ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 02/10/2012 Issue 14614 14614 الثلاثاء 16 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

إذا تخلت الصحيفة، أو الصحفي، أو الكاتب عن أمانة النقل، وأصبح (يلطش) ما يعثر عليه وينسبه إلى نفسه، فقد أعلن ليس عن تدني أمانته وإفلاسه وفشله مهنياً فحسب، وإنما عن إفلاس جريدته إن هي سكتت عليه، ومررت سرقته؛ وهو بذلك واحد من اثنين: إما أنه حين أقدم على فعلته المشينة تلك كان متأكداً من أن الصحيفة لا تهتم بالمهنية الصحفية، ولا بالأمانة، ولا تعيرها أي اهتمام، وبالتالي لن تسأله ولن تحاسبه.. أو أنه (غش) المطبوعة التي يعمل فيها، وسرق عمل غيره ونسبه إلى نفسه؛ عسى ولعل ألا يتم كشفه وفضحه، وهذا يجب أن يُحاسب، ولا يمر الموضوع مرور الكرام، حفاظاً على المهنية الصحفية في البلد من هؤلاء العابثين.

الكاتب الأمريكي الشهير فريد زكريا ضَمّن مقالاً له مقطعاً صغيراً اقتبسه من مقال لأستاذة التاريخ في جامعة هارفارد (جيل ليبور) ولم يشر إلى مصدر الاقتباس، فلما اكتشفت المطبوعة التي نشر فيها المقال هذا (اللطش) تم إيقافه رأساً عن الكتابة، غير عابئة بشهرته ولا بكونه واحداً من ألمع كتابها، ليس ذلك فحسب بل أُوِقِفَ برنامج تلفزيوني كان يُقدمه في قناة ال CNN الأمريكية؛ فالإعلام في الغرب يُخيفه اهتزاز المصداقية، فاضطر زكريا مرغماً إلى أن يعترف بسرقته، ويعتذر لصاحبة العمل الأصلي؛ وبعد فترة إيقاف عاد ليكتب، واعتبرت هذه (السقطة) نقطة سوداء في تاريخه، غير أن الصحيفة نفسها لم تمرر الأمر، ولم تحاول أن تغطي على (سرقته) واضطرته إلى الاعتراف بالسطو و(الاعتذار)، لأن المصداقية لا تنتهي عند الكاتب أو الصحفي فحسب، وإنما تمتد لتشمل المطبوعة التي يكتب فيها ومدى احترامها لما ينشر فيها من أخبار وأعمال صحفية، وإذا اهتزت ثقة القراء فيها فإن قيمتها كوسيلة إعلام رصينة تهتز أيضاً، ومن أولويات المهنية الصحفية المحترمة في الغرب أمانة النقل والإشارة إلى المصدر الذي أخذت المعلومة منه؛ وهذه من ألف باء الصحافة، يعرفها المبتدئون ويتفق عليها الجميع.

الزميل الأستاذ محمد السيف واحد من المؤلفين الشباب الجادين، تخصّص في كتابة السير والتنقيب عن أعمال الرواد في بلادنا، وله عدة مؤلفات معروفة في هذا المجال، لعل أهمها كتابه القيّم (صخور النفط ورمال السياسة) عن سيرة رائد من رواد التنمية والإدارة الأوائل في المملكة وهو المرحوم (عبدالله الطريقي)؛ والكتاب بذل فيه الأستاذ السيف جهداً كبيراً أحاط فيه بسيرة هذا الرمز الوطني الكبير منذ أن نشأ وحتى وفاته، مستعرضاً محطات مشواره العملي والفكري والسياسي بالتفصيل والتوثيق؛ حتى أصبح هذا المؤلَّف مرجعاً لكل من أراد أن يعرف عبدالله الطريقي ومشواره منذ مولده وحتى وفاته؛ بل ومصدراً غنياً لكل من أراد أن يكتب عن تاريخ السياسة البترولية ونشأتها في المملكة.

جريدة (اليوم) نشرت يوم الجمعة الماضي الموافق 12 ذي القعدة تحقيقاً عن عبدالله الطريقي بعنوان: (أول وزير نفط بالمملكة وصاحب مبدأ من البئر إلى السيارة) على صفحتين متقابلتين، نقلت فيه (بالحرف) من كتاب السيف كل المعلومات التي تضمنها التحقيق، ولم تشر إطلاقاً في المادة الصحفية لا للمؤلف ولا للكتاب، وكأن هذا العمل الصحفي من عمل أحد محرريها؛ وهذا سرقة أدبية واضحة، لا يمكن للجريدة إلا الاعتراف بها، وعلى الأقل (الاعتذار) للأستاذ السيف عن هذا السطو المخجل من كتابه.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن السكوت على هذه التجاوزات المهنية، وتمريرها، وعدم الاعتذار عنها، قد تعوّد عليه كثيرٌ من صغار الصحفيين؛ وهو مؤشر يدل للأسف على تدني الأخلاق والضوابط المهنية لدى صحفيينا وبعض كتابنا؛ وقد تفشت هذه الظاهرة القميئة واتسعت حتى وصلت إلى (الدعاة) الذين يفترض فيهم الأمانة؛ فمازلنا نتذكر الداعية الذي سرق من كتاب لمؤلفة سعودية، ونَسَبَ ما سرق إلى نفسه، وقد أثبتت هذه السرقة الجهات القضائية المعنية بالفصل في الخلافات الإعلامية والثقافية، وحكمت بسحب كتابه ومنعه من التداول.. إن السكوت عن هذه السرقات ومجاملة أصحابها هو تفريط لا يمكن قبوله، ولا بد من التشهير بأصحاب هذه الممارسات وفضحهم كي تتم محاصرة هذه الظاهرة الخطرة، ومنعها من الانتشار والتفشي.

إلى اللقاء.

 

شيء من
أين الأمانة الصحفية يا جريدة اليوم؟
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة