ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 20/09/2012 Issue 14602 14602 الخميس 04 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

هذا الخميس لكِ يا نوَّارة..

وأنتِ هناك في برزخ ربَّاني أتانا نبأه، وغابت عنَّا حقائقه، واتسعت فيه مخيلاتنا.. وتصاعدت لأجله رجاءاتنا..

أن يكون لكِ احتواءً كريما من لدن كريم..

أن تنعَّمي فيه في سدر مخضود, وطلح منضود, لا خائفة، ولا محزونة أبداً..

تُشرع لكِ نافذة الرضاء مدَّ بصركِ..

بصركِ الذي كان يحتويني، يمتد نحو خطواتي من عينيك الجميلتين..

يمشي على ثراي، لا يغيب عن دروبي في الليالي, والنهارات..

بصركِ المشعُّ كان بنور حدْبكِ،.., ولهفة حنانكِ..، ويقظةِ حسَّكِ..

لا يزال منه وهج الاحتواء في كل ركن من دار القلب، والذاكرة..

تلك الدار, تبقى تعوجُ بذكرياتكِ.. تفاصيلها العذبة، وكلياتها الأمثل..

قلت لهم: يا لسقياكَ ربي، انعم بها شغاف الدار، اروِ بلطيفها جدرانها، نوافذها..,

وساحات الركض فيها..,

ومخابئ الأصداء التي لا تندثر... وإن كانت في المنزلِ الأمن من أرواحنا..

يده امتدت تستقبل وافر المطر هلَّ بذكراكِ نوَّارة..، إذ بكيتكِ البارحة كثيرا كثيرا..,

وداركِ يتراقص بصورها بين عيني..,

هذا حبيبكِ «حيدر» من استهل حنيني.., وفاض بحنوه على اشتياقي..

تعرفينه وليدا بين يديكِ.., أودعت فيه سرا منكِ.., تتوهج به أشواقه لكِ صغيري الكبير..

وهذه الدموعُ لكِ تتهاطل.., فجففها بكفه.. وبادر بالحنين..

يا نوَّارة،.. لو تعلمين بعدكِ أي منقلب آلت إليه محاضن الصغار؟.., على الأقل في الحي الذي أشعلتِ فيه منارات وعيكِ,... فتوافدت إليك الأمهات حينذاك سنوات، وسنوات.. حتى استوت البذور في الثرى، أشجارا وارفة نحو السماء..,

وأنت لا تتهجين المبادئ لهن..., بل إنك كنتِ ترسمينها في دربهن.., تنسجين بها عقولهن، تيمِّمين إليها مسالكهن..

ذلك الحي يا نوارة.., تضحكين لو كنتِ حيَّة تعلمين، نقضوه يا نوارة نقضوه.., فرفعوا أبنيته حتى نافت للسحاب.. واختفت تربته تماما..., شوارعه المتقاربة، وأبواب جيرانك المستهلة.., اختفت، ورائحة أشجاره توارت في الهواء، وصدى أصوات عرباته اغتربت..،

حيُّكِ العامر بالحب، والوعي، والجيرة, والتكاتف، والطيبة، والتعاون، والإيثار.. تشتت بأهله الدروب، وتبدل.. ليس هو يا نوارة ليس هو..

سطت عليه مدنية المال، وموجات الرغبات.., عمَّرته أضواء لا تشبه مصابيحكِ.., وزحمته أبواق غريبة عن أبواق عرباته، وتراكض نحوها المتسوقون، كل نحو غايته.. شتات يا نوارة شتات..!!..

تلاشت رائحة الأمومة من بين أركانه، وتشتت أجساد جاراتكِ، ونسيت الناشئات من الأمهات أن يقرأن الدفتر الذي أودعتِه في كل ثغرة من مسامات هذا الحي، وبيوته..، ففقدن استلهام القدوةَ..!!

يا سيدة الروح، وأنتِ في برزخك، تطمع الجوف أن يرفرف فيه عليكِ من الله رضوان، لا تخافين.. ولا تحزنين..

تكونين فيه مستقبلةً الرحمةَ، محاطة ًبالبشرى مستكينةً بطمأنينة.. حظية بالثبات،..

وأن تبُعثي يوم تبعثين للفردوس يا حبيبتي.. تدخلين جنته ورحمته تعالى..

داركِ نوَّارة، لوحة صدق، وقاموس حنين.. لا ينتهي..

رحمكِ الله، ورضي عنكِ، وأرضاك..

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855
 

لما هو آت
لكِ وحدكِ...
د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة