ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 04/10/2012 Issue 14616 14616 الخميس 18 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

مكة، أيضا تحلم..

كحلم صغار كانوا يعبثون جوار عتبات بيوتها بترابها الندي..

كان ترابا نقيا..، وكانت الصدور حين تمتليء بذراته تنتشي..

تحفز للركض من باب لآخر، ومن دور للأعلى..

حتى الأسطحة في بيوتها كانت لها روحها، وفي الجلسات فيها يُناجى القمر..

وإن كان القمر من تراب، ظل المكِّيون يتغزلون في الوجوه الجميلة كالقمر..

مكة الحالمة، بزحف الحجيج..

يحسب الآخر في أهلها قسوة الجبال المحيطة بها، وهم يتمتعون بحناجر واسعة الامتداد..

ذلك لأنهم ينادون ربا في السماء.. يسمع همسهم، وهسيس قلوبهم،..

لكنهم بحجم إحساسهم بعظمته ينادون..بالدعاء يجأرون..

مكة، في مواسم الحج كانت قبلة الأشواق..،

ومنتهى الأحلام....

فالحجيج يأتي بالمطر..،

مطر الرزق، وبذل الخدمة لوجه الله تعالى، والسهر للدعاء.. عسى القبول: سنة خضراء، وتوديعا لشح المعاش..حتى يعود ركب الحجيج من جديد في سنة جديدة..!!

فيه اللغات المختلفة، والألسن الناطقة بمخارج تقع عنها الكلمات في الآذان مواقع الدهشة..

يذهب المكيون الطيبون لالتقاطها، فتجدهم يتقنون لفظها، ويعرفون دلالاتها..

فيتعاملون وفق إشاراتها.. ركضا ركضا للقبول..

مكة، كأمنية فقير لا يتكلم عن فقره إلا بغنى..

يفتح بابه..، ويقدم طعامه، ويؤثر على نفسه وبه خصاصة..

حتى شربة الماء زلالا تنزل في منازلها من حناجر العطاشى من الحجيج..،

وهو على ظمئه ينطوي..، بيد أن يده ممتدة باقداح مبخرَّة، وفمه عطش..

مكة، وأسطحها تتحول نزلا لأهلها، وتفرغ كل حجرات بيوتها للحجيج..

موسم الرحمة، والزاد لبقية العام..!

حالمة تحولت أحلامها لأوسع ما تتمناه..مكة هذه الفؤاد المكنون بثرائه..

لكن، زحفت غايات الحياة إلى كثير كثير من صدور أبنائها فاتجهوا لمدن أكبر، ولسوق للدنيا أوسع..

ضاق سوقها بغايات أولئك الكثيرين..!

وبقيت على جبالها آثارهم، وبين جدرانها أصداؤهم..

الحالمة مكة..، بخفرها، وحيائها، وجمالها، وعظمتها، وقدسيتها، بسواد عين كعبتها درة في القلب..

والناس ملايين من كل صوب، وحدب تتجه إليها في أيام قريبة قادمة،،..

تنبعث رائحة تربتها في صميم الذائقة..، من عميق الذاكرة،.. في أندى لحظات العاطفة وهي تندلق

شوقا..، وولها بمكة.. مكة المنى، والجمال، والأم، والأب، والأهل..، ومحضن الود..!

حتى التراب فيها بقيت له ومضة دعوة..، ورنة خلخال..، وعطر قصيدة..،

ورشفة ماء من قدح مبخَّر.. ومدى من الحس لا يضمحل ولا يتلاشى..،

وإن مسحت عليها مدنية البناء، أو عمرتها غاية خدمة الحجيج..، أو تبدلت السحنات فوق أديمها..

هي مكة الشاي المعمَّق، الرغيف المجمّر.. قطعة الحلوى الطحينية..، جمع الأهل في كل الحجرات،

مسحَّراتي رمضان..، إمامة أبي عند الصلوات..، ووجه أمي..!

يا لمكة الحالمة فينا، الناطقة بعروقنا..

هذا خميسك مكة...!

عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855
 

لما هو آت
هذا خميسكِ مكةَ..!!
د. خيرية ابراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة