ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 26/08/2012 Issue 14577 14577 الأحد 08 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

هي فقدت والدها وانتقلت من شرق المملكة إلى جنوبها بعيداً عن الأم وأصدقاء الطفولة. هو الآخر فقد أمه وأبيه. يعيش في بيت والده الذي خلفه له ولإخوته. ورث وظيفة ثانوية كان يؤديها جده بمصلحة البريد. تسير الحياة وتكبر العائلة الصغيرة فيأتي الطفل الأول فالثاني والثالث في الطريق. علاقاتهم وصداقاتهم محدودة؛ هي بحكم عيشها الأولي بالمنطقة وهو بسبب تنقله في العيش مابين قرية أبيه وقرية أمه.

في تلك الليلة كان هناك زواج لأحد أقربائه. هي لم تتحمس في الذهاب معه. ربما لأنها تشعر بالغربة وسطهم أو لأجل متاعب الحمل. أو ربما كان هاجس توفير مبلغ لفستان يليق بحفلة العرس معيقاً لعدم ذهابها.

بعد حفل الزواج وعند منتصف الليل، عاد ليحضر زوجته وأطفالها من منزل إحدى قريباتها. جال بخاطرهم أن يتجولوا قليلاً في إحدى المنتزهات القريبة. الجو عليل والأطفال في إجازة وكعادة أمثالهم الفسحة المتاحة في المنتزهات المفتوحة مجاناً. لعب الأطفال في المراجيح واشترى لهم من البقالة القريبة بعض العصائر ورقائق البطاطس (الشيبس) وقرر العودة إلى المنزل. رغم بكاء الأطفال ورغبتهم في مزيد من اللعب...

كانت ليلة لا تنسى في حياتها! عاتبها على عدم حضورها معه حفلة الزواج وراضاها بنزهة ليلية، فرح بها الأطفال والأبوان.

في طريق العودة جاء مرورهما بنقطة تفتيش روتينية. لقد مرا بتلك النقطة مرارا عديدة. نسي في نشوة السعادة التي منحتها لهم تلك النزهة القصيرة أن يخفض صوت المسجل. ارتفاع صوت المسجل لم يرق لرجل الهيئة المتواجد في نقطة التفتيش. لا تدري سر وجود رجل الهيئة في نقطة تفتيش أمنية! ربما لقربها من المنتزه ورجال الهيئة مكلفون بمراقبة السلوك العام لزوار المنتزه...!

لم يتوقف رب الأسرة بانياً فرضيته (السعودية) ألا وهي أن العائلة لا يتم توقيفها أو تفتيشها...!

لم يرق ذلك التصرف للمعنيين بنقطة التفتيش. (تفازعوا) الهيئة والدوريات وقرروا ملاحقته. أخذتهم النشوة بمطاردته وارتداد كرامتهم التي رأوا أن ذلك الفتى أحرجها بتجاوزه وعدم توقفه.

ربما أيقن أنه مدان سواء توقف أم لم يتوقف، أو ربما أنه أخذ الأمر تحدياً. لا نعرف ما كان يدور بذهنه بالتحديد..

زاد من سرعته فزادوا سرعتهم خلفه وربما ضايقوه...

فجأة ضاق الطريق.. لم يستطع التحكم بسيارته المتواضعة. قفز بها من علو الجسر.

أخرجوا جثته بعد عناء من بين حطام الحديد. نقلوا الزوجة الحامل مغميا عليها مهشمة يدها والطفلين للعناية المركزة. في المستشفى القريب قالوا لا توجد إمكانيات. حملوا الأم وأحد الأطفال للمستشفى الأكبر. عبث الأطباء بيدها المهشمة وبعد عدة أيام جاءت المكرمة بنقلها لمستشفى العاصمة. هناك قالوا لم يعد بالإمكان أحسن مما كان. لقد تعفنت اليد وتأخرتم في إحضارها وإنقاذ يدها.

بتروا يدها فلم تعد تدري كيف تحمل وليدها القادم. فقدت زوجها فأصبحت بلا أب ولا زوج. خرج أطفالها وهم كذلك بلا أب ولا جد يرعاهم.

بادر المسئولون بالتحقيق. نقلوها بطائرة الإخلاء. زاروها في المستشفى. كل أخذ نصيبه من الحضور الإعلامي. لكن وماذا بعد؟

نسي الجميع الإنسانة. عدا بعض أهل الخير فتحوا لها حساباً للتبرعات. حتى المشفى الكبير كتب لها خروجا دون يد صناعية ودون أن تشفى جروحها الجسدية والنفسية...

من يكمل علاج سميرة وأطفالها ؟ من يؤمن لها وأولادها نفقة تقيها شر الزمان؟ من يمنحهم بيتا يعيشون فيه بقرب الجدة الوحيدة الباقية لهم؟

malkhazim@hotmail.com
لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm
 

نقطة ضوء
مصابة بلجرشي: من يداوي جراحها؟
د. محمد عبدالله الخازم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة