ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 06/09/2012 Issue 14588 14588 الخميس 19 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

أن يطلب مدير أحد المستشفيات الإعفاء يعد في نظري خطوة في الاتجاه الصحيح، تنم عن بعد ثقافي تمتلكه هذه الشخصية، إذ لا زلنا - بعيدين كل البعد في المجتمع، وبخاصة الطبقة المسؤولة - عن عمق رؤية مثل هذه الشخصية، وسلامة تقديره للموقف، مع أنه بشكل أو بآخر فرد من أفراد هذا المجتمع الذي بدأ

يدخل مرحلة الوعي، والانفتاح على سلوك الآخرين، لكل ما فيه من مصلحة هذا الوطن والمواطن، أو المقيمين عليه، ممن يساهمون في نهضته وتطويره.

- على أقل تقدير ستبقى هذه الشخصية كاسبة النزال مع الإعلام، إذ خطفت بتصرفها وبتوقيتها أقلام الكثير من الكتاب، ولفتت انتباه المواطن إلى ما يجب، أو يفترض أن تكون عليه الخدمات المقدمة له من تكامل وشمولية، بوصفها حقاً من حقوقه العامة التي توفرها الحكومة، ليس لأحد - بعد الله - فضلٌ في توفيرها، أو تحقيق رفاهيته، وأمنه المعيشي، والصحي، والوظيفي، والاجتماعي.

- مثل هذه الشخصية الشامخة بقامتها الوطنية، وبصرف النظر عن ملابسات الإعفاء، في اعتقادي أنه من يمتلك من الشجاعة والوضوح ما يجعله يعترف بقصوره، إن وجد، والإفصاح عن قصور الآخرين، بكل حيادية وتجرد.

- لا أحد ينكر أن طلب هذا الإعفاء، والتلميحات من قبل مديرين آخرين إلى سلوك نهجه، وترسم خطاه، إن لم تحقق مطالبهم قد أربك بعض الأجهزة، وكشف عن سوءتها، وتركها تراجع حساباتها، وتقف على أداء أجهزتها المركزية، والقائمين على شؤونها، والمتحكمين في مواردها المالية والإدارية، ومشاريعها التنموية، وبخاصة في هذه الظروف، وفي هذا الزمن الذي تختلف إيقاعاته.

- استقالة مسؤول، أو مسؤولين اثنين، أحدث هذه الضجة الكبرى، فما بالكم فيما لو تتالت، أو تكاثرت الاستقالات، أو طلب الإعفاءات؟ وخلت بعض المؤسسات الحكومية، وبالذات الخدمية من بعض الكفاءات التي ترغب في إدارتها؟ ماذا ستكون التبعات، أو المواقف مع رأس الهرم؟ أترك ذلك للزمن، وللمواقف.

- من واقع خبرة وممارسة، كم من الكفاءات المتميزة داخل الأجهزة الحكومية، تعمل بصمت، وبعيدة عن الأضواء، وتبتعد كل البعد عن مراكز القيادة، أو الإدارة. وكم من وزير، أو رئيس، أو وكيل - والناس لا يعلمون - بذل قصارى جهده، وألحّ على بعض الكفاءات المتميزة، ولم يترك وسيلة إلا وطرقها، ولم يفلح في إقناعها في تسنم مسؤولية الإدارة، ووجد نفسه مضطراً للجوء إلى سواه، وحينئذ تبدأ التأويلات والتكنهات، لأن ذلك الفرد الفذّ الرافض، والذي يعد الخيار الأول يدرك عظم الأمانة، وثقل المسؤولية، ووزر الكلمة، حين يغفل عنها غيره. وكم من المسؤولين ممن يقع في شرك الإدارة، ولا يستطيع والإفلات منها بسهولة، وذلك لأسباب كثيرة ليس المجال هنا لذكرها. كم من الكفاءات دفنت، أو أقصيت، ونحيّت عن مصادر اتخاذ القرار، وبخاصة قبل ثورة الإعلام الجديد، لا لشيء، إلا لأنها لم تساوم على المبدأ الديني، والقيمي، والوطني، إذ ظلت نزيهة، لا تحكم سلوكها الماديات؟ وكم من الأشخاص قيمته في مكانته الوظيفية، ومقعده الوثير. لا بذاته، وقدراته، وسماته الشخصية والمهنية. كل هذه الأنماط، أتعرفون بماذا يتفقون، وبماذا يختلفون؟ يختلفون في تفاوت أفهامهم ومدركاتهم ووعيهم لقول الحق جلّ شأنه وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ . وقوله يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ .

وقوله كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ وقوله وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ، حينما يسأل الإنسان عن ماله ((من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟)). ترى ماذا سيكون الجواب؟ حينما يفر المرء من أخيه على مودته، وأمه وأبيه على عظم شأنهما، من الفصيلة المؤية له على قربها منه.

- مع هذا كله، يبقى هذا الحدث الذي أومأت إليه، وبنيت المقال عليه يجعلنا أكثر تفاؤلاً بمستقبل ثقافة هذه المجتمع، والتحول الذي طرأ عليها، بفضل فرد، أو أفراد أحياناً تخطو المجتمعات خطوات إيجابية في سبيل الإصلاح والتطوير، بدأنا نستسيغ المكاشفة، والشفافية، والوضوح على مرارتها، وعلى قسوتها على بعض الناس.

dr_alawees@hotmail.com
 

أوتار
في الاتجاه الصحيح
د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة