ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 12/10/2012 Issue 14624 14624 الجمعة 26 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

 

تنامي الطلب عليه مؤشر لضعف الثقة في الاقتصاد العالمي
أسعار الذهب تنمو 487% خلال «12» عاماً وتوقعات بملامستها الـ2000 دولار

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجزيرة - د. حسن الشقطي:

في عام 2000م، لو تنبأ أي اقتصادي بأن السعر العالمي للذهب سيصل إلى حوالي 1000 دولار للأوقية في عام 2012م (أي خلال 12 عاما ) .. كان سيوصف بأنه «مُبالغ»وضعيف النظرة والتحليل .. ولكن لسوء الحظ أن الطفرة السعرية التي حدثت في أسعار الذهب تفوق كل التوقعات، فقد ارتفعت الأسعار العالمية للذهب من مستويات الـ 300 دولار للأوقية في 2000م، إلى نحو 1762 دولار كما هو في إغلاق امس الاول الاربعاء (10 أكتوبر 2012م)، أي حدثت طفرة سعرية بنحو 1462 دولار للأوقية، أو بما يعادل 487%، اي أن أسعاره ارتفعت بمقدار الخمسة أضعاف تقريبا. وحتى هذه اللحظة ورغم الطفرة الكبيرة التي حققها الذهب خلال السنوات الأخيرة، إلا إنه لا يزال مستمرا في الزيادة أكثر فأكثر، بشكل يفوق كل التوقعات التي تنبأت بأن أسعاره ستقف عند حدود معينة .. فخلال الربع الثالث من 2012م فقط ، حققت أسعار الذهب ارتفاعا جديدا بمعدل 10.7%، ولا يبدو أنه الارتفاع الأخير، فتشير آخر التوقعات إلى أن الأسعار متجهة إلى مستوى الـ 2000 دولارا مع بداية عام 2013م. هذه الطفرة السعرية تثير جدلا واسعا، فهل أسعار الذهب تستحق كل هذا الارتفاع؟ وهل هناك مبررات منطقية لها ؟ ولماذا لم ترتفع أسعار السلع الاستراتيجية الأخرى بنفس هذه النسب والتي يعتبرها البعض أهم كثيرا من الذهب ؟

أسعاره فاقت السلع الضرورية

البعض يعتبر أن الذهب ليس سلعة ضرورية، بل هو كمالية، أو سلعة رفاهية، كمجوهرات تقتنيها النساء للتزين .. فهو لا يقارن بالنفط الخام مثلا الذي يعتبر قاطرة الصناعة ووقود الحياة، وحتى مع معرفة أن النفط حقق ارتفاعات كبيرة خلال الفترة من عام 2000 إلى 2012م، بمعدل يصل إلى 404% تقريبا، إلا إن كون النفط سلعة ضرورية للغاية، فإن ارتفاع أسعاره يعتبر مبررا في ضوء المستجدات الاقتصادية على الساحة العالمية..ولكن مع ذلك، فينبغي أن نعلم أن الذهب حقق ارتفاعات تفوق ارتفاعات النفط الخام، فالنفط الخام حتى هذه اللحظة يسير في شكل خط متعرج، تارة يرتفع وتارة ينخفض في ظل المستجدات السياسية والاقتصادية أما ما يميز مسار سعر الذهب هو عدم الرجوع عن أي مكتسبات سعرية يحققها .. فلماذا كل هذا الطلب العنيف على الذهب ؟ وهل هناك أسباب أخرى؟ بالطبع فالطلب على الذهب الذي تسبب في ارتفاع أسعاره بهذه النسب العالية والمبالغ فيها، هو ليس طلبا للمجوهرات أو التزين، فمعدلات الطلب على الذهب للتزين لم تتغير تقريبا قديما عن الوضع الحديث، ولكن ما تغير هو الطلب لأسباب أخرى، أهمها الطلب على الذهب للاستثمار.

الطلب عليه بغرض الاستثمار يعادل حجم الطلب بهدف الزينة

يوضح الجدول (2) أشكال الطلب على الذهب بالقيم والكميات، ومنه يتضح أن الطلب على الذهب بغرض الاستثمار أصبح يعادل حجم الطلب عليه بهدف التزين أو كمجوهرات .. والذهب لا يمثل استثمارا بالمعنى المعروف، فهو لا يستخدم (إلا بقيم متدنية في التكنولوجيا)، ولكن يتم الاستثمار فيه كمخزن مضمون للقيمة، وخاصة في فترات الاضطراب السياسي والحروب، فهو كمخزن للقيمة لا يزال الأعلى قبولا .. وبالطبع أن الاضطرابات السياسية خلال الفترة الأخيرة هي التي تسببت في ذلك الطلب المرتفع على الذهب بهدف الاستثمار ليصل إلى 85.4 مليار دولار خلال2011م، مقابل طلب يعادل 99.9 مليار دولار عليه كمجوهرات .. بل من المستغرب أن نجد أن مشتريات الحكومات الرسمية من الذهب ارتفعت بشكل كبير ما بين عامي 2010 و2011م، حيث زادت من 3 مليار دولار إلى 23 مليار دولار.

إن كل شراء أو طلب جديد على الذهب يعبر عن حالة قلق أو خوف من معطيات سياسية قادمة، بل إن كل طلب إضافي على الذهب يعبر عن حالة من عدم الثقة في الاقتصاد العالمي، وخاصة عدم الثقة في قدرته على التفاعل أو امتصاص الأزمات السياسية المقبلة..إن ظهور الذهب من جديد كعنصر فاعل في الاقتصاد العالمي يمثل نوع من الرجوع إلى قاعدة الذهب والثقة من جديد في افتراض أنها الأقدر على حفظ الاستقرار الاقتصادي العالمي .. بمعنى آخر، افتراض حدوث نوع من فشل الاعتماد على قاعدة الدولار التي تم استبدالها بالذهب، ويبدو أن كافة المرتكزات التي يعمل في سياقها الاقتصاد العالمي في حاجة لمراجعة لاستكشاف الخلل الذي أدى إلى الارتفاعات الجنونية في السلع الرئيسية سواء الضرورية أو غير الضرورية. إن الطلب على الذهب هو ليس طلبا على منتج له استخدام معين، بقدر ما هو هروب من وضع القيمة في منتجات لم تعد قادرة على حفظ قيمتها، كالدولار، فكيف تقوى عملة دولة غير قادرة حفظ الاستقرار لاقتصادها الوطني (الولايات المتحدة) كيف تقوى على حفظ الاستقرار الاقتصادي العالمي ؟ فالاقتصاد الأمريكي يمر بأزمات عميقة منذ عام 2007م والدولار لم يتمكن حتى الآن من مجابهتها كما يجب .. بالطبع إن إقرار أي تعديلات مصيرية في أركان الاقتصاد العالمي ليست سهلة، ويتم حاليا الاستعاضة أو التنفيس عنها في ارتفاعات جديدة في أسعار الذهب من آن لآخر.

السؤال الأهم الآن هو : هل لا يزال الذهب هو الاستثمار الآمن حتى الآن ؟ نعم هو استثمار آمن، وتزايد الطلب عليه يضمن استمرار الحفاظ على قيمته، بل وتحقيق أرباح من شرائه، ولكن الخوف من المفاجآت ، فلا يزال هناك بعض القلق من الاستثمار فيه .. فالتقليد من ناحية، وظهور أنواع صينية من الذهب من ناحية أخرى، فضلا عن مخاوف ظهور اكتشافات كبيرة بمناجم جديدة والتي حتما يمكن أن تتسبب في تعويض كل طلب إضافي جديد .. ومن ناحية أخرى، فإن الخوف الكبير من حدوث تصحيح مفاجئ في أي فترة، وخاصة أن الذهب لم يمر بأي تصحيحات منذ عشرات السنين .. فأيهما أكثر تأثيرا هل الحاجة للتصحيح السعري للذهب أم الحاجة للذهب كمخزن للقيمة وأيضا كاستثمار .. أعتقد أن الأخير هو الأكثر الحاحا وثقة.

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة