ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 24/09/2012 Issue 14606 14606 الأثنين 08 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كان أمس هو اليوم الوطني لبلادنا الكريمة، وكان من المناسب أن يكون حديثي في هذا اليوم عن هذه المناسبة الوطنية؛ غير أني كنت قد ذكرت في الأسبوع الماضي أن حديثي سيتواصل عن سوق عكاظ.

كان مما أشرت إليه في الحلقة الأولى من هذه المقالة كتابتي في صحيفة (الجزيرة) مقالة من ثلاث حلقات بعنوان: (وللسودانيين في القلب مودة).. وكان نشر تلك المقالة قبل سبع سنوات، ومما ذكرته فيها سعادتي بأن اشتركت في قراءة شعرية في الخرطوم مع الشاعرة المبدعة روضة الحاج، التي وفقت لجنة الاختيار في سوق عكاظ كل التوفيق باختيارها فائزة (شاعر عكاظ) هذا العام.

كان من قدم الشاعرة روضة الحاج في القراءة الشعرية التي تمت في الخرطوم قد لقبها خنساء السودان، لكني قلت حينذاك: إنها خنساء عرب هذا اليوم، وفي كتابتي عنها قلت: -وفق ما كان لديّ من معلومات عنها حين تلك الكتابة -: لقد صدرت مجموعتان شعريتان الأولى عنوانها، (عش للقصيد)، والثانية عنوانها: (للحلم جناح واحد)، وذكرت أن ما في المجموعتين يكاد يكون كلمة من شعر التفعيلة، وأنه يمتاز بالعاطفة الجياشة العارمة؛ سواء كان ذلك المكتوب وجدانياً أو وطنياً قومياً، وبأن مساحة النشر في الصحيفة محدودة اقتصرت على إيراد نماذج من المجموعتين:

ولأن مناسبة الحديث حول سوق عكاظ أود أن أورد هنا من شعرها ما له بأحد شعراء عكاظ الأوائل، الذي ورد في شعره (سقط النصيف).. فلقد قالت الشاعرة روضة في قصيدة عنوانها: (بلاغ امرأة عربية):

عبثاً أحاول أن أزوَّر محضر الإقرار

فالتوقيع يحبط حيلتي

ويردُّني خجلى وقد سقط النصيف

أنا لم أرد إسقاطه

لكن كفّي عاندتني

فهي في الأغلال ترفلُ

والرفاق بلا كفوف

هرولت صوب المخفر العربي حافية

لقد:

سقط النصيف ولم أرد إسقاطه

لكنما كفِّي إلى عنقي

ومخفرنا بعيد

يا أيُّها الشرطي

قد خلعوا الأساور من يدي

أخذوا الخواتم والخلاخل والحجول وصادروا

كُلَّ العقود

بل إنهم يا سيدي..

كفّي وقولي باختصار

العقد ما أوصافه؟

العقد؟

فَرَّ القلب من صدري

وسافر كالخواطر في ندواتها

ومثل نُسَيمةٍ مَرَّت على كلِّ المروجْ

قد كان يعرف كلّ أسراري الصغيرة

كان يسمع كلّ همساتي وآهاتي

ويعرف موعد الأشواق في صدري

وميقات العروجْ

قد كان أغلى ما ملكت

لأنه ما جاء من بيت الأناقة في حواضرهم

ولا صنعوه من تركيبهم

أو علّقوه على مزادات العمارات الشواهق

والبروجْ

لكنه قد كان ما أهداه لي جَدِّي وقال:

اللؤلؤ العربي حُرٌّ يا ابنتي

ويجئ من شَطِّ الخليجْ

الله من هذا النصيف لقد سقط

أنا لم أرد إسقاطه

لكنما كفِّي إلى عنقي

ولا أدري طريقاً للخروجْ

ومما له صلة بسوق عكاظ من شعر روضة جعلتها برقية إلى تماضر الخنساء الفوَّاح تاريخ العرب بعطر ذكرها؛ ونصُّها:

وطرقت يا خَنْساءُ بابك مرّة أخرى

وأَلقيت السلامْ

رُدّي عليَّ تحيتي

قولي

فإني لم أعد أقوى على نار الكلامْ

فلقد بكيت خُناسُ صخراً واحدا

والآن أبكي ألف صخر كلّ عامْ

قولي خُناس

إن حزني قاتلي حتماً

فحزن الشعر سامْ

حزني على بغداد أم

حزني على بيروت أم

حزني على الجولان أم

حزني على القدس المُضَرَّج بالنجيعْ

أسَفي على كُلِّ العبارات الخُواء

أسَفي على طفل يتمتم قبل أن يمضي

ويستجدي

أَيَا أُمِّي الدَّواء

أسَفي على امرأةٍ يضيع صراخها

بين ابتسامات الخنوعْ

وبين صالات الفنادق

واللقاءات الرّياء

أسَفي على الأسياف يقتلها الصدأ

أسَفي على الخيل المطهَّمة الأصيلةِ

حمحمت تشكو وتشتاق القنا

لكنهم خنساء ما كانوا هنا

ذهبت قريش لمهرجان للغناء

وبنو تميم سافروا

“للسين” يصطادون هذا العام

لا يأتون إلا في الشتاء

ولعلَّهم قد أبرقوا

-أعني بني ذبيان-

أن زعيمهم

خسر المضارب في الرهانَ

وأنهم سيداهنون على النساء

خَنْساء ما جَرَّبت كيف يصاب حزنك بالصَّممْ

ويُبحُّ صوتك من مناداة العدمْ

ويضيع ثأرك خاسئاً

في مجلسٍ للأمن

أو في هيئة تُدعَى الأُممْ..

والقصيدة -البرقية- طويلة وجديرة أن تورد كاملة لولا ضيق المساحة المتاحة للمقالة.. وختامها:

خَنْساء مُتعبةٌ أنا حدّ التَّعبْ

وأقول في نفسي

سيدركنا العَرَارْ

بعد العشيَّة رُبَّما

أو بعد عامٍ رُبَّما

أو بعد يومٍ رُبَّما

حتماً سنتَّخذ القرارْ

لا فُضَّ فوك خُناسُ لو تنعيننا

قد مات من باع الدِّيار

قد مات من رضي الصَّغَار

قد مات من أحنى الجبين رضاً

وأسلم للتتار

***

لا فُضَّ فوك خُنَاسُ لو تنعيننا

متنا جميعاً

يوم أن صمتاً أجبنا

في السؤال عن الحصار..

وبنهاية برقية خَنْساء السودان، أو خَنْساء عرب الحاضر، إلى تماضر خَنْساء العرب الأوائل، أقف عن الاسترسال في الكلام لأستأنفه في الأسبوع القادم -إن شاء الله-.

 

شيء من ذكرى أيقظه سوق عكاظ (2-2)
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة