ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 12/10/2012 Issue 14624 14624 الجمعة 26 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

أفهم أن الأمور العامة التي تتعلق بالمجتمع وحياة الناس لا بد لها من نُظم وقرارات واضحة، تضبط حركة الناس وتعاملاتهم، وتحفظ حقوقهم، وتعزز واجباتهم ومسؤولياتهم؛ ليسود التناغم والتكامل بين حركة الأفراد؛ فيرتقي المجتمع، وتتحقق الفائدة للجميع. هذه النظم والقرارات يصنعها ويتابع تطبيقها ثلة من المعنيين المناط بهم رسم الحدود العريضة لسقف ما يمكن أن يستظل به الفرد؛ لشرعنة واستقامة ما يقرره هو من قرارات فردية في محيطه الشخصي أو العملي؛ حتى لا تمس حقوق غيره، أو تؤثر وتربك حياة الناس ومصالحهم.

هذا هو الأمر الطبيعي الذي أفهمه، سقف عام من النظم والقوانين يظلل الفرد، ويستقي منه قراراته التي يراها لإدارة أموره ومصالحه، لكن هذا لا يقوله الواقع، على الرغم من قناعتي الكاملة بوجود النظم والقوانين التي تفي باحتياجات كل مجال ومرفق، إلا أن متابعتها ومتابعة تطبيقها لا تحدث؛ فيصنع كل فرد ما يحلو له، في ظل عدم علمه أو تجاهله لما قد يحد من استغلاله للغير أو جشعه وانتهازيته، أو لمجرد ممارسة نرجسيته. يصنع قوانين خاصة به، لا ترتكز على قانون عام بقدر ما ترتكز على هواه، وإن أضرَّ أو أفسد مصالح وحقوق غيره.

اليوم أصبح الكل يملك حق اتخاذ القرارات التي تمس حياتنا، وهذا أساس جُلّ مشكلاتنا، وسبب ارتباك معظم أمورنا؛ فصاحب البقالة الصغيرة - مثلاً - يضع لنفسه قوانينه الخاصة التي يفرضها على من يتعامل معه؛ فيجعل تسعيرة للنقد، وأخرى للدفع المؤجل حتى نهاية الشهر، ويتعامل بالعملة الورقية رافضاً نصف الريال وربعه. والخيَّاط يضع بحسب المواسم تسعيرات ما يخيطه. وهذا يقرر في يومٍ تقسيم بيته؛ فيؤجر نصفه لمن أراد دون اهتمام بخلفية مَنْ استأجر منه. وهذا الموظف قد يستثنيك من كل الإجراءات إن أراد، أو يوقف معاملتك بتعنته. وهذه الجامعات تقرر مَنْ تعيِّن ومَنْ ترفض، دون أدنى مساءلة أو تبيان للمبررات، حتى أصبحت تجمعاً للمعارف والأقارب. وهذا مدير مدرسة أهلية قرَّر بعد مشكلات مع عرق معيَّن من الناس ألا يقبل من ينتمون لهذا العرق، ويضع أمام من أراد تسجيل ابنه أو ابنته كل العراقيل؛ ليمنع ذلك تحت مبررات لا تتوقف. هذا بخلاف الاستغناء أو عدم تجديد العقود للمعلمين لمجرد أنهم قرروا أن يفعلوا هذا.. حتى رجل المرور قد يراك تسير عكس الاتجاه فيتجاهلك، وإن أراد خالفك، أو ربما قرر أن يوقفك! المسألة تعتمد على ما يقرره هو، لا على نظام واضح يبيّن كل الأمور.

بالمناسبة، في مرفق حكومي خدمي لا يسمح لك بالدخول ما لم تضع بطاقة الأحوال عند رجل الأمن في مدخل المبني، لا أدري على أي أساس تم إقرار هذا، لكننا في زمن الكل فيه يمكن أن يتخذ ما يراه من قرارات ويفرضها.. وبعد هذا، لا تُفاجأ وأنت تتبضع من أي مركز أن يطالبك الموظف أو البائع بإثبات الهوية أو أي قرار يصنعه المالك، وهو يعلم أن عين الرقيب لا تراه، ولن تراه. والله المستعان.

naderalkalbani@hotmail.com
 

الكل يملك حق اتخاذ القرار
نادر سالم الكلباني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة