ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 04/10/2012 Issue 14616 14616 الخميس 18 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تشير أصابع الاتهام بالفساد دوماً لبعض القطاعات الحكومية والشركات، ويُقاس معدله غالباً بالهدر المالي، والتأخير في تنفيذ المشاريع وتعثُّرها، فضلاً عن التقاعس في خدمة المراجعين وإعاقة معاملاتهم وتسويفها.

وإن كان مفهوم الفساد لدى الأغلبية يتركز في الأمور المالية؛ إلا أن مفهومه الحقيقي أشمل من ذلك بكثير، فالظلم بين الناس فساد، والاعتداء على النفس والعرض والمال فساد كبير، وكذلك الجور على الضعفاء.. كما يشمل الفساد الدائرة المحيطة بالمفسدين عن طريق بثّ أخلاق وصفات وأفكار ودعاوى الفساد والإسراف فيها ونشرها حتى يتعدى أثرها إلى غير أصحابها، ولهذا نهى النبي صالح عليه السلام قومه عن التأثر بالمفسدين، كما جاء في الآية الكريمة: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ}.

بل إن الفساد اقترن بزرع الفتن والتحريض وإشعال نار الحروب وتمويلها ودعم الأطراف المتحاربة ما لم تكن نصرة للدين {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

كما ارتبط الفساد بالتجارة في حالة التدليس في البيع والشراء سواء في الغش بالصفقات الكبرى أو بالتعاملات البسيطة {وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.

ولم يقف أمر الفساد في الأرض، بل تعداها إلى البحر بسبب سوء سلوك الناس وأفعالهم (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).

ومن المؤكد أن مصداقية الإنسان تكون بانسجام معتقده مع سلوكه، وكل تعارض أو تضارب بينهما يفقده المصداقية ويسقطه في الفساد لأن السلوك ينبغي أن يكون دلالة على معتقد نظيف.

وفي أغلب المواضع القرآنية لم يربط الله الفساد بمعتقد الإنسان ودينه ولكنه قرنه بعمل الإنسان وفعله ونتاجه وعلاقاته وروابطه.

وانتشار الفساد وبالٌ على الناس جميعاً، وهو رهين الهوى، فلا يكاد يخرج الفساد عن الأهواء والرغبات الدفينة في النفس كاللجوء للرشوة والسرقة والطمع: مصداقاً لقوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ }.

والحق إنني تعجبت من تغلغل الفساد في كل منحى في الحياة، وقد ذكره القرآن في مواضع كثيرة، وأشار فيه إلى هلاك الناس {وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}.. ونتائجه على المجتمع سيئة، ويعاقب حتى غير المسيء لأنه سكت عنه ولم يقاومه مثلما أنزل الله العقوبة على قوم صالح جميعهم برغم أن من عقر الناقة فئة قليلة.. ولكن في الآخرة لا يُحاسب إلا المفسد.. {وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}.. ولأن محاربة الفساد حياة للأمة واستمرار رغد عيشها؛ فإن كل أفراد المجتمع مسؤولون، وإن لم يفعلوا عمَّهم الشر وهم لا يشعرون!

rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny
 

المنشود
هل الفساد ظاهرة إنسانية؟!
رقية سليمان الهويريني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة