايته تحقيق الرفاهية والرقي الذي يتناسب مع ما لديه وما يملك من مقومات وإمكانيات عظيمة ليست متاحة لكثيرٍ من المجتمعات الأخرى.

 

أنت
المجتمعات بين العاطفة والعقل والجهل
م .عبد المحسن بن عبد الله الماضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة