ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 16/09/2012 Issue 14598 14598 الأحد 29 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يستطيع المرء، وهو يُشاهد فيلما عن رجل وجَدَ مالا في حقيبة، أن يُدرك - منذ بداية الفيلم - أن المال المُلقى على قارعة الطريق سيكون لعنةً على من وجده.

لعنة.. لأن من وجده لا يستطيع، بالمعرفة والخبرة، أن ينجح في أن يُحوّله نعمةً، مثلما “نستطيع” نحن،

بـ “خبراتنا وذكائنا وثقافتنا”، أن ننجح في ذلك.

ممثلو الأفلام هم وحدهم الذين لا يُشاهدون الأفلام، وتاليا هم الوحيدون الذين لا يدرون ما الذي يُمكن أن يكون قد جرى في فيلم سابق.

لذلك، فإن ممثلي الأفلام هم دائما “جهلة”، ولا يُحسنون التصرف. لكننا نحسدهم، لأنهم جهلة وحمقى بالضبط، ولأننا نشقى بمعرفتنا وبخبراتنا وثقافتنا، ونعرف أن “المُصادفات” تتعمد أن لا تلاقينا نحن، لعشقها أقواما جاهلين.

الجهل سبب للحسد. لكننا نعرف. ونعرف أيضا أن المعرفة حين تحلّ لا يُمكن محو آثارها. حين نعرف ترسخ المعرفة فينا، فلا يعود مُجديا أن نُقبل على الحماسات والجهل، بقلوب بريئة، وعقول عذراء.

المعرفة لعنة، لأنها عدوة الحظ، ولأن الحظ يحتاج، أولا، ألا ننتظره.

الحظ يحتاج أن يحلّ على غير توقع منا، أن يُفاجئنا.

لكننا نعرف، ونحسب الاحتمالات، فلا يعود الحظ يجد منفذاً إلينا.

هكذا، فإننا لا نستطيع - مثلاً - أن نُقدم برنامجا تلفزيونيا نضحك فيه عن ظهر قلب، ولا عن بطن قلب.

علينا أن نضحك للنكتة من قلبنا، لأننا لم نكن نعرفها أصلاً. والفكرة التي خبرناها لا تستطيع أن تذهب بنا نحو أي حماسة ممكنة.

إنه الرشد، الذي يعني أن الحظ أصبح وراءنا، وأن لا مجال لأن نتعامل معه إلا بالحسد.

نحن نحسد الجاهلين الذين تنتظرهم حظوظهم عند المفترق الأول الذي يعقب نظرتنا إليهم، ونحسد الذين لم يكتملوا، جسداً وروحاً بعد، لأنهم يملكون الحظوظ في أن يصبحوا جميلين وأغنياء و.. محظوظين.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
 

الحظ والجهل والحسد
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة