ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 16/09/2012 Issue 14598 14598 الأحد 29 شوال 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

خلال الأسبوع الماضي ضج العالم العربي والإسلامي بالمظاهرات الغاضبة، والاحتجاج على الإساءة لنبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم، وهي هبّة مبررة من جانب، وغير مبررة من جانب آخر، فتبريرها أن هذا الفيلم لم يكن مسيئاً فحسب، بل كان مقززاً وقذراً، لا يمكن أن يقبله عاقل من أي ديانة، بل حتى ممن لا يؤمن أصلاً بالأديان، فكيف ممن هذا نبيه وحبيبه وقدوته؟

نعم الغيرة على الدين مطلوبة، وعلى رسول هذه الأمة ونبيها، ولكن التصرف وردود الأفعال العشوائية هي ما يجب التوقف أمامه لوهلة، فلا أعتقد أن عاقلاً ومؤمناً حقاً يرى في قتل المعاهد أمراً مقبولاً، ولا التهجم على مصالح الدول ومواطنيها، ولا الغوغائية في التصرفات المتعجلة، نعم يجب أن يكون هناك ردود أفعال لكن يجب أن تكون مدروسة وواعية، فمثلاً أعجبتني حكمة بعض المحامين المصريين الذين أخذوا يخططون للتقدم بنظام دولي يجرّم الإساءة للأديان والتهجم على الأنبياء، وإدراجه ضمن القانون الدولي العام، من أجل محاكمة كل من يتجرأ على الإساءة لدين أو رسول، ومعاقبته إذا ثبت فعله. لأن هؤلاء المحامين المصريين يدركون أن الحكومة الأمريكية ستتحجج بحرية التعبير التي يكفلها الدستور هناك للجميع، وأنها -أي الحكومة الأمريكية- قد أدانت هذا الفيلم المقزز، وهذا كل ما تملك فعله، وأنها لا تستطيع إيقاف الفيلم... إلى غير ذلك من الحجج.

الأمر الآخر المهم، هو إذا كان هذا الفيلم المتواضع فنياً، والساذج معرفياً، والذي يجزم الجميع بأن معلوماته كذب وبهتان، والذي لم يعرض أصلاً في دور السينما، لأنه ببساطة لا يستحق ذلك، فعل كل هذه الضجة، فكيف سنكون نحن حين نقدم عملاً درامياً ضخماً يقدم الصورة الصحيحة للإسلام في دور السينما العالمية، فكم كسبنا كثيراً بمسلسل عمر رضي الله عنه، كم كانت ردود الأفعال رائعة بعد ترجمته إلى بضعة لغات، أذكر أن أحد الفرنسيين قال: إذا كانت هذه سيرة عمر وأخلاقه، فكيف هي أخلاق من ربّى عمر وتعاليمه؟. نعم هذا العمل الدرامي الضخم، الذي بثته قنوات إم بي سي إلى العالم، والذي -بكل أسف- هوجم من قبل بعض المسلمين قبل عرضه، هو ما يخدم الدين الإسلامي وينشره في العالم بطريقة تفوق ما عداه، بل هو أفضل طريقة للدعوة الإسلامية، لأن الدراما هي ما يبث الأفكار ويعززها لدى الناس، وهو ما فعلته الدراما الأمريكية على مدى أكثر من قرن.

إذن لا بد أن تكون الحرب تجاه هؤلاء حرباً بيضاء، لأنها هي الأقدر على الوصول، وهي الوسيلة الأقدر على الإقناع، فالكتابة الصحفية والأدبية والفنون بجميع أشكالها، واستخدام كل قنوات الإعلام الجديد للاحتجاج، هي ما تشرح وجهة النظر الإسلامية، وهي ما تقدمنا كبشر متحضرين بشكل رائع، لا الغوغائية والقتل والتدمير والحرق، لأن هذه الأفعال ستجعل الآخر يقول: هذه هو الإسلام، دين غوغائي ومدمر. فلماذا نمنحهم الفرصة للنيل منا بكل بساطة، علينا أن نؤمن بأن هناك من أدار هذه اللعبة القذرة، وأراد أن يصنع شرخاً في العلاقات العربية الأمريكية، ومن المخجل أن ننساق وراء هذه اللعبة مغمضين، لنحقق الهدف منها.

المذهل أننا حققنا هدف هؤلاء بأمرين، قمنا بالتسويق المذهل لهذا الفيلم، وهو الذي لم يكن أحد لينتبه له أصلاً، فجعلنا المشاهدة له بالملايين، وأثبتنا أننا لا نعرف سوى لغة اليد، لا العقل والتخطيط بهدوء.

 

نزهات
هكذا ندفع الإساءة والأذى
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة