ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 18/09/2012 Issue 14600 14600 الثلاثاء 02 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

الطفرة الاقتصادية الأولى التي شهدتها المملكة في منتصف السبعينيات أحدثت نقلة نوعية هائلة في مستوى المعيشة والدخل الفردي، واستفادت منها كافة شرائح المجتمع السعودي تقريبا حيث اتصفت بالشمولية والعموم، وهو الأمر الذي لا ينطبق على الطفرة الحالية، فرغم طولها وقوتها إلا أن قطاعاً واسعاً من أفراد المجتمع يرون أن معاناتهم وصعوباتهم المعيشية تزايدت في ظلها.

والحقيقة أن من أهم أسباب اتساع الاستفادة وشمولية مشاركة مختلف فئات وشرائح المجتمع السعودي في مكاسب الطفرة الأولى كان النمو الكبير في حجم التوظيف في القطاع الحكومي، الذي سمح باستيعاب كل باحث عن عمل بأجر مناسب مقبول، ما أدى إلى تحسن ملموس في دخل العائلات السعودية ومستوى معيشتها، بحيث أصبحت البطالة مفهوما غريبا غير معروف في الاقتصاد السعودي، فكل باحث عن عمل يجده دون عناء، بل أن هناك أعملاً متزايدة لم يكن هناك قوى بشرية كافية أو مؤهلة للقيام بها، ما أوجد حاجة لتوسع كبير في استقدام العمالة الأجنبية، لكي لا يتسبب نقص القوى العاملة في إعاقة عملية التنمية.

في هذه الطفرة، وعلى عكس ما كان عليه الحال في الطفرة الأولى، فإن القطاع الحكومي متضخم لا يستطيع أن يستوعب إلا جزءا يسيرا من الباحثين عن عمل، وهو وضع كان يستدعي بذل جهود حقيقية فاعلة لتوظيف العمالة المواطنة في القطاع الخاص في ظل توظيف هذا القطاع ما يزيد على 12 مليون عامل أجنبي، حتى نتحاشى ظهور شريحة اجتماعية تجد نفسها خارج نطاق المشاركة الاقتصادية ومتضررة من الطفرة المالية باعتبار أن مشاركتها مرهونة بحصولها على فرص وظيفية ملائمة بأجر مقبول، وهو أمر أصبح متعثراً بالنسبة للكثير من الداخلين الجدد إلى سوق العمل في السعودية في ظل المنافسة التي تلقاها العمالة المواطنة من العمالة الأجنبية التي تقبل بأجر زهيد يحفز القطاع الخاص على التمسك بتوظيفها ومقاومة جهود التوطين، ما تسبب في تدني مساهمة العمالة المواطنة في سوق العمل وبالتالي ارتفاع معدل الإعالة بشكل كبير، مع كل ما يرتبط بذلك من ارتفاع في معدلات الفقر وتراجع في مستويات المعيشة. فالعاطلون عن العمل أو المضطرون للعمل بأجور متدنية أصبحت شريحة تنمو بشكل مستمر، ليست فقط غير مستفيدة من الطفرة، بل وتزداد معاناتها بحدة نتيجة لها، كونها مصحوبة بارتفاع في معدلات التضخم ترتب عليه ارتفاع في تكاليف المعيشة، ما يعني تراجعا مستمرا في مستوى الحياة لشريحة متنامية في المجتمع السعودي، مع كل ما يمليه ذلك من أخطار أمنية واجتماعية واقتصادية. هذه الآثار الخطيرة للطفرة الحالية تعطي بعدا إضافيا لقضية توظيف العمالة السعودية وتتطلب اهتماما أكبر بها، باعتبار أنها ستسهم في تحسين عدالة توزيع الدخل في وقت تتمتع فيه البلاد بارتفاع كبير في إيراداتها النفطية ويشهد مستوى دخل ومعيشة من هم ضمن دائرة المشاركة الاقتصادية تحسن كبير. ونحن أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى تبني سياسات جريئة فعالة تكفل توسيع نطاق المشاركة الاقتصادية لكافة أفراد المجتمع من خلال حماية الباحثين عن عمل من المنافسة غير العادلة التي يتعرضون لها من العمالة الأجنبية، وأن يكون هناك مصداقية أكبر لقرارات السعودة وأولوية تطبيقها بغض النظر عن تعارض ذلك مع أي مصالح شخصية، فالفجوة الكبيرة بين تكلفتي توظيف العمالة السعودية والأجنبية هي العائق الأهم لتوظيف العمالة السعودية، وعلينا أن ندرك أن قطار التنمية لا يمكن أن يسير مخلفا خلفه شريحة ضخمة دون أن ندفع ثمنا باهظا لذلك.

alsultan11@gmail.com
أكاديمي وكاتب اقتصادي *** on twitter @alsultanam
 

لِمَ جاءت هذه الطفرة مختلفة؟!
د. عبدالرحمن محمد السلطان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة