ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 06/10/2012 Issue 14618 14618 السبت 20 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نحن اليوم نعيش في عصر تحيط به المتناقضات من كل جانب، ففي الوقت الذي تسمع فيه عن خبر يعبر عن واقع معين فإنك تقرأ في الجريدة خبراً آخر يناقض هذا الواقع تماماً، والشواهد على هذا الأمر كثيرة ومتعددة..

..فعلى سبيل المثال لو نظرنا إلى الوضع الاقتصادي فعلى الرغم من كل ما يعلن كل يوم عن الأزمة المالية العالمية والتي أثرت على معظم اقتصاديات الدول يعلن في أحد المعارض الخليجية العقارية عن مشاريع بـ1.3 تريليون دولار في الخليج، وعلى الرغم من وجود دراسة توضح ارتفاع رواتب الموظفين في الخليج بمعدل 11.4 % فإن هناك إحصاءات أخرى من منظمة العمل الدولية تشير إلى أنه سيكون هناك أكثر من 200 مليون عاطل عن العمل في العالم بنهاية عام 2012م، وعلى الرغم من تعدد الاجتماعات دولياً بشأن الأزمة المالية والتطمينات المعلنة يوماً بعد يوم بشأن الاقتصاد فإن الأسواق المالية في معظم دول العالم بصفة عامة وفي الخليج بصفة خاصة مازالت تراوح مكانها دون أي تقدم إن لم تكن تتراجع.

وهناك تناقضات أخرى تحيط بنا أيضاً في مجالات مختلفة ففي الوقت الذي تنتشر فيه المدارس من حولنا والجامعات فإن المستوى العلمي للمخرجات في تدن، بل إن المخرجات في النهاية تغدو عبئاً إذ لا تتوافر لهم فرص عمل تلائم التخصص الدراسي الذي قضوا فيه عدة سنوات وكلف الدولة بلايين الريالات، وفي الوقت الذي تخصص ميزانية الدولة بلايين الريالات لإنجاز العديد من الخدمات للمواطن بشكل مباشر وتعلن عن هذه المشاريع فإنك لا تكاد تجد لهذا الأمر أثر على أرض الواقع فمشاريع المياه يعلن عنها كل يوم وكثير من المساكن وسط المدن لا تصلها المياه إلا مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر وهم أسرى لمتعهدي الوايتات، وكذلك مشاريع الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار وغيرها من الشبكات الأخرى، هناك توجيهات مباشرة لتسهيل المعاملات للمواطنين ومع ذلك فإن المراجعة في كثير من المعاملات الحكومية أشبه ما يكون بكابوس ليلي يتمنى الإنسان أن يستيقظ منه بأسرع وقت، ومع كل هذه المتناقضات فإن دعوى مواجهة ثقافة الإحباط تنتشر لتخلق في نفوسنا الأمل الذي هو الملاذ الوحيد لنا لكي نعيش.

ومن شواهد هذا العصر أنه عصر يكرم فيه الخائن ويؤتمن فيه السارق ويكافأ فيه المهمل ويترقى فيه الكسول وهو عصر يحتفى فيه بأصحاب بعض المهن ويهمل العلماء والباحثون والمثقفون وهو عصر ننادي فيه بالانفتاح والحوار ونحن منغلقون على أنفسنا ولا نسمح لأبنائنا بأن يتحاوروا معنا، نحن نعيش في عصر فقدنا خلاله الثقة في كثير من الأشياء فلم نعد نصدق كثيرا من الأخبار ولم نعد نثق في التصريحات ولم نعد نؤمن بأي مشاريع يعلن عنها، بل وصلت بنا الأمور في بعض الأحيان إلى أن حتى ما نراه أمامنا أصبحنا نشك فيه بأنه قد يكون مظهراً من مظاهر التمثيل أو نموذجاً غير حقيقي، بل إن البعض وللأسف أثرت عليه مثل هذه الأمور ففقد الثقة حتى في نفسه وفيمن حوله.

لقد أثر في عصرنا الحاضر هذا التناقض بشكل واضح كما نشأ لدينا ما يسمى بثقافة التناقض وأصبح الجيل ينشأ على أمور يجدها في المنزل ثم يخرج إلى الشارع فيجد ما يناقضها أو يسمع من والديه شيئاً ثم يذهب إلى المدرسة فيسمع من المعلم ما هو مناقض لما سمعه من والديه وهكذا تستمر سلسلة المتناقضات في حياتنا المعاصرة وعلاج هذه الظاهرة يحتاج منا إلى جهد كبير وعمل متواصل يركز على تأكيد مفهوم الوضوح والشفافية والمكاشفة، مستندين في ذلك إلى دلائل حقيقية ووثائق معتمدة تعرض أمام المجتمع ويتم مناقشتها أمام الناس حتى تقف هذه السلسلة من مهازل المتناقضات.

 

عصر المتناقضات
إبراهيم محمد باداود

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة