ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 03/10/2012 Issue 14615 14615 الاربعاء 17 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قتلت الخادمة الإندونيسية (تالا الشهري) وبقيت في مكان الجريمة، لكنها وبعد القبض عليها وبدء التحقيق معها حاولت الانتحار!! لماذا لم تحاول الانتحار أو تقدم عليه بعد قتلها لتالا مباشرة!!؟

هل أدركت أنها إلى قصاص، وبالتالي حاولت الانتحار!!؟. القصاص سيصل بها للنتيجة التي ينتهي بها الانتحار: الموت!!.

نية انتحارها قرار مفاجئ دافعه التهور عندما دارت حول هدف غير مدروس هو قتل (تالا) وعندما لم تصل إلى شيء ووجدت نفسها في متاهة تصرف إجرامي ربما ترتب عليه شعورها بالحزن أو الكآبة فلم تجد لها حلاً سوى الانتحار.

الانتحار واللا جدوى تُذكّرنا بأسطورة سيزيف حيث يُتابع سيزيف رمي صخرته مِراراً وتكراراً بلا جدوى حتى يرمي بنفسه بدلاً من الصخرة واضعاً حداً لآلامه وسلوكه غير المُجدي.

الانتحار فَقْد العقل للمنطق وإن فكر منطقياً فترة طويلة لأن منطقة التفكير هذه تكون ضبابية توهم المنتحر أنه امتلك ناصية القرار بانتحاره.

أشارت الدراسات الاجتماعية الغربية إلى أن ظاهرة الانتحار ترتبط بالمجتمعات المتطورة، أو المجتمعات الصناعية وعلى رأسها الأوروبية.. وتُوحي هذه الدراسات بشكل مباشر بأن دول العالم الثالث أو دول الشرق (المتخلف) لا تعرف هذه الظاهرة لأن الفرد فيها راكد العقل، متبلد العاطفة في غفلة عن مساءلة نفسه عن معنى الوجود والعدم، ولا تنتهي به تساؤلاته إلى الإقدام على التخلص من حياته، كما وأشارت دراسة أخرى إلى أن أكثر من نصف المنتحرين كانوا يستشيرون طبيبًا قبل الانتحار بثلاثة أشهر.. وأن ربعهم كان يستشير طبيباً نفسياً، وعادة ما تكون إجابة الطبيب «لا تشغل بالك.. بسيطة».. ويعطيه فيتامينًا، أو حبوبًا مهدئة، وغالبًا ما تكون هذه الحبوب المهدئة هي الطريق السهل للانتحار.

وقدم العالم الدكتور نلسن سنسبري Nelson Sainspary نتائج دراسة ميدانية على 250 حالة انتحار، فقال إن ثلاثة أرباع هذا العدد كان يتردد على الطبيب قبل الانتحار بشهر، وإن ربعهم كان يتردد على الطبيب قبل الانتحار بأسبوع، وإن 210 «مائتين وعشرة» منهم كانوا في حالة يأس تام، وأسباب حالة اليأس وضعها في المستويات الآتية: المجتمع الصناعي، حياة المدينة، التمزق بين عدة عقائد أو ديانات، فقدان معنى الحياة، التمزق الاجتماعي في الحياة العصرية، التوتر الوظيفي، الإحباط الجنسي، الاضطراب الاجتماعي، حالات الحب اليائس.

الانتحار عدوان على الذات قد تطرق له القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) سورة النساء.

حاول الفلاسفة الاشتغال على الانتحار ووصل بـ بعضهم إلى القول بعدم وجود مشكلة فلسفية جادة حقاً مثل مشكلة الانتحار لأنها ترتبط بسؤال الفلسفة الرئيس المتعلق بجدارة الحياة. يتفق علماء النفس على دور التنظيم الاجتماعي بمؤسساته المختلفة على نحو إيجابي أو سلبي في تعزيز ظاهرة الانتحار وانتشارها على نطاق واسع، فالبطالة والأزمات الاقتصادية وغياب إمكانية تلبية الحاجات الاجتماعية والمادية أمام الأفراد، إضافة إلى ضعف الإطار الاجتماعي الضيق (الأسرة وجماعة الأقران ومحيط العمل) يُنمي حالات الانعزال ويحقق مزيداً من التفكك، عوضاً عن التماسك الاجتماعي الكلي، وكل ذلك يُعد مقدمات أساسية تُهيئ بعض الأفراد لتنمو في ذواتهم مشاعر اليأس والاكتئاب.. ومعلوم أن توفير فرص العمل والعلم وتوفير الحاجات الأساسية، مما يُساعد على رفع مستوى التفاعل الاجتماعي واندماج الفرد في جماعته مما يُقلل من الاحتمالات المتوقعة لعزلته أو انفكاكه عن جماعته الأصلية، وممّا يُقلل من ثم من احتمالات التفكير في ممارسة السلوك الانتحاري.

كانوا يعتقدون قديماً أن أشخاصاً محددين لديهم ميول انتحارية، بَيْد أن الحقائق العلمية أثبتت أن كل شخص لديه إمكانية الإقدام على الانتحار في حال توفرت الظروف المناسبة، والعامل القوي في البعد عنه هو (الإيمان) مهما فشلت الدفاعات النفسية.

في الأعمال الفنية كان الانتحار أهم القضايا التي نالت نصيباً منها كأسطورة انتحار البطل الإغريقي أياكس الذي شارك في معركة طروادة حيث اشتهر بمبارزته لوليّ عهد طروادة الأمير هيكتور مرّتين، تعادلا في المرّة الأولى فأهدى أياكس مبارزه وشاحًا، وأهدى له هيكتور سيفًا حادًا السيف الذي طعن نفسه به فيما بعد منتحراً. انتحار لوكريشا الذي أسقط النظام الملكي الظالم في روما، تعرّضت لاغتصاب دنيء من ابن آخر ملوك الرّوم الأمير سكستوس تارقوينيوس، فأخبرت أهلها بذلك ثمّ غرست السكّين أمامهم في صدرها وماتت منتحرة، أثار انتحارها غضب الرومان فثاروا على الملكيّة وأسقطوها وطردوا العائلة المالكة. عُيّن والدها وأخوها فيما بعد كأوّل قياصرة في الجمهوريّة الرومانيّة. كذلك انتحار الشّاعر توماس تشاترتون، وانتحار روميو وجولييت.. فكما ترى عين الشريعة والقانون الانتحار ويراه عين الاجتماع تولّت عين الفن رؤيته من منظورها الخاص لكنها رؤية لا تنكر أن الانتحار عدوان ضد الذات محرم في الإسلام والمسيحية في وجود أي مبرر له حتى مبرر الخادمة الإندونيسية قاتلة تالا في نية الانتحار.

bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443
Twitter: @HudALMoajil
 

بلا تردد
قتلت تالا وأرادت الانتحار: العدوان على الذات
هدى بنت فهد المعجل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة