ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 16/10/2012 Issue 14628 14628 الثلاثاء 30 ذو القعدة 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

كلمتني ذات صباح قبل أيام سيدة جهورية الصوت لتطلب مني مباشرة بعد التحية باسمي الكامل أن أعود فاتصل بها!. قلت من أنت أولا؟ ردت مستعجلة: أنا أم عبد الرحمن! أعدت الاستفهام: أم عبد الرحمن من؟ قالت: أنا «مرسولة» إليك لأتحدث معك في شأن يهمني. أغلقت الهاتف. وظللت أفكر في كلماتها: «مرسولة»! هل تعني أن أحدا أرسلها أم أنها تحمل رسالة؟ ثم تملكني هاجس أن أتصل بها, فلعل في الأمر ما يهم حقا!

اتصلت بها. قالت مباشرة -ودون أن تشكرني على اتصالي-: «أنا محتاجة ماديا وأسكن في سيارة! وقد تعبت من وعود الكثيرين التي لم تتحقق! لم أعد أطلب منزلا. أرغب فقط في خيمة!».

تمالكت استغرابي وسألتها: من أعطاك رقمي وهل تعرفيني شخصيا؟ قالت: لا.. حصلت عليه من أهل الخير! قلت وأين أرضك يا أم عبدالرحمن؟؟ قالت أنا من قرب المدينة المنورة!. قلت وأنا في المنطقة الشرقية، ولو كنتِ هنا في الجوار القريب لربما طلبت أن أراك وأعرف تفاصيل ما تستطيعين أن تقدمينه لي وما أقدمه لك من أوجه خدمة مستطاعة ومتبادلة. أما وأنت في المدينة وتطلبين سكنا فهذا الاحتمال غير ممكن.

أقفلت الجوال وأنا أفكر كيف وصلنا إلى هذا الوضع الغريب!

هناك محتاجون فعلا! ولكن كيف أفسر أن يبلغ بنا الأمر أن نطلب ليس ما يسد الأود مؤقتا بل منزلا أو سكنا؟؟ ومِن مَن لا نعرف؟؟

لا يتسول إلا الجائع المتضور وغصبا عنه! أما التسول بنية مسبقة وبتخطيط بعيد المدى وإجراءات تشمل الحصول على عنوان والاتصال بالجوال, أو التنظيم والتوزيع والانتشار في مراكز المدينة أو محطات البنزين البعيدة عن أعين الأمن, فهي ظاهرة مستجدة!

ظاهرة غير طبيعية! ولا مقبولة! ولها تطبيقات بأساليب متعددة.

لي صديقات جعلن من أهم اهتماماتهن مساعدة الأسر المحتاجة خاصة السيدات ممن لا يعمل أزواجهن مع العلم أن بعض هؤلاء الأزواج -غير القادرين على إطعام أولادهم- لهم زوجتان أو أكثر! أغلبهم يعاني من أمراض تمنعه من الحصول على وظيفة ولا تمنعه من تكرار الزواج وزيادة الخلفة. ومن يعمل ففي وظائف بسيطة مثل حارس مدرسة. مع العلم أن حراسة مدرسة تحتاج إلى صحة البنية وقدرة التصرف في حال الطوارئ. واستوقفني أيضا أن كثيرا من الأسر التي تطلب رعايتها من «الطيبين» غير سعودية! حيث ترك الزوج عمله وأصبحت قوامة الأسرة مرتبطة بما تلمه الزوجة من مساعدات.

تروي صديقاتي مدى ما يعانينه من مضايقة متكررة مصدرها اتصالات مزعجة التوقيت من أزواج متلقيات المساعدة. مكالمات تأتي في الليل لضمان وجودهن في المنزل؛ يذكرنهن أن فاتورة الكهرباء لم تدفع, وأن كيت وكيت قد حدث, وأن سعر حليب الأطفال قد ارتفع, مما يتطلب زيادة المساعدة! وكأنهن صرن موظفات عند زوج المحتاجة.

سؤالي لمن يتصل أو تتصل طلبا للمساعدة لفك أزمات مادية! هل فكرت في العمل -أي عمل شريف- بدلا من استجداء «الطيبين»؟

وسؤالي لمن يهمه الأمر من أولي الأمر وصناع القرار: لماذا هذا الشخص المحتاج لأهل الخير في البلد إذا كان ليس مواطنا ولا يعمل لدى أحد؟

لنا سمعة الشعب الطيب الذي فاض ثراؤه عن حاجته الخاصة وأصبحنا كالمغناطيس الذي يجذب إليه المحتاجين فعلا.. والباحثين عن فاعلي وفاعلات الخير.

خصوصية المغناطيس الطيب أنه يجذب المواد القابلة للانجذاب إليه. وقد ساهمت الاتصالات الحديثة في تصنيفنا كمغناطيس مؤكد الفاعلية يستجيب لطالبي الدعم بمبرر يستحق.. وبغير مبرر.

 

حوار حضاري
أرقامنا الخاصة.. وخاصية المغناطيس!
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة