ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 25/08/2012 Issue 14576 14576 السبت 07 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا تزال قضية حلول البطالة في المجتمع السعودي تدور حول وزارة العمل، وأنها تملك الحلول النموذجية في فك معضلة عدم توظيف السعوديين في القطاع الخاص، هذا إذا كنا متفقين أن لدينا قطاعاً خاصاً ناجحاً، وربما تستطيع إلى حد ما إحلال بعض السعوديين محل الأجانب، وقد تنجح في توظيف بعض النساء في سوق العمل، لكن ذلك لن يكون الحل النهائي في قضية بطالة السعوديين في أغنى دولة عربية، فالأمر يحتاج إلى قرارات سيادية تكون القطيعة فيها بين مرحلة وأخرى، وتعلن دخول مرحلة جديدة تكون بديلاً لمرحلة اقتصاد النفط، الذي أصبح الاعتماد عليه فقط يهدد مستقبل الوطن الذي يحتاج إلى اقتصاد يعتمد على سواعد وعقول أبنائه، والدول القوية اقتصادياً تلك التي تخرج من مرحلة إلى أخرى على يد أبنائها.

تختار الدول الغنية اقتصادياً الأفضل والأكفأ للهجرة أو العمل في مرافقها، وتضع التسهيلات لاستقطاب الشركات ورؤوس الأموال، أما نحن فقد دخلنا في متاهة العمالة الأرخص والأقل مهارة، كجزء من مشاريع خفض التكاليف من أجل ربح أعلى، وأبدعنا في مسألة التستر التجاري، التي أصبحت رسمية عبر بوابة الاستثمار الأجنبي، فقد أصبح مقاول البناء مستثمراً تجارياً ويحق له الاستقدام، ويأتي السبب أن المصلحة العامة ضاعت في متاهات المصالح الخاصة للمواطنين من مختلف الفئات، فكل مواطن أصبح كفيلاً لعمال يأتونه بأتاوة آخر الشهر، وتختلف أعداد العمالة من كفيل إلى آخر، وذلك حسب وجاهته وقدرته، وقد وصل الحال إلى أن شركات المقاولات الشهيرة تستفيد من العمالة السائبة لإنجاز مشاريعها..

من أجل أن تكتمل الصورة النمطية أصبح المواطن يحتاج إلى سائق، بسبب منع زوجته من قيادة السيارة، ويحتاج إلى خادمة في المنزل لأن زوجته تحتاج إلى عمل وتمتنع عن خدمة أبنائها وزوجها في المنزل، حالة مرضية بامتياز، وتحتاج إلى دراسات اجتماعية لتجد حلاً لهذا الالتباس التاريخي في المجتمع السعودي، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أصبح المواطن واعظاً ضد ثقافة العمل، بل يقبل أن يجلس في المنزل معتصماً، وأن لا يعمل بيديه في سوق العمل، وينتظر أن يكون كفيلاً لعمال، يأتيه الرزق من حيث لا يدري.

لا بد من مواجهة الأمر نحن نعيش في مجتمع مكبل بتقاليد وأفكار غير صالحة لاقتصاديات العالم الجديد، وفي نفس الوقت نعيش تحت رحمة نظام الكفالة وجهد العمالة العربية والآسيوية، وستكون لهذا الوضع تأثيرات كارثية، ليس فقط على المستوى الاستهلاكي، ولكن أيضاً على المستويات الأمنية ومعدلات الرفاهية، فأعدادهم الهائلة ومستوياتهم التعليمية المنخفضة جداً تضفي بآثارها على أخلاقيات العمل والناس ومرافق الدولة، ومن خلال نظرة أفقية لمطارات المملكة تظهر العمالة الرخيصة في أعداد هائلة في صالات المغادرة والقدوم، وقد أدى استمرار هذا التدفق إلى انهيار مستويات الجودة في الخدمات سواء في الأسواق أو المطاعم أو في المطارات، بل لا بد من التذكير أن المجتمع يعيش وسط حالة ذكورية طاغية، فالنسبة العالية من السكان ذكوراً إذا أضفنا لهم العمالة.

أدرك أنني من خلال تقديم هذه المعضلة من خلال هذه الصورة القاتمة لا أقدم حلاً لها، لأني ببساطة لا أعرف علاجاً شافياً لهذه الإشكالية المتشابكة، فالوضع العام في المجتمع السعودي لم يتغير منذ سنين لعدم جدوى حلول المسكنات، وقد ينطبق عليه القول الشهير، (فالج لا تعالج)، لا زلنا في حالة انتظار طويلة لحلول جذرية ومؤلمة وقطعية، تنقل المجتمع من مرحلة الرعي إلى مرحلة الإنتاج والعمل، فما يجري الآن في المجتمع السعودي سواء في خطط وزارة العمل أو غيرها لا يحمل حلاً نوعياً، ولكن يحاول تقديم حلول مؤقتة لمشكلة مزمنة..

الأمل معقود في وزارة التخطيط، وهل في خططها القادمة مشاريع اقتصادية تنقل الحال السعودية من الرعوي إلى الإنتاج، وإلى خفض الاعتماد على العمالة الأجنبية، وهل سنشاهد دخول شركات عالمية في الصناعة إلى الوطن، ننقل عبرها ثقافة العمل والإنجاز للمواطن السعودي، أتمنى أن يحدث شيء من ذلك ليس فقط لأننا نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تغيير النمط الاستهلاكي في المجتمع السعودي، ولكن لأننا قبل ذلك نحب هذا الوطن، ونخاف على مستقبله.

 

بين الكلمات
فالج لا تعالج
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة