ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 10/09/2012 Issue 14592 14592 الأثنين 23 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

(1)

إذا كان الزمانُ والمكانُ لم ينصفاني في بداية مشوار عمري، فعانيتُ من غلبتهما ما عانيتُ فقْراً وتشَرُّداً، فإنّ نعمةَ الله عليّ ورحمتَه التي وسَعِتْ كلَّ شي قد قيّضتْ لي الفوزَ في المحطات التالية من عُمْري، ومنَحتْني الغَلَبةَ على عُسْرِ الأمس وزُهْدِه !

***

- ومشوارٌ مؤلمٌ كهذا لا يعني أنه نفقٌ من الفشل لا نهايةَ له، فسُبُلُ النّجَاح والفشلِ متعدّدةٌ متلونةٌ الأسباب والأطياف والنتائج، وكلُّ كَتَب الله له من حياتِه لحَيِاتِه شيئاً، إنْ عسْراً أو يسْراً !

(2)

- وعلّمتني الحياة أنّ من البشر منَ يشْقى في حَياته بلا نصيب ولا جدوى !

- ومنهُم من يُبدَّلُ الله له من بعدِ عُسْره يسْراً..

- ومنهم من يَهبَهُ الله (مفاتيحَ) السَّعادة واليُسْر فوقَ طبقٍ من نحاس أو فضةٍ أو ذهبٍ، وكلُّ يُرزق وفْقَ ما قُدّر له.

***

- لكنّ الأجْملَ من ذلك كلِّه أن يَليَ العسرَ يُسْرٌ، وأن يَهْزمَ الجوعَ الشبعُ، وأن تَطْمئِنَّ النّفسُ بعد طُولِ شَقَاء، فالضدُّ بضدِّه يُعرف !

(3)

- كنتُ في صدر شبابي أخافُ من (الخوف)، وهو أشدُّ ما يروَّعُ الإنسان السويَّ ! فكيف بغير السويّ !

- كنتُ أخشَى مفاجآتٍ يضْمرُها الغدُ لي قد لا يكونُ لي في بعضها نفعٌ، وأظنُّ ظناً يدنُو من اليقين أن تَراكُمَاتِ الألم والحزن والحرمان في حياتي عَبْر السنين الأولى من عُمْري قد أوقَدتْ في نفسي لظَى ذلك الخوف ! كُنتُ أخْشَى معه من الفَشَل إلى حدَّ أنه كان يُرغمني أحياناً على التردُّد في اقتحام غِمَار تَجاربَ جديدةٍ ! وآيةُ ذلك ما نالني من فتنةِ التردُّد في خوض غمار الدراسة الجامعية في أمريكا مُبْتَعثاً عقب تخرجي من المرحلة الثانوية، كان (الخوف) من عَدمِ مباركةِ سيدتي الوالدة رحمها الله للخطوة مقْتَرناً بالخوفِ من الفشلَ دراسياً في أرض الغربة. لكن اقتناعَها في وقت لاحقٍ بابتعاثي ومباركتَها له، إلى جانب تحريض سيدي الوالد رحمه الله على ذلك، بدَّد سُحبَ الخوف في خاطري وكانت بدايةً لأجْملَ نهاية !

(4)

- وعلمتني تجاربُ السنين ـ وما اسْتصْحبَتْ من الأحداث الموُجِعَة ـ العديدَ من العِبَر من أهمّها: أنه لا شَيءَ أقْسَى على المرْء سِوَى الخوفِ من الخوفِ نفسه ! كما قال الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روز فلت في خطاب شهير يعودُ تاريخُه إلى النصف الأول من القرن الماضي عقب كارثة (البير هاربر) التي أدخلت بلادَه أتونَ الحَربِ العالمية الثانية. والإنسان السويُّ تُمِلي عليه فطرتُه بادئَ الأمر قَدْراً من التَّردُّد في فعل أيَّ شيءٍ جديد، إمّا بسبب الجهْل بفُرصِ النجاح فيه، أو بَسَبب قصُور التأهيل للتَّعاملِ معه وصُولاً إلى النجاح المنشود، فإنْ طغَى على المرء الخوفُ ترجيحاً للفشل أو خَوْفاً من نتائجه، فإنّ صاحَبهُ سيقْعدُ حتماً مع القاعدين، وسيبْقَى أسيرَ خوفه أو تشاؤُمه أو الاثنيْن معاً!

***

- أمّا إنْ حَزَم أمرَه وتوكَّل على الله، وأعدَّ لنفسه عدّتَها لمواجهة ما يريدُ فعلَه، بروحٍ من التّفاؤل الحَذِر، أو الحَذَر المتَفَائل، فإنه لابدّ بأذن الله وقدرته أن يَبْلغَ ما يُريد، إنْ لم يكن في التَّجربةِ الأولى ففي الثانية أو حتَّى الثالثة، وكلُّ تجربة، وإنْ انتَهتْ بادئَ الأمر بفَشَلٍ، سيلْتقِطُ منها فاعلُها معْلومةً أو عِبْرةً أو دَرساً يُعينُه على عَدَمِ تكْرار الخَطَأ في محَاولتهِ التاليةِ أو التي تليها!

(5)

- أخيراً، أُسلّمُ بأنّني قد استفدْتُ كثيراً من مواجهات الخوف من الغد ومن احتمالِ الفَشلِ في إدراك ما تَتَمنَّاه النفس، وقَرّرتُ منذ فترة مبكَّرة في حياتي أن أواجهَ الخوفَ بـ(اللاَّخوف) منه، وأنْ أقهرَ الفشلَ بالتفاؤُل الحَذِر والعمَل الجَاد تِطلُّعاً نحو الفَوزِ بالمراد، ثم أمضي أُمارسُ عمليةَ (احْتراقٍ) داخلي فأُشْغِلَ نفسي بالعمل، مُعْتِمداً على الله أولاً، ومُسْتِفيداً من مُخْرجَات (التجربة والخطأ) في سلوكي وصُولاً إلى النجاح.

والحمد لله من قبل ومن بعد.

 

الرئة الثالثة
بعض مما علمتني الحياة !
عبد الرحمن بن محمد السدحان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة