ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 03/09/2012 Issue 14585 14585 الأثنين 16 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

ماذا يعني أن تكون سعودياً؟
د. محمد ناصر الحقباني

رجوع

 

يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وسنةً بعد سنة، وعقداً بعد عقد وقرناً بعد قرن يتضح التلاحم والألفة بين شعب المملكة وحكومته الرشيدة-حفظها الله. ففي الوقت الذي تشهد بعض الدول حالة من الاحتقان الشديد بين شعوبها وحكامها لأسباب متعددة، يقدم شعب المملكة و قائدها الكبير-خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود-حفظه الله- أروع الأمثلة على الوفاء والولاء الذي يجب أن يكون بين أي حكومة وشعبها. سوف تتغنى الأجيال القادمة للمملكة العربية السعودية بهذا الأنموذج الملحمي الرائع، وسيكون بمثابة المبراس الذي ينير لها طريقها كلما حاولت بعض الشرذمة تعكير العلاقة الأزلية بين شعب المملكة و حكومته. و في خضم الأحداث الجارية و المتلاحقة يصبح من الضروري لنا و للأجيال القادمة أن ندرك المعاني المتضمنة في إجابات السؤال الوطني التالي: ماذا يعني أن تكون سعودياً؟

أن تكون سعودياً يتضمن تحقيق ثلاثة معايير ترضي الرب قبل العبد: تحقيق الإسلام بمفهومه الوسطي و الولاء بمفهومه الوطني والإنماء بمفهومه الاجتماعي و الاقتصادي الواسع. قامت المملكة العربية السعودية على المنهج الوسطي للإسلام البعيد كل البعد عن التشدد المقيت الذي تحاول بعض الجهات المأجورة إلصاقه بالمملكة و أهلها محاولين من خلاله تغليب الأمم عليها. ومن المؤسف -حقاً- أن هناك في المجتمع السعودي من اتخذ الإسلام لباساً أزراره من التشدد والتزمت من لا يرتديه-كما يرون- .

فقد أصبح في خانة «غير المسلمين»، ويقابل هذه الفئة فئة أخرى لا تقل تشددا عنها تريد دفع المجتمع السعودي نحو الهاوية من خلال تبنيها أفكاراً و اطروحات لا تراعي الأطر التاريخية و الجغرافية الخاصة للمملكة. إن هاتين الفئتين -في حال استمرارهما على منهجيهما -سوف تنخران بنية المجتمع السعودي المسلم، وتؤدي إلى سقمه، وربما -لا سمح الله- إلى وفاته. إن كونك سعودياَ مسلماً وسطياَ يتطلب منك إدراك أن المجتمع يتكون من أطياف مختلفة تغذيها قنوات فكرية متعددة ومتنوعة ، و أن هذا الاختلاف يجب أن لا يستخدم في تمزيق وحدة المجتمع السعودي. إن الاختلاف سنة كونية، وهو ما أكده خالق هذا الكون -سبحانه و تعالى-في كتابه المقدس: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. (الحجرات:13). لقد أكد ولي أمرنا -حفظه الله -مراراً و تكراراً ، وكان آخرها قبل أيام على ضرورة «الابتعاد عن التصنيفات المذهبية والفكرية و المناطقية، وعن استخدام لغة التصنيف والإقصاء». وعليه يتطلب كونك سعودياً مسلماً وسطياً أن تدرك أن الحوار الوطني الهادف-الذي و ضع بذرته ولي أمرنا- بين فئات المجتمع هو السبيل الحقيقي لتحقيق المواطنة السعودية القائمة على التسامح والتكافل بين أفراد المجتمع الواحد.

والمفهوم الثاني يتمثل في الولاء الوطني. يعتبر الولاء من أهم الركائز التي تعتمد عليها الدول في وجودها ونمو كيانها. فالولاء الوطني عند هذه الدول خط أحمر لا تسمح لفرد أو مجموعة في العبث به، ومن يفعل ذلك يصنف في خانة «الخائنين» لأمتهم، وتسن في حقهم أقصى العقوبات. فعلى سبيل المثال نجد دولة متقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية تشترط على منح المواطنة الأمريكية لطالبيها أن يودوا قسم الولاء Pledge of Allegiance قبل حصولهم على المواطنة. يحاول بعض المأجورين أن يصوروا «السعودية» على أنها مجرد اسم مشتق من العائلة المالكة، وهو بذلك-حسب ما يزعمون- يختزل المواطنة في هذه التبعية، وهم بذلك يتناسون عمداً و خبثاً أن «السعودية» لم تعد مجرد اسم عائلة بل أصبحت إرثاً ذا كيان تتوارثه الأجيال دون أن تنسى أو تتناسى هذه الأجيال-كما يفعل هؤلاء المأجورين- أن موحدها هو الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود- الذي وحد جزيرة العرب في حقبة زمنية كانت جميع الدول العربية راضخة تحت الاستعمار و الذل. و من غرائب الأمور أن تتواجد فئة محدودة العدد و الأفق على أرض الوطن «السعودية» تعبر عن ولائها لدولة أخرى أو لطائفة معينة، وتدعو عبر شعاراتها المضللة و صور رموزها إلى الانفلات و الانفصال عن الوطن الأم «السعودية» في الوقت التي يتوفر لها و لأبنائها حق العيش الكريم في «السعودية» من خلال مواطنتهم و مساواتهم الكاملة بكافة أطياف الشعب. إن كونك سعودياً يتطلب منك-ببساطة- تحقيق الولاء بمفهوميه الحكومي و الشعبي، وذلك عن طريق ممارسة أبسط مظاهر الولاء كتقدير جهود الدولة المسموعة و المرئية في الرقي بالمجتمع واحترام قوانينها والحرص على أداء دورك بأمانة في المجتمع و إظهار المحبة و الإخاء لأفراد المجتمع و نبذ التحزب بكل أشكاله الذي يؤدي إلى التفرق و التشتت.

و أخيراً و ليس آخراً، لكي يتحقق المعنى الحقيقي لكونك سعودياَ فلابد من تحقيق الإنماء بمفهومه الواسع اجتماعياً و اقتصادياً. أدركت السعودية-كغيرها من الدول- أن تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية هو الربيع الحقيقي لشعبها. لذلك حرصت حكومتها في كل عام على تخصيص الجزء الأكبر من ميزانيتها لتحقيق النمو للمواطن و المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية الحاضنة له. فعلى سبيل المثال، استثمرت الدولة جزءاً كبيراً من ميزانيتها في الجانبين التعليمي والصحي إيماناً منها أن الجهل والمرض كفيلان بتدمير المجتمع إن لم يتم التصدي لهما بالتعليم المتطور و العلاج المتقدم. وكونك سعودياً يتطلب منك المشاركة الفعالة في هذه التنمية التي ستكون بدونك صفراً على الشمال. و تمثل فئة الشباب من الجنسين النسبة الأعلى من السكان في المملكة، وهي بذلك الفئة العمرية التي ينتظر أن تمسك دفة التنمية في البلاد. لابد لهذه الفئة أن تدرك الأبعاد العظيمة لمفهوم «أن تكون سعودياً»، و التي أهمها قيام هذه الفئة وغيرها بدورها على الوجه الأكمل ليواكب ما استثمرته وتستثمره الدولة في دفع عجلة التطور و النمو للمجتمع السعودي. إن الزيادة المطردة في عدد العاملين غير السعوديين تشير إلى الانكفاء على الذات الذي يمارسه بعض السعوديين -بقصد أو بدون قصد - مما يهدر سنوياً بلايين الريالات بسبب التحويلات المالية التي تقوم بها هذه العمالة الوافدة. إن تحقيق السعودة -كمفهوم وطني اجتماعي و اقتصادي -يتطلب توطين الآلاف من الوظائف التي ما زال بعض الشباب السعودي يتهرب منها بحجج لا تحقق مفهوم السعودة.

أكاديمي و كاتب سعودي / mohammed@alhuqbani.com
 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة