ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 10/09/2012 Issue 14592 14592 الأثنين 23 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

حمد الشاوي: قدوة في حسن الخلق ومحبة الناس والوطنية الصادقة
مرعي بن مبارك بن محفوظ

رجوع

 

أفذاذ الرجال لا يموتون فإذا كان الجسد يوارى في الأرض فإن الأعمال تثمر على الأرض من بعد صاحبها تعيش في قلوب الذين أفادوا منها عطراً يتضوع وقدوة تتبع وعلم ينتفع به. أبدية العمل الصالح الذي يبقى من بعد صاحبه إلا كلمة طيبة جذرها ثابت في الأرض وفرعها في السماء.

هكذا كان حمد بن محمد بن عثمان الشاوي، ابن البكيرية البار ومن خير ما أهدت منطقة القصيم للوطن الكبير كان نموذجا مشرفا لها في منطقة مكة المكرمة، حيث أراد الله له بعد رحلة طويلة من التنقل بين منابع العلم وشرف العمل الحكومي الوطني أن يستقر ويسكن أفضل بقاع الأرض: وهي مكة التي شرفها الله بشرف عظيم دون الكون كله.. رحل عنا الأخ الحبيب والرجل الأصيل والوطني الأمين إلى جوار رب كريم، رب رحيم غفور، ذكراك خالدة يا أبا محمد وأهل مكة يدعون لك بالرحمة والمغفرة لأنك أحببتهم وأحبوك، وحبك باق في قلوبهم بسجل ثابت وسيرة عظيمة عطره.

عرفته سنة 1390هـ حين كان رئيساً لديوان إمارة منطقة مكة المكرمة، كنتُ من المراجعين حينا و ضمن الزائرين حينا آخر للسلام عليه فهوى قلبي إليه لسمو خلقه ونبل طباعه وعظيم مروءته. لم يملك الشاوي قلبي وحده فقد هفت إليه أفئدة أهل مكة فملكها طرا بأسلوبه الحضاري الرقيق الدمث وبتواضعه العظيم للفقير والغني والصغير والكبير على السواء فكان نموذجا ناجحا للإداري الفذ رحمه الله. هذا ما لفت نظري وإحساسي في شخصيته، فكان له الحب وكان دائماً صاحب الفضل بالعدل والحق لا يقدم أحدا لماله أو منصبه فالكل أصحاب مطالب وهم جميعا متساوون في المواطنة يهش ويبش في كل الوجوه. كان الشاوي يشعر كل من يدخل عليه لأول مرة وكأنه صديق قديم لم يقابله من مدة طويلة من شدة الحفاوة به. لا يشعرك أبدا انه صاحب فضل عليك - عكس ما يفعل بعض موظفي الحكومة الذين يمنون على المواطنين بخدماتهم عفا الله عنهم- كان الشاوي يقول لكل من يشكره: نحن أُجراء لخدمة كل مواطن وهذه أمانة خادم الحرمين الشريفين ولكم الفضل.

وقد أتيح لي الاقتراب من هذا الرجل الشهم الفذ فكان لي صديقا صدوقا وكان أستاذا فاضلا تعلمت منه الكثير في مدرسة محبة الناس والإخلاص في خدمتهم وعرفت أن ذلك هو أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه وفي ذلك اختبار لإيمان العبد. قال لي مرة رحمه الله عندما سألته عن سر صبره على الناس» قال رحمه الله: العبد الذي يخالط الناس ويخدمهم ويصبر على أذاهم ويتسامح معهم أحب إلى الله من العبد الذي يعتكف بعيد عن الناس وليس لديه وقت لخدمتهم ولا صبر على أذاهم مهما بلغت عبادته. وأظن أن هناك أحاديث نبوية في هذا المعنى كثيرة.

وإن عرف عن حمد محمد الشاوي الإدارة واللغة العربية والتاريخ والصحافة، ولكن عند الشدائد عرف عنه انه حازم ومسؤول أمني من الطراز الأول، وشهد له المجتمع المكي بدوره في أحداث الحرم المكي الشريف عام 1400هـ فتنة جهيمان، كان يتفاعل مع الوضع الأمني والعسكري ويؤدي كذلك عمله الإداري بكل هدوء واطمئنان وكان يرسم القدوة لمن معه في صمت يبدأ بنفسه دون أن يأمر أحد فيتقاطر الناس من بعده يحذون حذوه. وهكذا هم أفذاذ الرجال.

حمد محمد الشاوي إداري محنك لم يسجل عليه يوماً أن مراجعاً في إمارة منطقة مكة المكرمة خرج منفعلاً أو غاضبا، وبعد أن جاء المغفور له بإذن الله تعالى الأمير الإنسان «ماجد بن عبد العزيز» أميراً لمنطقة مكة المكرمة اكتملت فيه الشخصية الإدارية والإنسانية، لان الأمير ماجد بن عبد العزيز أصبح يثق في عمله الإداري، والوصية الهامة هي اللين والرحمة وكان يقول له دائما: (هذا جوهر النظام يا حمد).

حمد محمد الشاوي صاحب الصفات الرائعة وحسن الخُلق وسماحة الروح، هو بحق رجل دين سمح ويحكم بنظام دولة رحيمة على المعتمرين والحجاج، بيانه في الحق واضح وعلاجه للقضايا بحكمةٍ مؤمن قوي أمين، له عينان لا تهدآن من التوثب، تنتقلان بين المراجعين والزائرين توضح الإعجاب لفريق والتوجيه للآخرين، شفتاه ذات ابتسامة خفيفة وصادقة، وإذا تحدث لا يخرج عن أقوال الشرع ونصائح العلماء والأدباء.

حمد محمد الشاوي، عطوفاً على كبار السن رحيماً صبوراً على طلبات أهل قرى مكة، إذا تحدث لهم صَغت له المسامع وقنعوا بتوجيهه في أمور القبائل، وهذا والله ما عرفته فيه وما عرفه كل الناس عنه بأنه «رجل المواقف وصاحب كلمة الحق» واشهد الله تعالي على ذلك.

حمد محمد الشاوي له قصة مشهورة سردها للجميع وهي «بعد وفاة والدهم كان الإمام الموحد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله تعالى هو الأب العطوف ومظلة الرحمة، والأمر بتعليم أبناء الشيخ محمد الشاوي»، فدرس الأكبر «حمد» مرحلة قبل الجامعة بين الرياض ومكة المكرمة، وابتعث بعدها إلى مصر لدراسة البكالوريوس في اللغة العربية جامعة الأزهر، وبعد التخرج أمر أن يكمل الدبلوم العالي من معهد الإدارة بمصر، فأصبح العلم هدفا ساميا استمر ينهل منه حتى حصل على الماجستير في اللغة العربية من جامعة الأزهر، واختتم التعليم بعشقه الثاني وهو دبلوم من معهد الدراسات العليا بالقاهرة من قسم التاريخ.

حمد محمد الشاوي من أوائل السعوديين الذين عملوا بنصيحة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يرحمه الله أن سلاح الإنسان هو العلم وبعد العلم والتعلم كانت الإدارة والقيادة هي هاجس المرحلة الأولى من حياته العملية، ومع ذلك لم ينس شغفة الشخصي للصحافة ليقينه بأثرها الإيجابي على المجتمع وإنها قناة التوجيه لبناء الوطن وتنمية الإنسان، لذلك بعد فترة أصبح أحد الأعضاء المؤسسين لـ»جريدة الجزيرة» وتنقل داخلها بين مؤسس وعضو مجلس ومسئول في إدارتها.

ختاما، حمد الشاوي كان مثله الأعلى المعلم والحبيب المغفور له بإذن الله تعالى الأمير « نايف الأمن والمكانة « ونبراسه حتى وفاته الأمير أحمد بن عبد العزيز حفظه الله تعالي للوطن والأمن والمواطن،

من القلوب والحناجر والألسن الدعوات إلى الله.

عظم الله أجرنا وأجر الوطن في العبد الصالح بإذن الله تعالى حمد بن محمد بن عثمان الشاوي ولا نقول إلا قول الحبيب المصطفى «إن العين تدمع والقلب يحزن وإنا لفراقك يا (شاوي) لمحزنون، (إنا لله وإنا إليه راجعون).

- رجل أعمال وعضو سابق لمجلس منطقة مكة المكرمة

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة