ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 22/08/2012 Issue 14573 14573 الاربعاء 04 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

قال معالي الأستاذ فيصل المعمر خلال حواره مع الأستاذ عبدالله المديفر في البرنامج التلفزيوني «في الصميم» ما معناه أن المملكة تعيش فوضى فكرية، ثم استدرك بكلام بيّن أن ما يتداول في تويتر هو الفوضى الفكرية وبرر ذلك بأن السبب يرجع لغياب معايير الحوار المعتبرة - لم أنصص حوار معاليه لأن كلامه كان طويلاً واقتضى الاختصار-، هذا المقال لا يهدف مناقشة موقف الأستاذ فيصل المعمر مما يدور في تويتر، حيث يتفق أو يختلف معه كثيرون، وما يحدث في تويتر بصورة عامة استثار كثيراً من المواقف الدينية والسياسية والأدبية وفي ثقافات عدة، بل إن هناك دراسات تتناول تأثير تويتر في حركة الثقافة العالمية، لذا فموقف معاليه يذوب في موقف متبلور لكثير من المفكرين الذين لو أضحى الرأي لهم لأقفل تويتر من ساعته. ولكن هذا المقال يناقش المصطلح الذي أطلقه معاليه خلال اللقاء لوصف حالة التداول الفكري في تويتر وسماه «الفوضى الفكرية»، وهنا سأناقش هذا المصطلح من معنيين لا أدري أيهما يعني معاليه، فربما هو يصف الحالة التعبيرية، وكون كل المشتركين في تويتر يطرحون فكرهم أنياً وبلا رقابة أو تدقيق وبمعايير محددة وكونهم يمارسون ذلك بحرية مطلقة لا تقيدهم بمؤهلات مسبقة، ويمارس متتبعوهم الحرية في قبول أو رفض تلك الأفكار دون عبء التبرير. أما المعنى الآخر الذي أتساءل إن كان معاليه يعنيه، فهو المحتوى المعنوي للفكر الذي يطرح في تويتر، وهل أن ذلك يمثل فوضى من حيث عدم اتساقه بمعايير محددة، ذكر منها الثوابت الإسلامية والوطنية وربما قصد الخصوصية السعودية.

لنقاش المفهوم التعبيري لمصطلح «الفوضى الفكرية» وإن كان هو مراد معاليه، فقد وجدت في أدبيات (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني) ما يشير إلى أن المركز يتبع نمطية معيارية في اختيار مواضيع الحوار وكذلك اختيار المتحاورين للاشتراك في ندوات الحوار التي يقيمها، وعلاوة على ذلك يثقل عملية الحوار بمعايير بروتوكولية، لذا يبدو الحوار مقنناً بصورة إجرائية تكاد تنتزع الموضوعية لصالح الإجراء، لذا فإن ما يجري في (تويتر) هو عكس ذلك تماماً، فكل الأفكار تأخذ طريقها للنشر وبصورة آنية ويستأثر بالاهتمام حصيفها أو غريبها ولكنها جميعاً تنال العدالة في العرض وتتعرض كلها للنقد أو التمجيد، لذا فمن الناحية الفعلية يسود الفكر الأكثر قبولاً لجمهور المتابعين في تويتر وبصورة تتبع نظرية البقاء للأفضل، بل إن الشاذ والممقوت من الأفكار يواجه النقد والتعرية بصورة تزيل غموضه وتنير للناس شروره، إذاً ما يجري في تويتر لا يتسق إجرائياً مع مفهوم «الفوضى» ومن يسعى لتتبع الغريب والسخيف من الطرح التي يزخر به تويتر فلديه مشكلة معيارية في الانتقاء، هذا يجعلني أدعو معالي الأستاذ فيصل للاستفادة من تويتر في تحسين إجراءات الحوار الوطني ليجد الرأي الأفضل طريقه للنقاش ويصبح الحوار الوطني حوار مفاهيم وطروحات وليس حوار معايير وإجراءات.

المفهوم الآخر لمصطلح «الفوضى الفكرية» والذي أتمنى أنه ليس المعنى المستقر بذهن معالي المسؤول الأول عن الحوار الوطني، ذلك المعنى الذي يتمثل في المحتوى المعنوي للفكر، أي أن المفكرين الذين يطرحون أفكارهم في تويتر مشوشون فكرياً ويعانون اضطراباً في الثوابت الدينية والوطنية، «هذا الكلام كبير»، كما قال المحاور عبدالله المديفر، خلال حوار معاليه، نعم هو كبير جداً، فمجرد شعور صاحب مركز الحوار أن المفكرين والذين ساهم كثير منهم في حلقات الحوار الوطني يعانون من فوضى فكرية فذلك إشكالية كبرى، ليس ذلك فحسب بل إن مجرد وصم صاحب فكر بكونه يعاني من اضطراب فكري حري بعدم الحوار معه، وهذا ما يجعل معظم المفكرين السعوديين خارج دائرة الحوار الوطني، فقليل جداً منهم من ليس لديه حساب في تويتر يعرض فكره بهمة ونشاط، ويستتبع المتابعين لتغليب وجهة نظره، لا أريد أن أسهب في هذا، حتى لا يظن بأني أستهدف نقد معالي الأستاذ فيصل، فأنا أستكثر أن يعني ذلك وهو من الحصافة والرزانة والحذر بالقدر المعروف عنه.

مصطلح «الفوضى الفكرية» مصطلح غير منطقي وغير نافع، وأرجو من معالي الأستاذ فيصل المعمر، أن يتخلى عنه فليس هناك ما يبرر إطلاقه، والأجدر بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن يتبنى منهجاً مماثلاً (لتويتر) في تكوين قناة للتواصل الاجتماعي الحواري، ربما تشمل عدة قنوات منها متخصصة في موضوعات الحوار الدينية والمذهبية وأخرى في الحوارات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في الحوارات الوطنية، وهكذا يستطيع المركز تفعيل الحوار الحقيقي بعد أن تركه لصالح الإجرائية الحوارية المتمثلة في التدريب والتنظيم والبروتوكولية.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail
 

نبض الخاطر
«الفوضى الفكرية» كمصطلح حواري
محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة