ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 01/10/2012 Issue 14613 14613 الأثنين 15 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كان الكلام في الحلقة السابقة مُركَّزاً على الشاعرة المبدعة، روضة الحاج وشعرها. والقارئ لمجموعتيها الشعريتين، اللتين أشير إليهما في تلك الحلقة؛ وهما عش للقصيد وللحلم جناح واحد، يجد فيهما رسائل صريحة مُوجَّهة إلى الزعماء العرب في الدرجة الأولى.

وفيهما ما يتماهى مع ما جادت به قريحة الشاعر غازي القصيبي، رحمه الله، في بعض قصائده؛ مثل تلك التي وجَّهها إلى الطفل محمد الدُّرَّة، والتي ورد فيها:

يا فِدَى ناظريك كُلُّ بيانٍ

بمعاني هَوانِنا يَتَوقَّدْ

يا فِدَى ناظريك كُلُّ زَعيمٍ

حَظَّه في الوَغَى أَدان ونَدَّد

يا فِدَى ناظريك كُلُّ اجتماع

ليس فيه سوى خضوع يُجدَّد

ومثل تلك التي تناول فيها فداء البطلة الفدائية آيات؛ قائلاً:

قد عَجَزنا حتى شكا العجز منا

وبكينا حتى ازدرانا البكاءُ

ورَكَعنا حتى اشمأزَّ رُكوعٌ

ورَجَونا حتى استغاث الرجاء

وشكونا إلى طواغيتِ بَيتٍ

أبيضٍ مِلءُ قَلبِه ظلماء

أيها القوم نحن متنا ولكن

أَنفت أن تَضمَّنا الغُبْراء

* * * *

قل لآيات: يا عَروسَ العوالي

كُلُّ حُسْنٍ لمقلتيك الفِدَاء

تَلثم الموتَ وهي تَضحك بِشْراً

ومن الموت يهرب الزعماء

وكان كاتب هذه السطور قد كتب قصيدة بعنوان “صدى لبيان القمة”؛ متناولاً ما حدث في مؤتمر القمة العربية، الذي انعقد في مصر عام 2000م. وتَتكوَّن تلك القصيدة من ديباجة، وما حدث في ثلاث جلسات للمؤتمر تنتهي كل جلسة منها بافتخار الزعماء قائلين: “أَوَلسنا نحن سادات العرب؟”. ومما ورد في الجلسة الأخيرة:

وبيان المُؤتمرْ

بكلامٍ مُختصرْ:

أَبشري يا أُمَّة العُرْبِ اجتمعنا

وإلى ما تَرتجي

منا الجماهير ارتفعنا

فَقضايانا جسيمه

وسَجايانا كريمه

واحتراماً لشعور الأُمَّة الشمَّاء

حَطَّمنا القيودا

ورَفضنا

كُلَّ أنواعِ المهانه

فَتجرَّأنا

وأَصدرنا إدانه

لِزعاماتِ يهودا

وتَشجَّعنا

فكدنا

نرفع اللَّوم لأَمريكا الصديقه

من أَظلَّت بثياب العدل أركان الخليقه

إذ هي الراعي لأمرِ التَّسْويه

وهي من يتقن فَنَّ الترضيه

ويجيد المدحَ والدَّعمَ

لمن خانوا العهودا

غير أنََّا

قد فَطِنَّا

أَن للقول حدودا

فَتركنا الَّلومَ

واخترنا كما اعتدنا المُرونه

فَعِتاب الدولة العظمى رعونه

ربما أَدَّى إلى قطع المعونه

وخشينا

أَن يُقَال:

إننا نسعى إلى رفض السلاْم

فاطمئني

يا جَماهيرَ العروبه

نحن أدرى بالأَساليبِ الذكيَّه

لبلوغ الهدفِ السامي

وتَحقيق الأَرَبْ

أَوَلسنا نحن سادات العَرَب؟

أما بعد:

فقد كان مهرجان عكاظ هذا العام أحسن كثيراً من مهرجاناته في الأعوام السابقة. وكان في طليعة ما أضاف إليه حُسْناً، ما تَمَّ من إقامة خيمة كبيرة جميلة مشتملة على كُلِّ ما يَتمنَّاه من يسعده الحظ لحضور ذلك المهرجان. ومن ذلك فقرة مُوفَّقة كُلَّ التوفيق، ورائعة كلَّ الرَّوعة؛ وهي ربط الماضي بالحاضر؛ إذ أُدخِل الشعر المعاصر؛ مُمثَّلاً بشعر مبدع عظيم من شعراء وطننا العزيز.. أَبي يَارا وسُهَيل.. غازي القصيبي، رحمه الله. وكان من مَثلَّه حاذقاً رائعاً في تَقمُّص شخصيته؛ تَحرُكاً ومشية، وإلقاء غاية في الجودة. فلصاحب الفكرة ولمن قام بالدور أَحرُّ التهنئة والشكر. وإذا أضيف هذان الأمران إلى توفيق لجنة الاختيار لمنح جائزة شاعر عكاظ في اختيارها الشاعرة المبدعة روضة الحاج، يَتَّضح ما وصل إليه المهرجان هذا العام من تَقدُّم يُرجَى له المزيد في الأعوام القادمة إن شاء الله.

على أن من يُكنُّ مَودَّة للمسؤولين عن سوق عكاظ، المشرفين على برامجه، ويُقدِّر أَتمَّ التقدير ما قاموا ويقومون به من جهود مخلصة يَودُّ أن يرى “الحلو يكمل”. ولَعلَّ مما يسهم في إكماله حسن اختيار من يدعون للاشتراك في إلقاء الأمسيات الشعرية؛ سواء من هم ومن هن من وطننا العزيز أو من خارج هذا الوطن. والمتخصصون في جامعاتنا مع النوادي الأدبية قادرون ومُؤهّلون للإسهام في الاختيار. كنت آمل مثلاً أن أرى شاعراً مجيداً من أبناء وطننا؛ مثل عيسى جرابا، وشاعراً متألِّقاً مثل جاسم الصحيح. وكنت حين اشتركت في لجنة اختيار جائزة أبها للشعر قبل سنوات قد قلت: إني أعتقد أنّ الصحيح سيكون جواهري هذا الوطن. وكنت آمل أن أرى شاعراً مثل البرغوتي من فلسطين، ومثل عبد السلام بوحجر من المغرب. بعض ما قُدِّم في الأمسيات الشعرية لم يكن في نظري شعراً؛ إذ لم يكن مراعياً للبحور والقوافي المعهودة، ولا هو من شعر التفعيلة؛ بل هو فاقد للموسيقى الشعرية، ونحن في رحابٍ شهدت أشعاراً كان للموسيقى الشعرية فيها الكلمة الفصل. لا أتمسَّك بما تَتمسَّك به جائزة البابطين للشعر، حيث يُفضَّل الشعر المُقفَّى المُتمشي مع بحور الشعر المعهودة، لكني على الأَقل أميل إلى مراعاة الموسيقى الشعرية الموجودة في شعر التفعيلة. ولأرباب النقد في نظرتهم إلى الشعر شؤون.

ولقد سنحت لي الفرصة كي أزور جناحاً خاصاً بعنترة بن شَدَّاد من إعداد إمارة القصيم؛ وهي المنطقة المشتملة على دار عبلة بالجَوَاء. ودُهِشت؛ بل أستطيع أن أقول: صُدِمت حين رأيت رسم صورة فارس على حصان بعيدة كُلَّ البعد عن أن تكون مستوحاة لشخصية أبوها عربي وأُمُّها أفريقية. ذلك أنّ الصورة في نظري أقرب إلى أن تكون مستوحاة من شخصية منغولية. وفي ظني أنّ ما سبق أن نُشِر من صور متخيَّلة لعنترة كثيرة وجيدة. وكان يمكن أن تُستوحَى بدلاً من الصورة التي لم يُوفَّق من عملها ولا من اختارها أو أقرَّها.

ومما لاحظته، أيضاً، أنّ بعضاً من أبيات الشعر، المعروضة في الجناح المشتمل على رسوم مرفقة بشعر، يحتاج إلى ضبط أو تشكيل لتستقيم قراءته. وهذه مَهمَّة من اليسير أن يقوم بها عارف باللغة العربية وبالشعر.

أما في ختام هذه المقالة عن “شيء من ذكرى أيقظه سوق عكاظ”، فإني أُعبِّر عن جزيل الشكر والتقدير للدعوة التي تَفضَّل بها عَليَّ المشرفون على مهرجان السوق، وأهنئهم على ما قاموا به من جهود مُوفَّقة في مجملها. زادهم الله توفيقاً وسداداً.

 

شيء من ذكرى أيقظه سوق عكاظ - 3 -
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة