ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 11/10/2012 Issue 14623 14623 الخميس 25 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حل البطالة تحت ناظِرينا.. فلماذا لا نلتفت إليه؟
عبدالعزيز محمد الروضان

رجوع

 

إني بهذا المقال المتواضع شكلاً ومضموناً، الذي أتوجه به إلى وزارة العمل في بلادنا العزيزة، فإن البطالة في بلادنا أصبحت اليوم الشغل الشاغل أمام المسؤولين عنها، ولاسيما وزارة العمل، فيعتقد كثير من الناس أن البطالة أم المشاكل وثالثة أثافيها، لكني بفهمي المتواضع أرى أن مشكلة البطالة أو العطالة - كما يحلو للبعض أن يسميها - حلها بين ناظرينا، وما علينا سوى أن ننظر تحت أقدامنا فنجده مشرعاً أمامنا.. إنه لما كان أصحاب بعض الشركات والمؤسسات حينما يستقدمون عمالة من بعض الدول فإن أصحاب هذه الشركات والمؤسسات يأتون بعمال غير أكفاء، لا يحملون أي مؤهلات للغرض الذي استُقدموا من أجله، فهم خالو الوفاض من أي مؤهلات، ليس هذا فحسب بل هم لا يملكون تجربة تحصلوا عليها من مزاولة هذه المهن في بلادهم، هذا فضلاً عن أن هذه الشركات والمؤسسات أحياناً تستقدم عمالة لتعمل في المجال (س) والعمالة تعمل في المجال (ص) علماً بأني واثق كل الثقة بأنه لم يطأ أرض المملكة عامل يحمل مؤهلات تُذكر، إلا ما ندر!!

ولما كانت الحالة هذه فإنه من المؤكد أن أجور هؤلاء العمال، الذين لا يحملون لا مؤهلات ولا خبرة، سوف تكون متدنية، وهم - أقصد العمال - راضون بذلك؛ لأنهم يعرفون أنفسهم أنهم ليسوا أهلاً للقيام بهذه الأعمال.. ومن ثم فإن أصحاب بعض الشركات والمؤسسات سوف تأتي إلينا بأمثال هؤلاء العمال المتدنية أجورهم، التي لا تحملهم تكاليف اقتصادية مرتفعة.

إذاً هذه الشركات والمؤسسات ليست بحاجة إلى أبنائنا الشباب الذين يطالبون بأجور أكبر من أولئك العمال المستقدمين من خارج المملكة؛ لذا فإن اقتراحي الذي أتوجه به إلى وزارة العمل فحواه ومضمونه كالآتي:

أن لا يُستقدم أي عامل مهما كان المجال الذي سيعمل فيه إلا وهو يحمل مؤهلات وخبرة تؤهله للقيام بذلك العمل الذي سوف يوكل إليه، ومن ثم فمتى كان العامل يحمل مؤهلات وخبرة في عمل ما أو تخصص ما فإنه سوف يكون أجره مرتفعاً يتناسب مع مؤهلاته وخبراته الفعلية؛ لأن أي عامل يحمل هذه المؤهلات فإن سوق العمل ليس في بلادنا فحسب بل في جميع بلدان العالم ينظر إليه، وسيكون مطلوباً؛ فتنهال عليه الطلبات من كل حدب وصوب. إنه حينما تكون أجور العمالة الوافدة إلى بلادنا، التي تحمل مؤهلات علمية، أجوراً عالية فإنها حينئذ سترهق كاهل ميزانية هذه الشركات والمؤسسات، ومن ثم يلتفت أصحاب هؤلاء الشركات والمؤسسات إلى أبنائنا الشباب، ومن ثم يعملون عملية تفاضل بينهم وبين أولئك العمال الوافدين إلى بلادنا الذين أجورهم مرتفعة.

إن بعض الشركات والمؤسسات حينما توكل إليها أعمالٌ من قِبل الدولة فإنها تأتي بعمالة توجد على قارعة الطريق!! فمثلاً إذا رسا على شركة أو مؤسسة مشروعٌ في صميم البنية التحتية في بلادنا فإن هذه الشركات والمؤسسات تأتي إلينا بعمال يعيشون في صحاري بلدانهم، لا يعرفون شيئاً البتة، ولا يملكون أدنى مدخلات تعليمية ولا مهنية ليكون لهم مخرجات تذكر.. والحالة هذه، فإني لا أريد أن أوغل في هذه النقطة فتحمر عيون وتضيق صدور، وإلا فإني أجتر بقلبي قول الشاعر حينما قال:

إن الشجى يبعث الشجى

فكل هذا قبر مالك

وإلا قولوا لي - بالله عليكم - هل من المعقول أن يقوم على صب جسر أسمنتي، لا بد له من مواصفات هندسية دقيقة، عامل يأتي من صحراء بلد كذا وكذا؟!! أعتقد أن جوابكم بالنفي القاطع. إنه حينما تكون مخرجات هذه العمالة الوافدة يقطفها المستهلك السعودي فإن أصحاب هؤلاء الشركات والمؤسسات لا يهمهم مخرجات هذه العمالة، ولسان حالهم «أنا وبعدي الطوفان»، لكن حينما يقطف ثمار تلك المخرجات أصحاب تلك الشركات والمؤسسات فإنهم لن يأتوا إلا بعمال مؤهلين لا يضرونهم. إذاً، لما كانت هذه حال أصحاب هذه الشركات والمؤسسات فلماذا لا تشدد الرقابة على عمالهم؟ وأنه لا بد من تمحيص خبرات العمال ووضعها على محك أصول المهنة التي أتوا من أجلها. إذاً، من هذا وذاك، فإني أعتقد جازماً بأنه لما تكون أجور العمالة مرتفعة بسبب أنهم يحملون مؤهلات عالية فإن أصحاب الشركات والمؤسسات سيلتفتون إلى أبنائنا الشباب. علماً بأني أنادي في خضم هذا المقال بسَنّ قانون يبيَّن فيه الحد الأدنى للأجور، كل على حسب مؤهله وخبراته؛ لأن تلك الأجور التي يتقاضاها شبابنا العاملون في تلك الشركات لا تضمن لهم حياة كريمة، ولا لمن تحت أيديهم، والأجور التي يتقاضونها لا تتجاوز

تسديد فاتورة جواله! إني حينما أعلم أن أصحاب هذه الشركات والمؤسسات يكبدون البلاد والعباد تكاليف اقتصادية منبثقة من حراك نشاطاتهم الاقتصادية، ناهيكم عن كونهم يستهلكون البنية التحتية للبلاد، التي تقدم لهم بالمجان!! فلماذا لا نطالبهم برفع أجور أبنائنا الشباب، وكما يُقال: من أكل الكعكة قام بغسل صحونها.

إن دولتنا الرشيدة - أعزها الله - تعتقد أنها ملزمة بتوظيف كل مخرجات التعليم، وأنا أقول «على رسلك يا دولتي العزيزة، هوني عليك فالأمر غير ذلك».. فإن توظيف الشباب في أي دولة يناط به الشركات والمؤسسات، وإن العمل في وزارات تلك الدول من قبل شبابها هو استثناء، وإلا فالسواد الأعظم يعمل في القطاع الخاص. إذاً إني أريد من دولتنا العزيزة أن ترفع الحرج من نفسها، وأن تطالب الشركات والمؤسسات بامتصاص هؤلاء الشباب، فطالما أن هذه الشركات والمؤسسات حظيت ببعض الحقوق من قِبل الدولة فلا بد أن يناط بها بعض الواجبات، فكل حق يقابله واجب.

إن لشبابنا علينا حقوقاً متى ما قدمناها لهم فإنهم يتشبثون بالولاء والإخلاص للوطن ولولاة أمره، إني هنا لا أتوجه بمقالي هذا إلى كل الشركات والمؤسسات؛ فإني أجد بعضها يفعل ما أنادي به، وإني لست هنا أدين تلك الشركات والمؤسسات على إطلاقها؛ لأني أعلم أن هناك شركات ومؤسسات أمسكت الحس الوطني بقرنيه، وأنهم أخذوا على عواتقهم تلك الواجبات التي باتت عليهم ملزمة، ولكني هنا أناشد أصحاب تلك الشركات والمؤسسات التي يغيب عن فهمها الحس الوطني؛ فإن في أعناقهم لهؤلاء الشباب حقوقاً.

إني لا أشك أن الوطنية وحب الوطن وولاة أمره مغروسان عند هؤلاء أصحاب الشركات والمؤسسات، ولست أنا ممن يعرفهم بذلك؛ فهم بغنى عن توجيهاتي لهم، وما قولي في هذا المقال إلا من باب «فذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين». وسأهمس في آذان أصحاب الشركات والمؤسسات بمثل صاغ مفهومه أجدادنا حينما كانوا لا يملكون إلا قوت يومهم، وما زاد عنه يعطونه من لا قوت له، فقد قالوا رحمهم الله «اللي ببطن الحويِر ببطن أمه» فما تقدمونه يا أصحاب الشركات لا يتجاوز قول أجدادنا في هذا الصدد. علماً بأني أرجو منكم يا أصحاب الشركات ألا تغفلوا احتساب الأجر والمثوبة عند الله تعالى؛ فإنكم حينما توظفون هؤلاء الشباب الذين ينفقون مكتسباتهم على شيوخ ركع وأطفال رضع فمتى ما كان هذا الهاجس يعنيكم فلكم من الله الخلف والتعويض.

كم أسعد ويسعد غيري من أبناء هذا الوطن حينما أرى أن ولاة أمرنا يهمسون في أذن كل شركة ومؤسسة أن يعولوا على شباب هذا الوطن، وكم هي المرة تلو الأخرى التي يقول فيها ولاة أمرنا - وعلى رأسهم مولاي وسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه وسدد على دروب الخير خطاه وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - سمعناهم يقولون إن في شباب هذا البلد كل الخير؛ فلماذا لا يعول عليهم؟ نعم، إن شباب هذه البلاد هم سواعد فتية، يشهد لنجاحاتهم القريب والبعيد.

حفظ الله هذه البلاد وولاة أمرها وأبناءها من كل سوء.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة