ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 08/10/2012 Issue 14620 14620 الأثنين 22 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

احتفالات اليوم الوطني الأخيرة لم تختلف كثيراً عن سابقاتها سوى في كمية الفوضى والاتساع الجغرافي أصبحت المناسبات الاحتفالية بأنواعها تسبب الإزعاج أكثر من الابتهاج، وهذا أمر يستحق التفكير في أسبابه بهدوء ودون تسرع في التبريرات الإنشائية التي أعقبتها في المقابلات الفضائية والكتابات الصحفية. صور التخريب التي قدمها الشباب المحتفل في كورنيش الخبر والدمام وشوارع وحدائق الرياض وأسواق وميادين جدة والقصيم أصبحت حلقات متكررة في مناسباتنا الاحتفالية، سواء الوطنية أو الثقافية أو الأعياد الرسمية. بهذا التوصيف والمحتوى، أي استغلال الفرصة للفوضى والتخريب والتحرش، قد لا تختلف هذه التصرفات الجامحة عن العبث التخريبي اليومي بالمرافق العامة وبقوانين المرور والممتلكات الخاصة، لولا حدوثها في مناسبات يفترض أنها للتعبير عن الابتهاج الجماهيري الشامل، وأنها تحدث في أكثر من مكان وبشكل متزامن وتحت أنظار الحضور الأمني المكثف الذي يحاول أن تمر المناسبة بسلام وبأقل قدر من الخسائر.

قبل حلول مناسباتنا الاحتفالية بأسابيع تبدأ الأمانات والبلديات الفرعية بتعليق المصابيح واللوحات في الشوارع وعلى الجسور، وتساهم الشركات في استغلال المناسبة بالدعاية لنفسها من خلال زف التهاني بالجملة، ويرتفع دخل الصحف كثيراً من الإعلانات. لكن عندما يحل يوم الاحتفال.. أين الموسيقى والرقصات الشعبية والأهازيج الفولكلورية، وأين الزغاريد من الشرفات ونثر الزهور وماء الورد على المحتفلين؟. هل تكون أجواء الاحتفال بدون لوازم الاحتفالات هذه أجواءً احتفالية، أم مجرد تداخل جماهيري لا يستطيع أحد التنبؤ بما يمكن أن ينتج عنه؟.

والحال هكذا وبشكل متكرر، لماذا لا يفكر أحد أو مجموعة ما في أن التفريغ بهذه الطرق العنيفة لطاقات الشباب قد يكون تعبيراً عن احتجاج فئات عمرية كبيرة التواجد الديموغرافي، تحاول استغلال المناسبة للتعبير عن احباطاتها من الكبار ومن الذين يستطيعون تحسين مستقبل الشباب بالتخطيط السليم. لكي نقترب من هذه الفرضية أكثر، دعونا نوزع الشباب السعودي اجتماعيا بطريقة واقعيــــة إلى شرائح مختلفة الإمكــــانيات والمفـــــاهيم والتطلعات.

هناك بالتأكيد شريحة شباب تنتمي إلى تلك النسبة الاجتماعية الصغيرة عددياً والمرتاحة ماديا ومعيشياً. هذه الشريحة من الشباب لديها (على الأقل بالاستنتاج العقلاني) مبررات كافية للابتهاج والاحتفال بالمناسبات الوطنية السعيدة. السؤال هو: كم نسبة هذه الشريحة بين الشباب؟.

الشريحة التالية هي شريحة الفئة البين بين، التي تعيش على الأمل، لكنها ليست مرتاحة معيشياً تماماً. من المفترض أيضاً أن هذه الشريحة تمتلك ما يكفي من الحس الاجتماعي الحريص على المصلحة الوطنية الجامعة. السؤال هو: كم نسبة هذه الشريحة بدورها ؟.

الشريحة الثالثة، وهي الأكبر عددياً، هي فئة الشباب التي تعيش على الهامش المادي والوظيفي، تسكن مع الأهل في بيت يدفع الوالد إيجاره، وسيارة العائلة بالتقسيط، وتفرغ جيوب الأسرة آخر الشهر بعد دفع الفواتير وتكاليف المعيشة. هذه الفئة الشبابية تتعايش مع الإحباط من الحصول على وظيفة مستقرة بدخل مجز، ومع الشعور بعدم القدرة على الزواج وامتلاك السكن الخاص، ومع الخوف من الفشل في القيام بشؤون الأسرة الخاصة، وبالمتوجبات المقبلة تجاه الوالدين حين تداهمهما أمراض الشيخوخة.

هذه الشريحة بالذات تنتمي إلى الستين في المئة من المواطنين الذين يستهلكون ربع أو نصف مداخيلهم المتواضعة على الإيجارات، وهي أيضاً فئة الأغلبية المسجلة في نظام حافز التي تعدى عددها المليون ونصف شاب وشابة. هؤلاء غائصون في صعوبات حياتية لا يدركها الأثرياء وكبار القوم، وحينما يشاركون في المناسبات الاحتفالية كيف نتوقع منهم أن يتصرفوا، بالابتهاج أم بالاحتجاج ؟.

رجاء فكروا جيداً في الأمر قبل الاستعداد للاحتفالات القادمة.

 

إلى الأمام
ابتهاج أم احتجاج ؟
د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة