ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 22/09/2012 Issue 14604 14604 السبت 06 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

* في الصف الخامس الابتدائي كان معلمُنا يروي لنا حكاية سيدنا «يوسف « -عليه السلام- ويتوعدُ واحدَنا لو ضحك، ولم نفهمْ معنى تهديده؛ فقد كنا أطفالًا، لكنه حاكمنا بمقياسه بالغًا ؛ فافترض خاطئًا وحكم جائرًا، وبقيت لدينا ترسباتٌ انعكست على معاني السورة العظيمةِ الممتلئةِ بدروسٍ ونفوس.

* ثقافةُ الإيحاء تصنع قراءةً خاطئةً وتخلق تصورًا منمطًا يصعب محوُه، ولعله المكوّنُ المهم لتحوير السلوك الفردي والجمعيّ حتى لَيبدوْ وعيدُ معلمنا الطيّب هو ما يكرره المشهدُ العام حين يُصنمُ فكرةً أو رمزًا غيرَ قابلين للنقض إلا بنتائجَ مؤذيةٍ تعودُ على الناقِضِ والمعارض.

* أوجد هذا السلوكُ لازمةً ثقافيةً توحي بالقبول المطلقِ لما تواضعَ عليه الناسُ خشيةَ الوقوع في الزلل، وتلافيًا للنّبذِ العلنيّ، في مقابل التكتلِ الآخر المتمردِ؛ ما خلق لغةً ضاجةً بالافتراق لا تحتكم إلى حوارٍ موضوعيٍ أو منتدًى علنيٍ ؛ فيكفي أن هذا ما قاله فلان أو وجّه به آخر، والناتج أنْ أخاف معلمٌ صبيته.

* درجنا على ألا نسمعَ غيرَ ما أُوحي إلينا به فننشحنَ بما رسخ في أذهاننا، وتتداخل أصواتُنا في مجالسنا؛ فكلٌ يفترض رأيَه الأصل وقوله الفصل، ونبدأ في الحديث الجماعي ثم نتحول إلى أحاديث جانبيةٍ يتخللها معازفُ فرديةٌ من فواصل الهواتف الخلوية والذكية ومشتقاتهما، ونُنَظِّر في كل شؤون الدنيا ووعود الآخرة، ونجزم بفهمنا، ولا نعترف بوهمِنا، كما لا تسكنُ بعضَ وقتنا فضيلةُ الصمت؛ ربما لأننا لم نعتد الكلام كما نشاء، والمفارقةُ أن الهذر الذي يسكننا يتراجعُ أمام لحظةِ حقيقةٍ تكشف عَوارنا وعِثارَنا.

* مشهدان يتوزعانِ الخطاب الاجتماعيّ المتأثر بانتشار وسائط التقنيةِ التي فرضت وصول رسائلَ إلى داخلِ مساماتنا لتجزمَ بالعلم، وتحذر من التجاوز، وتبالغ في رصد ظاهرةٍ، وتعتمد التكثيفَ في الدعايةِ المَعويةِ والضديّة، وتنتهج القمعَ لمن تسول له نفسهُ الردَّ على الفكرة المُوحاةِ المُستوحاةِ من قولٍ بشريٍ لا حصانةَ له ولا قدسيةَ.

* والأزمةَ تتزايدُ حين لا يجدُ الرأي الآخرُ منفذًا ؛ أعارض أم فنّد أم روى صورةً مختلفةً ؛ ما أفرزَ الكذب والتكاذب، والخوفَ والتخويف، وبات الأليقُ بنا الصمتَ في زمن الصوت كي لا نفقدَ صديقًا أو قريبًا مؤمنًا بما أَرسل أو أعاد إرساله، ومعرضًا عما عُدل أو بُدّل، وبات النفيُ إثباتًا، والتواطؤُ على التصديق والتصفيق موقفًا قد يلتبس به الإيمانُ والتقوى.

)) ألجمت هذه الوسائطُ أفواهًا وأقلامًا ؛ فحوارُ الصمّ لا ينتجُ رؤًى ولا يقربُ مسافةً،وعصا المعلم في انتظار من يفكر خارج الصنوق، وحين تكون الوسيلةُ عامةً يصبح العصا «هشتقةً» جماعيةً تُغِمُّ الصدور وتعتمُ بها السطور.

* الإيحاءُ إلغاء.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon
 

إيحاءٌ وإقصاء
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة