ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 21/09/2012 Issue 14603 14603 الجمعة 05 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إنه من نعم الله علينا، أن نتذكر ما أفاء علينا سبحانه، من نعمة الأمن والاستقرار، وما تبع ذلك من خير وأمن وليس ذلك بعيد كما يتوهمه بعضهم، يقول سبحانه مخاطباً نبيه الكريم، والأمة له تبع: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (11) سورة الضحى. ويقول جل وعلا في توجيه كريم لأمة الإسلام:

{وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (26) سورة الأنفال.

ففي مثل هذا اليوم أعني 23 سبتمبر، اليوم الأول من برج الميزان (القادم) من كل عام يمر بالمواطنين حدث مهم، إنه يوم مشرق في تاريخ الجزيرة العربية في الوحدة والتضامن، ففي عام 1351هـ، أول يوم من برج الميزان من ذلك العام، الموافق 23 سبتمبر عام 1932م، تحقق مولد دولة متماسكة الأطراف، من جميع الجهات حيث يحدها شرقاً الخليج العربي وغرباً البحر الأحمر، وشمالاً العراق وبادية الشام وجنوباً بلاد اليمن وسلطنة عمان، هذه المملكة في عمق بلاد العرب، بلاد الأنبياء ومهبط الرسالة المحمدية، ومستقر بيت الله الحرام، وتسمت باسم يجمع ولا يفرق، عوضاً عن المسميات السابقة، بناء على ما تقدم به ذوو الرأي من أنحاء البلاد، حينما وفدوا على الملك عبد العزيز رحمه الله في صيف عام 1351هـ بمدينة الطائف بالتماس اقتضى نظرهم طرحه على الملك عبد العزيز يرحمه الله، الذي اجتمعت الكلمة عليه بإخلاصه، وجهوده بأن يكون اسم المملكة العربية السعودية اسماً جامعاً وافياً بالهدف.

فالمملكة عوضاً عن التسميات السابقة والعربية لأنها في العمق العربي، وموطن العروبة والسعودية عرفاناً بالفضل لأهل الفضل، لأن ابن سعود هو الذي حقق الله على يديه هذه الوحدة، والقضاء على النزعات والأعراف القبلية، فقد أجهد الملك عبد العزيز نفسه ثلث قرن من جمع الكلمة وتوحيد الصف فتآلفت بفضل من الله القلوب، وتصافت النفوس، وساروا جميعاً خلف قائدهم وجامع شملهم.

ومن ذلك الوقت قرر الملك عبد العزيز رحمه الله، إذاعة هذه الرغبة الشعبية، وعرفت هذه الدولة منذ ولادتها، ذات كيان مستقل في وحدة وتصافي بهذا الاسم: المملكة العربية السعودية ولا يعتبر هذا عيداً بمفهومه عند بعض الأمم، وإنما مروره تذكيراً بنعمة الله، وعرفاناً بفضل سبحانه الذي حقق الآمال، وآلف بين القلوب، ولكنه قاعدة تعارف عليها العرب، وارتضاها المسلمون تحدد مناسبات يؤرخون بها، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن الكريم كثيراً كيوم حنين ويوم الفرقان كما جاء في الإسلام كيوم الحديبية، ويوم ذي قار، ويوم الأحزاب وغير ذلك كثير، في تحديد اليوم المهم كيوم القيامة، لأن كل يوم وقع فيه حدث يهتمون به، ويطلقون عليه يوماً، يؤرخون به.

والملك عبد العزيز رحمه الله، عندما ارتضى الموافقة الشعبية، بإطلاق اليوم الوطني على بدء التنظيم في الدولة، فإنما هو تفاؤل منه بأن يحقق سبحانه أمره لرسوله الكريم، وأمته بالتبعية في قوله تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} (63) سورة الأنفال.

والعرب نشأوا في جزيرتهم على تسلط القوي على الضعيف لا يردعهم وازع كما يقول شاعرهم:

وأحياناً على بكر أخينا

إذا لم نجد إلا أخانا

إلا أنه مع الجهل والشح والانعزال، عادت قبائل العرب لأعراف الجاهلية، فهيأ الله سبحانه رجلاً منهم، مخلصاً قامت على يديه، وحدة وطنية سداها ولحمتها كتاب الله وسنة رسوله، وعلى منهجه صلى الله عليه وسلم بتنفيذ شرعه، وأن تكون كلمته سبحانه هي العليا، فالتزم بذلك، وجعل دستور بلاده القرآن الكريم وسنة رسوله، وسار في هذا الهدف من 5 شوال عام 1319هـ، حيث دخل الرياض بنفر من أعوانه ليبدأ مسيرة الوحدة والبناء، مستعيناً بالله ومخلصاً في ذلك مقتدياً بمسيرة سلف أمة الإسلام في دعوتهم مردداً:

لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى

فما انقادت الآمال إلا لصابر

فمضى في رحلة التوحيد وبناء الدولة 30 عاماً على صهوة جواده، يقود رجاله نحو الهدف الذي رسمه، يميناً وشمالاً، حتى حقق الله هذا الكيان في دولة موحدة الهدف تحت راية الإسلام، الذي جعل شعارها كلمة الإخلاص أسوة برسول الله، ومن سار على نهجه في نشر الإسلام، إذ لم تكن شعاراً أجوف، ولكنها الهدف الذي ترتكز عليه، والقدوة الصالحة في ترسم لخطوات الرعيل الأول: صدقاً واخلاصاً، ليكون دين الإسلام، وحماية الحرمين الشريفين وإعمارها مع استتباب الأمن مطلبه، معتمداً وبصدق وإخلاص على الله وجاعلاً القرآن الكريم، دستوراً لبلاده؛ إذ عندما أنشئت هيئة الأمم المتحدة جعله بين دساتير الأمم وبقناعة دستوراً لبلاده معتداً به، فأصبح الوحيد بين دساتير العالم.

يقول الزركلي في كتابه: شبه الجزيرة إنه بعث خطاباً بتاريخ 8 جمادى الآخرة عام 1344هـ مطولاً في آخر مصادره لمدينة جدة يثني على الله بما منَّ من فتح جدة وما أزال به من الشر، وحقن الدماء، وحفظ الأموال، وسأل من الله في مبدأ هذا الخطاب: بأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه ومتبعي هداه إلى أن قال: ولما من الله سبحانه بما من في هذا الفتح السلمي، الذي كنا ننتظره ونتوخاه أعلنت العفو التام عن أصحاب الجرائم السياسية في البلاد المقدسة، أما الجرائم الأخرى فأحلتها للقضاء الشرعي، وما يقتضيه في العفو.

وإنني أخبركم بحول الله وقوته: أن الحجاز وبلد بيت الله الحرام، في إقبال وخير وأمن وراحة، وإنني إن شاء الله سأبذل جهدي فيما يؤمن البلاد المقدسة، ويجلب الراحة والاطمئنان لها، لقد مضى يوم القول ووصلنا إلى يوم الفعل، والبدء فيه، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، واتباع شرعه، والحث على دعائه ومرضاته وطاعته، فإنه من تمسك بالله كفاه، ومن عاداه - نعوذ بالله من ذلك - باء الخسران والخيبة.

إن لكم علينا حقوقاً، ولنا عليكم حقوقاً، فمن حقوقكم علينا، النصح في الظاهر والباطن واحترام الدماء والأعراض والأموال، إلا بحق شرع الله، - وهذا من صراحته وصدقه واهتمامه بالإسلام عقيدة وعملاً - ثم قال: وحقنا عليكم المناصحة، فالمسلم مرآه أخيه، فمن رأى منكم منكراً في أمر دينه أو دنياه، فليناصحنا فيه، فإن في الدين فالمرجع كتاب الله وسنة رسوله الكريم، وإن في أمر الدنيا، فالعدل مبذول إن شاء الله، فإن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون لذلك أطلب من الجميع أن يخلدوا للراحة والطمأنينة، وأحذر من نزعات الشياطين والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إفساد الأمن، في هذه الديار، فإني لا أراعي في هذا الباب صغيراً ولا كبيراً، وليحذر كل إنسان أن تكون فيه العبرة لغيره، هذا فيما يتعلق بأمر اليوم الحاضر.

وأما مستقبل البلد فلابد من تقريره، في مؤتمر يشترك فيه المسلمون جميعاً (يراجع هذا الكتاب ص 347 - 354) وهذا من نصحه وصراحته رحمه الله وصدقه، وميز ذلك بالعمل فكان من تواضعه، وجعله الباب مفتوحاً للجميع حتى يصل إليه الجميع لإبداء ما لديهم، مما جعل الكل يرضى عن سيرته وعدله.

ففي هذا الكتاب بمجلداته وفي كتاب أحمد عبد الغفور عطار: صقر الجزيرة، وفي غيرهما من الكتب التي ألفها من سبر أغوار هذا القائد، وراقب أقواله التي يصدّقها فعله، حيث كثر من الكتابات دولياً وعربياً ومحلياً، والتي ربطت بالوقائع المحسوسة ولما كان الإمام أحمد بن حنبل يقول موعدكم يوم الجنان فقد كان يوم وفاته رحمه الله شاهداً على الإجماع على محبته، وتحدثت الصحافة العربية والعالمية عن مآثره وأعماله بالتركيز على الشواهد والأعمال، وصدر بعد ذلك الكتب التي جرت دارة الملك لتجميع ما تيسر منها ولتصبح مرجعاً للباحثين، ودارسي الأسس التي اتخذها الملك لتكون مرتكزاً تحاكي العصر الأول في الإسلام - دولة تعيد للإسلام في جزيرة العرب نظارته.

كما يجد المتابع في خطب الملك عبد العزيز رحمه الله، ثروة من صراحته وسيرته في خطبه التي جمع بعضها القابسي مما كان يتحدث به في كبار ضيوف الرحمن في الحج والعمرة، وفيما نشرته جريدة أم القرى التي جعلها الصحيفة الرسمية في البلاد، أول ما دخل مكة برجاله وهم بلباس الإحرام ملبين وخاشعين لله.

وغير ذلك من المراجع التي ترسم منهجه وما يعد به المواطنين والمسلمين في خدمة الإسلام والمسلمين والاهتمام بالحرمين الشريفين، والمقدسات الإسلامية، التي تبارى أبناؤه من بعده، في هذا العمل كما ينطبق عليه بيت الشعر الذي بدل فيه بما يثبت دلالة صدقه وإخلاصه، كما قال الريحاني في تاريخه وهذا البيت هو:

نبني كما كانت أوائلنا تبني (م)

ونعمل مثلما عملوا

فالريحاني يرى أن الملك عبد العزيز يغير في عجز البيت كلمة (مثلما) إلى كلمة (فوقما)، وقد تحقق هذا إذ بعدما أفاء الله على البلاد بخيرات الأرض، وجه الملك ثم أبناؤه من بعده الجزء الأكبر من الدخل للحرمين الشريفين والأماكن المقدسة والارتقاء بالتعليم والبنية الأساسية للبلاد والعباد، في أمور عديدة لصالح البلاد والعباد، إضافة للاهتمام بأمور المسلمين ومساعداتهم في نكباتهم بما يضمد الجراح ويسد رتقاً في حياتهم العامة والخاصة، أمور عديدة تذكر لتشكر وبالشكر تدوم النعم.

وما ذلك إلا أن الوافدين للمملكة: مدنها وقراها، يرون أعمالاً جبارة تبهر الوافد لأول مرة ويزداد الإعجاب إذا كرر الزيارة، حيث تتجسم النتائج للعيان لكل مشروع بناء وخاصة في الأماكن المقدسة: مكة والمدينة فضلاً عن زيارة غيرهما من أنحاء المملكة المتباعدة الأطراف، حيث تتغير وتتبدل بالطرقات والمشروعات الكبيرة في كل جزء من البلاد، وفي فترة وجيزة في عرف التاريخ، وواجب التحدث في مثل هذه المناسبة من أصحاب الكلمة والأقلام، والتعاون مطلوب من كل قادر، وأن تكون هذه مجالاً للإبراز كل في مجاله، والتحدث بنعمة الله، لأنه سبحانه يحب ذلك فهو يقول وقوله الحق {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (7) سورة إبراهيم.

ويقول رسول الله (إن الله إذا أنعم على عبد يحب أن تظهر نعمته عليه) وظهور النعمة بشكرها وأداء حق الله بالدعاء والعبادة وتذكر النعم وأداء حقها: ما لله وما للناس وذوي القرابة، والله المستعان في كل أمر.

mshuwaier@hotmail.com
 

اليوم الوطني للمملكة
د.محمد بن سعد الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة