ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 08/09/2012 Issue 14590 14590 السبت 21 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نشرت الجرائد اليومية خبراً عن هيئة مكافحة الفساد، ونص الخبر أن الهيئة طلبت من وزارة التربية والتعليم بأن يتم إبلاغ المدارس الأهلية بعدم إجراء أي زيادة في الرسوم المدرسية، إلى حين اعتماد تلك القواعد والعمل بموجبها، وبقدر ما يفرحني نشاط الهيئة إلا أنني أعتقد أنها دخلت في معمعة متابعة الأوامر الحكومية، وكأني بها تؤدي أدواراً ليس لها علاقة بمكافحة الفساد المالي والإداري الذي أرهق كاهل الوطن وأضاع مقدراته، إذا لا أعتقد أن الهيئة تستطيع القيام بدور الحكومة التنفيذية أو الرقابية لأداء عمل القطاعات الحكومية.

لا زلنا ننتظر كمواطنين البدء في الإعلان عن تطبيقات آلية لكشف الفساد المالي وملاحقته، ولن يتم ذلك إلا بإعلان المتورطين فيه إن ثبت، وذلك من أجل بناء الثقة فيما بينها وبين المواطن، وقبل ذلك نحتاج إلى قوانين وتطبيقات تجعل من جميع العمليات المادية شفافة، وقابلة للفحص من قبل هيئات قانونية رقابية، لذلك لا أعتقد أن مراقبة رسوم المدارس الأهلية أو تجميدها هو أحد طرق مكافحة الفساد، لأننا كنا ننتظر أن نعرف على سبيل المثال ملاك هذه المدارس، وهل استغلوا يوماً ما مراكزهم الحكومية من أجل تحويل القطاع الحكومي التعليمي إلى أهلي عالي التكلفة، بعد تعطيل بناء المدارس الحكومية لأكثر من عقد، ورفع رسوم مدارسهم الأهلية منذ سنتين إلى مستويات عالية وغير مسبوقة، وهل ما زال بعضهم على رأس العمل!

أزمتنا مع الفساد ليست مراقبة رسوم، ولكن محاربة تقاطع الصالح العام مع الخاص، وتلك ورب النعمة آفة الفساد الفتاكة لمستقبل الوطن، مشكلتنا أننا نهرب من مواجهة هذه المعضلة الأليمة، وهي كيف نفصل بين الخاص والعام؟ وكيف نكشف المتورطين في المصالح الخاصة، وهم على رأس العمل؟ وهل أحد الأقرباء أحد المستفيدين من قراراتهم العامة، وكيف مراقبة ترسية المشاريع العامة وتطهيرها من المصالح الخاصة؟

دخول الهيئة في مراقبة التفاصيل التنفيذية لا يخدم الصالح العام، ولا زلنا ننتظر منها أولاً إعداد قانون لحماية المال العام، وقوانين أخرى ضد تعارض المصالح والاحتكار، على أن تقوم مؤسسات قانونية مدنية بملاحقة الفاسدين أمام القضاء العام، وأي حلول أخرى لن تجدي إذا لم نواجه هذه الآفة، والتي عادة ما تخرج من عباءة الفساد الإداري، والذي قد يؤدي إلى هلاك مصالح العباد إذا لم يتم إخراجه من المركزية والعلاقات الهرمية، على أن يتم فصل المؤسسات عن بعضها، وجعلها تعمل دون تنسيق في ما بينها.

ما نتحدث عنه ليس وليد اللحظة في العلم الإداري الحديث، لأنه أصبح من أبجديات جودة الأداء الوظيفي الحكومي في العالم الأول، فالدول المتقدمة أقرت منذ أكثر من قرن قوانين للحد من تعارض الصالح العام مع الخاص، ووضعت قوانين شفافة للمراقبة وللحكم بمنتهى الحزم ضد من يتلاعب بمصالح المواطنين وثروات البلاد، كذلك أوجدوا حلولاً مبكرة لاحتكار مدخرات العمل أو أرباح السلع لأسباب لها علاقة بالمحسوبية أو غيرها، هل ندرك مدى أهمية إقرار البرلمان البريطاني في عام 1623م قانوناً لمحاربة الاحتكار، وتجريم معظم الممارسات الاحتكارية، وقد رسخت تلك النظرة بالفعل بعد ظهور الثورة الصناعية في بداية القرن التاسع عشر صحة عدم مشروعية الاحتكار، وأكدت أن الطريقة الصحيحة هي بالمنافسة والشفافية في الأسواق وحماية مصالح الفرد.

هل ندرك أن تلك الخطوات المبكرة جعلت من مملكة بريطانيا أكثر بلاد على وجه الأرض تعيش نعمة الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني منذ قرون؟ وإذا كنا بالفعل ندرك ذلك.، لماذا لا نركب القافلة التي تسير في الاتجاه الصحيح منذ أربعة قرون!، ثم لا نتوقف أبداً عن السير للأمام؟!

 

بين الكلمات
هيئة مكافحة الفساد والدور المنتظر
عبدالعزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة