ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 21/09/2012 Issue 14603 14603 الجمعة 05 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

      

لا أحب الاستماع لمن يتحدثون في الهاتف وأكره المتطفِّلين الذين يرخون أسماعهم لمحادثة الآخرين ويتنصّتون على الناس، ولكن المتحدث في الصالة الضيقة لركاب الدرجة الأولى في مطار الملك خالد الدولي وعلو الصوت، جعل بعض من في المطار وليس في الصالة، يسمعون حديث هذا الرجل الذي أجرى مكالمات عدّة لمتابعة شؤون الضيف العزيز الذي يحل بمنزلهم، والتواصل مع الخادمة وإملاء التعليمات الخاصة بالغذاء والطعام ونوعيته ووقته وتنظيف وترتيب المكان اللائق به.

أتدرون بعد هذا الإزعاج المتواصل بالهاتف من هو الضيف، إنه “قط” أو “هر” أو كما يحلو لبعض الصغار (بسه) وسمّوه ما شئتم، لقد كان هذا الرجل يعدِّد أنواع الأطعمة الناشفة والطرية وأنواع المشروبات لهذه الخادمة، وكأنه يتفقّد حال أحد أبنائه المرضى، ولم يكتف بالمكالمة التي أزعج بها الجميع، ليتلفت على من حوله في الكراسي والممرات الضيقة بهذه الصالة ليشاركوه همومه، وهم لا يعلمون من هو الضيف حتى أخبرهم بأنّ هذا الضيف هو “ميشو”، وأنه من سلالة نجيبة ودفع عليه مئات الريالات شراء وتطعيمات، وأن له غذاءً خاصاً يجلبه من بعض الأسواق المركزية التي خصصت كما قال “ولله الحمد” جناحاً في هذا السوق “ السوبر ماركت” للحيوانات، ولم تَعُد مشكلة جلب الطعام عائقاً لهم، وحينما جامله أحد الحضور بالابتسامة، تمادى صاحبنا في الحديث وأخرج هاتفه المحمول مرة أخرى مستعرضاً صوراً لهذا “القط”، منها ما هو ثابت ومنها ما هو صور متحركة “فيديو” وهو يلاعب ولده عفواً “قطه”!!

لقد سمعت عن اقتناء بعض الشباب والشابات للحيوانات في منازلهم واستراحاتهم، ومنها الأليفة وغير الأليفة ومنها المقبولة وغير المقبولة، ولكن هذه “الموضة” تعدّت إلى “الشياب”، وكنت أسمع بمن اشترى بيتاً طينياً في مدينة الرياض خصصه لـ “ الحمام “ المولع به منذ الصغر ولا يزال مولعاً به حتى تجاوز سن التقاعد، وهناك من أحضر لأبنائه “فئران” أعزّكم الله، وكل ذلك في تيار التقليد الجارف، وهو التقليد السلبي مع الأسف، وهناك من يقتنون الكلاب في منازلهم لا للحراسة ولا للصيد، وإنما هي كلاب متعدّدة الأشكال والأحجام، ولها سوق رائج في هذه الأيام، وتزيد قيمة بعضها عن قيمة “ ناقة” و “بقرة” حلوب، وهناك مثل هذا الرجل المزعج من وضع ميزانية خاصة لعلاج الحيوانات وإطعامها، والشيء المؤلم أنه قد يبخل أو يتراخى أو يمتنع عن إحضار دواء لوالديه، أو يمد مساعدة لفقير أو لمريض، وأصبحنا نرى بعض الشباب يقتنون “الكلاب” في سياراتهم من أجل المباهاة، أو من أجل سلوكيات أخرى خاطئة ترويع الناس!

لقد كان هذا الرجل متذمّراً متأففاً كما يقول من النظام الذي لا يسمح له بنقل “ ضيفه الخاص” معه في الطائرة وأنه حرم من ذلك، وطالب أن يكون هناك مرونة في ذلك، وقال: إنّ هذا “القط”، قد صحبه في العام الماضي إلى إحدى البلدان الأوروبية بجواز وأوراق صحية وفيزا خاصة، وأنه لا يستطيع الانتقال به من الرياض إلى جدة!!

إنّ حال هؤلاء الرجال وحال بعض الأمهات والأبناء والبنات كثير، فهناك من يعتني بحيواناته أكثر من عنايته بأولاده سواء أكان من أصحاب الإبل أو الحمام أو حتى الفئران والقطط والكلاب، ولو مرض ابنه أو ابنته لاكتفى بالمهدئات من صيدلية المنزل “ الثلاجة”، ولو رأى عارضاً صحياً على حيوانه المفضّل لـصحبه إلى أقرب عيادة بيطرية ولساق المبالغ العالية على الكشف والدواء!!

وأنا لا أستنكر على الناس أن يكون لديهم هواية فهذا شأنهم، ولكن لابد من مراعاة الجوانب الشرعية والصحية في التعامل مع الحيوانات، فالبعض يعتقد أنها حضارة وتقدم كتربية الكلاب والقطط، والبعض يرى أنها أصالة وتراث وتقليد كتربية الخيل والإبل، ولكن المبالغة في دفع المبالغ الباهظة على هذه الحيوانات على حساب الإنسان ونفسه وأهله وولده، أو على حساب فقراء حُرموا من نعمة الغذاء والدواء، فهذا أمر غير محمود، كما أنّ في اقتناء بعض الحيوانات في المنازل من غير حاجة محذور شرعي، وكلنا نعرف فضل الرفق بالحيوان والإحسان إليه كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن زانية دخلت الجنة بسبب كلب أطعمته، وامرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا جعلتها تأكل من خشاش الأرض، ولكننا لا نريد أن يكون هذا على حساب الأهل والأولاد والإنسان عموماً، كما أننا نخشى من الإسراف والمغالاة والأضرار الصحية، فهناك حيوانات نجسة وناقلة للأمراض.

نسأل الله العفو والعافية مما ابتلى به البعض. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

alomari1420@yahoo.com
 

رياض الفكر
تربية الحيوانات تربية المخاطر
سلمان بن محمد العُمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة