ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 14/09/2012 Issue 14596 14596 الجمعة 27 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

أكدوا أن الإسلام حفظ حقوق الإنسان.. دعاة وخطباء لـ( الجزيرة ) :
أحكام الشريعة حفظت لجميع البشر أموالهم وأنفسهم وأعراضهم من أي إساءة أو انحراف

رجوع

 

الرياض - خاص بـ «الجزيرة»:

أجمع العلماء على أن المقصد الكلي للشريعة الإسلامية هو تحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، فما من حكم شرعه الله أمراً كان أو نهياً إلا وهو جالب لمصلحة، أو دارئ لمفسدة، أو جالب ودارئ في آن واحد. وهذه المصالح هي جماع حقوق الإنسان، التي تنحصر على اختلاف مسمياتها، وتنوع مقتضياتها في حفظ المصالح الخمس الكبرى، وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وحفظ ما يخدمها ويكملها من الحاجيات والتحسينيات، وهذه الضروريات الخمس وما يخدمها ويكملها هي المصالح المقصودة للشارع من تشريع الأحكام، ولا يخرج عنها أي حكم من أحكام الشريعة الإسلامية أمراً كان أو نهياً، عن هذه الحقوق تحدث عدد من الدعاة والخطباء وطلبة العلم.. فماذا قالوا؟

الإسلام حفظ الحقوق

يؤكد الداعية عضو اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ورعاية السجناء بنجران الشيخ محمد بن عبد العزيز المطرودي أن الدين الإسلامي حفظ الحقوقِ والكرامة للفردِ والمجتمع المسلم، وكذا الدولةِ والأسرة، والآداب الخاصة والعامة، بل والذوقيات النَّفسية التي تملأ قلب المسلم والمسلمة وتزيده ثباتاً.

وقال: إن مما هو مسلَّمٌ أنَّ المحكماتِ الشَّرعية المتفق عليها تأتي كبيانٍ لمقاصد الدين وأصوله الكبرى، وأنَّه لا يرادُ بالنَّاس الحرجُ والمشقةُ وإنما الرَّحمة المتراكمة، واليسرُ المضاعفُ من خلال التشريعات التي تحفظُ الدينَ، والعقلَ، والنَّفسَ، والمال، والعرض، والنَّسب والسلم الاجتماعي الذي يكون به الاستقرار وتستقيم الحياة به، ويكونُ عليه الاجتماعُ والتآلفُ ونبذ الفرقةِ والتنازع، ولن تجد ديناً كالإسلام في حفظ دماءِ النَّاس وتجريم سفكِ الدم بلا وجه حق، كما إنَّ الإسلام رفع من قدر الحرية التي تتطلع إليها النَّفوس والشعوب، وذلك بجعل العقد بين الراعي والرعية قائماً على شراكةٍ ينتفع منها الجميع الحاكم والمحكوم، بعيداً عن الاستبداد والظلم والقهر كما هو الحال في الأنظمة الدكتاتورية، التي تستعبد البشر وتمتهن كرامتهم، وبعيداً عن خلق الفوضى في المجتمعات المستقرة، والحريةُ كامنةٌ في التَّقوى والنَّزاهة كما أشار الشافعي إلى هذا المعنى، ومن العدل أنَّ المسلمين لم يكرهوا أحداً على دخول الإسلام، ولا نجد في تاريخنا الحافل بالقسط ما يُسمى اليوم باضطهاد الأقليات، وكان أهلُ الكتاب في الشام ومصر والعراق وغيرها يلقون من العدل والكرامة ما لم يسمع بمثله، وهذا أمر تم العبث به فكريا وتاريخيا وأحسب أن الأمة باتت في وعي لهويتها ومقاصد دينها؛ خاصةً مع انكشاف سوءة النظام العالمي الذي ينحازُ عن قضايا اضطهاد المسلمين، ويطوعُ المواثيق الدولية لمصالحه؛ من خلال المنظمات المدنية التي تمارس أبشع الصور لانتهاك كرامة الإنسان.

قال المطرودي: إن هناك أمورًا تتجلى من خلالها الرغبةُ القاصدةُ في بناء كرامةٍ نفسيةٍ، وشخصيةٍ نبيلةٍ للمسلم والمسلمة، من خلال التَّرغيب في العلم وتحصيلهِ وعدم الرضا بالجهل، بل جعل الاجتهادُ وتحقيقُ النظر مجالاً للعقل في البحث والتأمل والمراجعة في الأحكام المظنونة والأقيسة والأقضية بين الناس، وشرعت المجادلة بالتي هي أحسن وإقامة الحجة لبيان الحق، وفقهُ الوسائل والمصالح المرسلة من أوسع الأبواب التي تتناسب مع أحوال النَّاس وتستوعب ما يطرأ من خلال الزمان والمكان، والله تعالى سمى الإسلام يسراً كما قال تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} والياء والسين والراء أصلٌ في الكلمة كما يقول علماء اللغة، ومعنى هذا أنَّ الكلمة تجمعُ كل معاني اليُسر والسُهولة؛ والبعد عن كل ألوانِ المشقةِ والغُلو، وهذا ظاهرٌ من خلالِ أربعةِ أمورٍ مجملةٍ؛ أولها: اليسرُ في العقيدة والإيمان: ففي الإسلام لا يعبدُ الإنسانُ الإنسانَ، ولا يعبدُ الأحجارَ والنَّجوم، وإنما أُمر بمعتقدٍ واضحٍ لا تعقيدَ فيه؛ وهذا فيه احترامٌ لعقله وحدود فهمه كما قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}، وثانيها: اليسر في الأحكام الشرعية وتعظيم الأجور فيها والإتيان بها حسب الاستطاعة والقدرة، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وهذا ظاهر في الجمع والقصر، والصوم والفطر، والتيمم، وأحكام المرض، والحيض والنفاس وغيرها، وثالثها: اليسر في المعاملات: وضمان حرية التملك والتصرف للرجل والمرأة، وضمان حرية العمل أيضاً، ووضعت الضوابط الشرعية التي من شأنها حفظ المال العام والخاص، وألا يكون المالُ سبباً في اضطراب أخلاق المجتمع، وإفساد القيم الكبرى التي يجتمع عليها الناس؛ ويحفظ بها السلم الاجتماعي، اليسر في الحدود والتعزيرات والكفارات: ذلك أن مبدأ العقوبة على الخطأ والجريمة أمرٌ متفقٌ عليه بين البشر فضلا عن الديانات السماوية، فلا يمكن أن يُسمح لأحدٍ تَملَّكُه الانحراف والشَّطط أن يعتدي على الآخرين ثم لا يكون ثمة رادعٌ يردعه ويؤدبه، من أجل ذلك كان في القصاص حياة للمجتمع والأفراد والدولة بل هو منجاة حتى لمن أقتيدَ بحدٍ فهو كفارة له، وجُعل لأعراض النَّاس ما يصونها حتى لا تكون كلأً لضعيف الدين والعقل أن يشيع الفرقة ويشوه أعراض الغافلينوالغافلات.

الحقوق محفوظة

ويقول مدير مكتب الإرشاد والتوجيه التابع للحرس الوطني، والمدير التنفيذي لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بحائل الشيخ خالد بن سليمان العامر: الحقوق في الإسلام ليست بشرية التقرير بل هي وحي من الله فما جاء به القرآن الكريم فهو كلام الله تعالى وما جاءت به السنة فهو أيضاً وحي من الله تعالى يجب العمل به قال تعالى: {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}، ولذلك تجد هذا الاضطراب في العالم في قضية الحقوق لكون أغلبها ليست من عند الله بل هي باجتهادات البشر. والبشر يعتريهم ما يعتريهم من النقص والجهل والهوى والمحابات ونحوها مما لا يمكن التخلص منه قال سبحانه: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}، فلو تمسك المسلمون بإسلامهم حق التمسك وطبقوه حق التطبيق لكانوا مثالاً حياً يُحتذى من كل الأمم، ولقد جاء الإسلام ليحفظ للإنسان ما لا يمكن أن تستقيم له حياة بفقدها أو بفقد بعضها أو أحدها وهي: (الدين، والنفس، والعقل، والنسب، والمال)، ولقد جمعها الله تعالى في ثلاث آيات في كتابه فقال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا اْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153))، والتحكم بهذه الضروريات كلها لا يمكن أن ينضبط إلا بالمحافظة على العقل قال تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، لذلك تجد أن الإسلام حرم كل ما يسبب فساداً للعقل من الخمور والمسكرات ونحوها فكل ما يؤدي إلى فساد العقل فهو ممنوع في الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر خمر. وكل مسكر حرام. ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها، لم يتب، لم يشربها في الآخرة).

وواصل الشيخ خالد العامر قائلاً: ومن حقوق الإنسان في الإسلام أن يتحقق له الأمن وكل وسيلة تؤدي إلا زعزعة الأمن فهي محرمة في الشريعة ورتب عليها في الإسلام عقوبات متعددة مثل القتل فعليه القصاص، والإفساد في الأرض وقطع الطريق وما على شاكلته عليه حد الحرابة قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }، والسرقة عليها القطع أو التعزير، والجروح قصاص، ونفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان عن المنتهب. وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) فحتى تخويفه ولو مزاحاً ممنوع شرعاً فكيف لو أوقع به ما يضره، كما أن من أهم الحقوق التي ضمنها الإسلام للإنسان أنه لم يجعل عليه في الدين من حرج قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ}، فما من باب فيه حرج على الناس إلا وجعل الله لهم منه مخرجاً فالمذنب المستوجب للعقوبة له التوبة والرجوع إلى الله فليس بين العبد وبين الله بوابين ولا حجاباً يحجبون حاجته عنه بل الصلة بين العبد وربه مباشرة، والكافر له الإسلام وهو يجب ما كان قبله، والمسافر يقصر ويجمع الصلاة ويفطر في رمضان، والمريض يفطر ويصلي على حسب قدرته، ويتمم إذا لم يجد الماء أو عجز عنه، فالحمد لله على رفع الحرج عن المسلمين، ومن حقوق الإنسان التي ضمنها له الإسلام أن الله لا يكلف الإنسان فوق طاقته قال تعالى: {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}، فهو سبحانه لا يكلف الإنسان ما لا طاقة له به بل يكلفه ما بوسعه وما خرج عن وسعه فو معفيٌ عنه، وفي الإسلام لا تعارض بين تطبيق الإسلام بكليته وبين أن يتمتع الإنسان بحقوقه بكليتها ويتمتع بحريته وعاداته مع كونه مطبقاً للإسلام فيكون مسلماً ويطبق تعاليمه ويكون تاجراً، ومزارعاً، وعالماً للفلك، وعالماً للفيزياء، وطبيباً، ومؤرخاً، وعسكرياً، خلافاً لمن يفهم أنه لو طبق الإسلام بكل تعاليمه لا يمكنه أن يمارس حياته العادية بكل أريحية، إذن حقوق النسان في الإسلام ثابتة راسخة من عصر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلا تتغير بالانقلابات، كما أن حقوق الإنسان في الإسلام لم يفرق فيها بين الرجل والمرأة بل كل واحد من المسلم له وعليه حقوق سواءً رجلاً أو امرأة وما مطالبة أعداء الإسلام بحقوق المرأة بألعوبة تمر على المسلمين هكذا فوراء مطالباتهم ما وراءها من محاولة غزو بلاد المسلمين عن طريق بعض الشعارات التي هم في الحقيقة أبعد ما يكونون عنها ونحن يكفينا أن نثق بديننا وبعدالته وصدق نبينا عليه الصلاة والسلام فما العدل إذا لم يكن هو إمامه عليه الصلاة والسلام وأي عدل يطلب غير عدل الله تعالى الذي حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً على الناس.

تأمين الوسائل

وبين خطيب جامع اللحيدان في نجران عضو هيئة التدريس بالمعهد العلمي في نجران الشيخ علي محمد السميري أن حقوق الإنسان في الإسلام متعددة أولها: حق الحياة: وهو الحق الأول للإنسان، وبه تبدأ سائر الحقوق، وعند وجوده تطبق بقية الحدود وعند انتهائه تنعدم الحقوق.، ويعتبر حق الحياة مكفولاً بالشريعة لكل إنسان، ويجب على سائر الأفراد أولاً والمجتمع ثانياً والدولة ثالثاً حماية هذا الحق من كل اعتداء، مع وجوب تأمين الوسائل اللازمة لتأمينه من الغذاء والدواء والأمن من الانحراف، وينبني على ذلك أحكام منها: تحريم قتل الإنسان، وسد الذرائع المؤدية للقتل، وتحريم مقاتلة المسلمين،، والقصاص في القتل، وتحريم الانتحار مورداً على كل واحدة منها دليل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والحق الثاني حق الكرامة: وهناك حقوق تحفظ للإنسان كرامته التي وهبه الله إياها، فمن تلك الحقوق: النهي عن سب المسلم والتنابز بالألقاب، وتحريم السخرية من الإنسان، وتحريم التجسس على المسلمين وكشف عوراتهم، وحفظ كرامة المسلم حتى بعد موته، والمسارعة إلى تجهيز الميت، والحق الثالث حق الحرية: وتعني الملكة الخاصة التي تميز الكائن الناطق عن غيره، وتمنحه السلطة في التصرف والأفعال عن إرادة وروية، دون إجبار أو إكراه أو قصر خارجي، والحق الرابع: حق التدين: قال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، فحرية الاعتقاد في الدين الإسلامي لأهل الكتاب ممن ينتسبون إلى دين نبي، وإن كانوا على خلاف دين نبيهم لما أجراه أسلافهم من التحريف؛ لأنهم ليسوا مسؤولين عما لم يعلموه، فأما الزنادقة من كل مذهب ونحلة فقد نص المحققون على عدم قبول توبتهم»، مستعرضاً حكم المرتد في الإسلام، كما جاء في الكتاب والسنة قال تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وقال عليه الصلاة والسلام: (من بدل دينه فاقتلوه)، قال البغوي: «والعمل على هذا عند أهل العلم، أن المسلم إذا ارتدّ عن دينه يقتل»، وحرية الارتداد هنا معناها الوحيد إعطاء الآخرين حرية الإساءة إلى الإسلام وإهانة عقيدته والاحتيال على شريعته، فهل يقبل هذا منطق سليم؟! إن التنقل بين شتى الأديان ليس أمراً سهلاً ولا ينبغي أن ينظر إليه بقلةكتراث. إن الارتداد قلما يكون أمراً قلبياً فحسب، ولو كان كذلك ما أحسّ به أحد، فالارتداد في أغلب صوره ستار نفسي للتمرد على العبادات والتقاليد والشرائع والقوانين، بل على أساس الدولة نفسه وموقفها من خصومها الخارجيين، ولذلك كثيراً ما يرادف الارتداد جريمة الخيانة العظمى، وتكون مقاومته واجباً مقدساً، وأية دولة لا تلام على موقفها الصارم من المرتدين يوم يكون موقفهم طعنة لوجودها، على أن الارتداد في ظلال النظام الإسلامي يمثل شذوذاً منكراً لا يمكن البتة تصور بقائه مع استقرار الأنظمة العامة وتوفير المهابة والنفاذ لها.

ويضيف السميري يقول: ومن الحقوق حق التعليم، وحق التملك والتصرف:حق التملك يعني الاعتراف بحق الملكية الفردية للإنسان وتمكين المالك من سلطة التصرف بالشيء والاستفادة منه واستغلاله، والأصل أن يكون في الأعيان، ثم قرِّر في المنافع والحقوق، والتملك في الأصل يقع على المال الذي هو أحد الضروريات الخمس في الإسلام، ويعتبر المال إحدى الدعائم الأساسية في الحياة، وهو أحد عناصر الإنتاج مع العمل والموارد الطبيعية، وهو زينة الحياة، وفطر الإنسان على حبه، وأصل الملك لله تعالى والعبد له التصرف: قال تعالى: {وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}، وكراهية الشريعة تكديس الأموال بأيدي فئة من الناس: قال تعالى: {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ}، ومن الحقوق حق العمل: قال تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}، في هذه الآية وغيرها يمتن الله على عباده بأن قسم الزمن على هذه الأرض بين ظلام الليل وضياء النهار، وفي هذا إرشاد للخلق إلى أن هناك وقتاً للعمل وهو النهار وآخر للراحة وهو الليل، والحث على السعي لطلب المعاش في الأرض: قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }، والتحذير من أكل حقوق العمال: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره)، وحرية العمل: لكل إنسان الحق في أن يعمل ما يشاء وأن يكسب من الطرق المشروعة ما شاء، وله الحق في اختيار وقت العمل وساعاته واختيار الوقت إذا كان يعمل لنفسه، فإن عمل إلى غيره فالعبرة في العقود عامة وعقد العمل التراضي وما يتم الاتفاق عليه في تقييد الزمان والمكان وتحديد ساعات العمل وأجره، ولا تقيد حرية العمل إلا القيود العامة في الحلال والحرام وضمن الأحكام الشرعية، وألا يؤدي العمل إلى الإضرار والضرر بالغير.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة