ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 11/10/2012 Issue 14623 14623 الخميس 25 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

إن كان الغرب الصهيوني قد احتل قطرا عربيا هو فلسطين وأسماه إسرائيل فإن إيران بكل أسف تنافسه في هذا التغوّل على الحق العربي وتكاد تحكم العراق ولبنان، ناهيك عن قطر الاحواز العربي وجزر تابعة لإمارة الشارقة،

ولو أخذناها بالحسبة في المساحة فلا شك أن اعتداء إيران على الحق العربي يبدو أكثر وبكثير من الاعتداء الصهيوني، ومع هذا يتعامل الوطن العربي مع إيران بشكل مختلف بالكامل عن تعامله مع الجانب الآخر، وما ذلك إلا إعلاء وتغليبا لحسن النية والمقصد وحرصا على حسن الجوار واحتراما للعقيدة الجامعة مع إيران.

عسكريا يمكن محاربة إيران وهزيمتها، فالقوة العسكرية والتقنية متقاربة ومتكافئة إلى حد ما، وقد بين العراق الوطني في عهد الرئيس الراحل صدام حسين إمكانية ذلك، ويمكن حتى اللجوء للتعاون مع أعداء إيران للاستفادة من قوتهم العسكرية والإعلامية لردعها وإعادتها لحجمها الطبيعي، ومع هذا تغلب الأقطار العربية التفاؤل على التشاؤم بظهور زعامة إيرانية تعي وتفهم بعض هذه الحقائق التي يغامر بها من هم على سدة الحكم في طهران اليوم، وأحيانا كثيرة يفسر التعقل بالعجز، وهو تفسير أقرب للصواب والصحة ولكن من يضمن ديمومة هذا التعقل أو العجز، وفي خضم انطلاقة الربيع العربي وتغير الخارطة السياسية في الوطن العربي يوشك بعضهم أن يسمع أجراس اليقظة والنهضة العربية بسمعه الطبيعي المجرد دون حاجة لأجهزة تصنت أو استشعار عن بعد، والغريب أن إسرائيل أو (مسمار الصهيونية) سمعت هذه الأجراس ووعت اللحظة وبدأت التهيؤ ومواجهة المتغير في الصورة داخل الوطن العربي، من خلال ما نراه من مواقف سياسية في أمريكا وأوروبا تجاه دول الربيع العربي، والمتلخصة في الرغبة في صداقتها والتأثير على سياساتها، من خلال تفعيل تبادل المصالح والمنافع مع تقديم مساحة اكبر لاحترام الإرادة الشعبية واستعداد عميق لتفهم ردود الفعل الطبيعية تجاه ما يظهر من تجاوزات لعل آخرها الفيلم الخبيث الذي أصدرته مجموعة قذرة، غير أن إيران وقد واتتها الفرصة العظيمة في الدخول ضمن اللجنة الرباعية التي دعت لها مصر لإدارة الأزمة السورية فيما يبدو لي لم تحسن اقتناص هذه الفرصة التي تؤهلها لتكون ركنا أساسيا في إعادة ترتيب الصورة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، بعيدا هذه المرة بل ولأول مرة عن القوى الكبرى الغربية خاصة، بل إن هناك فرصة كبيرة للنجاح والاستفادة من الصين وروسيا ودول عدم الانحياز لإخلاء المنطقة من الهيمنة العسكرية الغربية، لو لا أن الثمن أو المقابل والموازي لذلك أيضا يكمن في دحر النفوذ والهيمنة الإيرانية عن العراق ولبنان وسوريا، وبمعنى آخر إعادة إيران إلى حدودها السياسية، وان كانت تعني تجاوز أو غض الطرف عن الاحواز وجزر الإمارات العربية أو تأجيل تفاصيلها إلى ما بعد.

في الإعلام تدعو إيران إلى إخلاء المنطقة وخاصة الخليج العربي من تواجد القوات الأجنبية وهذا أمر حسن، واليوم وبعد عودة مصر العربية إلى الساحة هناك رغبة عربية وتركية حقيقية في إخلاء المنطقة من الوجود العسكري الأجنبي، وللوهلة الأولى تبدو الصورة باعثة للتفاؤل، فقد ظهر اتفاق عربي تركي إيراني على هدف واحد، وهو أمر جيد، لو لا أن التزام إيران بتحقيق هذا الهدف ظهر واضحا وجليا بأنه إعلامي ومنتج للاستخدام الدعائي ليس أكثر، ظهر ذلك في أولى جلسات هذه اللجنة الرباعية في القاهرة حين كشفت إيران رؤيتها الحقيقية لإنهاء الأزمة السورية من خلال القفز على حقيقة الأزمة، وهي رفض الشعب السوري لحكم آل الأسد إلى القول أن الحل يكمن في التحاور مع آل الأسد لرسم المخارج للازمة، وكانت الدعوة المصرية في الأصل لبحث الوضع السوري لما بعد سقوط حكم آل الأسد، أي إن الاجتماع الرباعي إنما يجيء ليبني مستقبل سوريا بأمن وسلام خارج الهيمنة والنفوذ الغربي وبما يخدم سوريا ومن حولها، ولأن إيران جزء من المشكلة ولأنها عجزت عن الانتقال من جانب المشكل لتدخل جانب الحل لم يكن للتفاؤل أي أمل في النجاح، لذلك انتهى ذلك الاجتماع دون بريق صور أو صوت وطغى اجتماع الرئيس محمد مرسي بوزير خارجية تركيا على أصل الاجتماع، وهو ما يعني أن إيران قد خسرت الفرصة الذهبية للدخول كضلع رابع لمنظومة إقليمية تهدف لرسم صورة الشرق الأوسط الجديد بعيدا عن الهيمنة والنفوذ الغربي لأول مرة.

ولأن الحدث السوري هو الحدث المشتعل والملتهب اليوم في المنطقة، وبعد أن ظهر جليا أن إيران غير مهتمة بتأمين المنطقة من التواجد والهيمنة الغربية أكثر من اهتمامها بتأمين هيمنتها ونفوذها، راغبة في إضافة سوريا إلى لبنان والعراق بعد أن بلعت وهضمت الاحواز والجزر الثلاث فقد أصبحت فعليا اخطر من إسرائيل على الوطن العربي، إذ بالإمكان اليوم الاصطفاف مع الغرب ضد إيران لإخراجها من المنطقة العربية، وهو أمر سهل وميسر، خاصة بعد أن أثبتت إيران فشل الرهان عليها في حال الاصطفاف معها ضد الغرب لإخراجهم من المنطقة، وبالتالي فإن الذي يؤخر العرب وربما تركيا من الاصطفاف مع الغرب ضد إيران ليس العجز ولكنه التعقل الذي ينتظر صحوة ويقظة لدى الشعب الإيراني لإنقاذ إيران من نفسها.

Hassan-Alyemni@hotmail.com
Twitter: @HassanAlyemni
 

التعقّل العربي مع إيران هل هو عجز؟
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة