ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 24/09/2012 Issue 14606 14606 الأثنين 08 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

لم أحب الممثل الأمريكي الشهير «كيرك دوجلاس» في يوم من الأيام، حتى مع الاعتراف بموهبته الفنية الكبيرة بوصفه ممثلاً عملاقاً. وكان الحاجز النفسي الذي تجذر في أعماقي في أساسه سياسياً؛ فمنذ أيام الدراسة البعيدة في أمريكا قال لنا زملاؤنا العرب الذين سبقونا في الدراسة وفي معرفة المجتمع الأمريكي إن «كيرك دوجلاس» صهيوني متعصب، ينحدر من أصل روسي، واسمه اليهودي الأصلي هو «إيزادور ديمسكي»، ولاحقاً علمتُ أيضاً أنه يُعرَف باسمٍ يهوديٍّ آخر هو «إيسور دانييلوفيتش ديمسكي» .

ومنذ أيام قرأت أن «كيرك دوجلاس» تبرع بعشرة ملايين دولار لصالح ملجأ للنساء المشردات في مدينة لوس أنجلوس في الولايات المتحدة، ثم اكتشفت أن كيرك دوجلاس وزوجته يدعمان هذا الملجأ منذ أكثر من عشرين سنة، وأن هذا الممثل الذي يبلغ من العمر خمساً وتسعين سنة درج على قضاء «عيد الشكر» الأمريكي مع النساء المشردات في هذا الملجأ، وتقديم وجبات مجانية لهن!

أمام هذا الخبر لجأتُ إلى «نظرية المؤامرة»، وقلت لنفسي: لا بد أن المقيمات في هذا الملجأ هن من النساء اليهوديات، وربما الصهيونيات أيضاً، وفكرت أن أجري مزيداً من البحث عن معلومات تخص هذا الملجأ، لكنني سرعان ما سخرت من هذا التفكير، ولُمْتُ نفسي؛ لأنه حتى لو كانت المقيمات بتلك الصفة التي ظننت فسيبقى عمل كيرك دوجلاس عملاً متجرداً من المنفعة المادية الشخصية له، ويدخل في عِداد الأعمال الخيرية من منظور عقيدته هو على الأقل؛ فهذه الملايين العشرة من الدولارات أو بعضها بعد خصم الضرائب كان من الممكن أن تظل في حسابه البنكي. أعتقد أن لدينا أحياناً فهماً مغلوطاً عن الكثير من القيم السائدة لدى الغربيين؛ فالانطباع السائد لدى بعضنا هو أن الغربيين لا يقيمون وزناً للجوانب الإنسانية، حتى أن هناك من يتصور أن «المادة» وحدها - ولا شيء سواها - هي التي تُسيِّر سلوك جميع الناس في البلدان الغربية، وتتحكم في كل تصرفاتهم وفي كل الأمور.

صحيح أن للمال سطوته وهيمنته على حياة الكثيرين في المجتمعات الغربية، وأن سلم القيم في المجتمعات الغربية ونظرة الغربيين إلى طبيعة العلاقات الاجتماعية تختلف عما هو موجود في المجتمعات الشرقية، ومنها العربية والإسلامية، لكن هذا لا يعني تجريد الغربيين من القيم الإنسانية بشكل تعميمي.

نحن نرى الآن أن مجتمعاتنا هي أيضاً تنجرف إلى الماديات بشكل متزايد، ونرى كيف دخلت «المادة» إلى صميم حياة الكثيرين منا، وأفسدت العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة، لكن من الصعب أن نعمم فنقول إن هذه التحولات قد قضت على القيم الإنسانية النبيلة في مجتمعنا.

يظل «كيرك دوجلاس» وكل صهاينة العالم كريهين إلى نفسي، لكنني حينما أنَحِّي المشاعر الشخصية جانباً فإنني أجد فيما فعله جانباً إنسانياً جميلاً، وأتمنى لو تكثر بين أغنيائنا مثل هذه النماذج.

alhumaidak@gmail.com
ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض
 

على وجه التحديد
عمل إنساني من رجل لا أحبه
عبدالواحد الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة