ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 19/10/2012 Issue 14631 14631 الجمعة 03 ذو الحجة 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

تمثل الأقسام العلمية واحدة من أهم الوحدات الأكاديمية، فهي المنطلق الأول لكل القرارات والتوصيات التي ينبني عليها القرار الأعلى في الهرم الجامعي، كما أنه هو المباشر لأغلب عناصر العمل الأكاديمي، كالتدريس، ومتابعة شئون الطلاب، وكالتعامل مع أعضاء هيئة التدريس، ومراجعة البرامج التعليمية، وإقرار الخطط العلمية.

ونظرا لهذا الدور الكبير فإن هذه الأقسام تنهض بمسئولية كبيرة في تطوير العمل الجامعي، ورفع مستوى العملية التعليمية، ولذا لا نعجب إذا رأينا الجامعات العالمية تحرص على أن يتولى رئاسة أقسامها العلمية على وجه الخصوص أصحاب الكفاءات المتميزة في التعليم الجامعي، والبحث العلمي، والخبرات الطويلة في العمل الأكاديمي من أعضاء هيئة التدريس، الذين يملكون الرؤية العلمية، والمشاريع الرائدة الكبيرة، لأن ذلك يجعلهم محل ثقة الكادر الأكاديمي في الجامعة، كما يجعلهم فوق الشبهات فيما يتخذون من قرارات، أو يحشدون له الرأي العام سواء في القسم أو في الكلية، ثم إنهم على دراية تامة بمكونات الحقل المعرفي الذي ينتمون إليه، فتكون لديهم القدرة على تقويم المشاريع، كما تقوم الآراء التي تطرح بعيدا عن الشعور بالنقص تجاه آراء الأساتذة بالقسم، وهذا كله يمكنهم من الاستماع إلى القول واتباع أحسنه، كما يمكنهم من فتح المجال للأصوات المتعددة باعتبارها مدركة للأساس العلمي الذي تسير فيه بدلا من أن يكون قرارهم ناشئا عن الجهل والتعصب الأعمى لآرائهم، وليس مبنيا على معايير موضوعية.

وهو ما يعني أن رؤساء الأقسام الذين لا يملكون هذه الصفات، فيكونون من أصحاب التجربة الأكاديمية الضحلة، والمعرفة الضئيلة في حقل التخصص، وانعدام الرؤية العلمية والأكاديمية، لا يعدون في الرؤساء، كما أنهم لا يصلحون لتولي مثل هذه المهمة، ولا يصح في هذا القول إنهم يديرون القسم، ويكتفون بآراء الأساتذة الذين يتسمون بالخبرة، والمعرفة الأكاديمية السليمة، لأن هذا يجعلهم ضعيفي الشخصية أمام هؤلاء الأساتذة يستجيبون لهم لشعورهم بالنقص تجاه هؤلاء أولا، ولحاجتهم إليهم لمساندة قراراتهم ثانيا، ثم يعني هذا أن القرار ليس نابعا منهم وإنما بناء على رأي الأساتذة المتميزين، كما يعني وهو الأخطر أن المكونات التي كونت رؤيتهم للأشياء، والمنطلقات التي ينطلقون منها في تعاملهم معها ليست منطلقات علمية، ولا موضوعية، وإنما هي شخصية بالدرجة الأولى بناء على نقص الخبرة الأكاديمية والعلمية لديهم. وهو ما يؤذن بفشل الإدارة في القسم، وعدم قدرتها على القيام بمهامها الخطيرة.

ومن المؤسف أن بعض الجامعات لا تهتم باختيار رؤساء الأقسام الذين يتسمون بالصفات العلمية والأكاديمية المتميزة، فوجدنا من الجامعات من يترأس الأقسام العلمية فيها أضعف الأساتذة، وأحدثهم تجربة أكاديمية، وأضعف في مجال التدريس والبحث العلمي، بل إن بعضهم يكون قد تخلف في مراحل الدراسات العليا، فاستغرق سنين عددا، ومددا، وانتهت مدده، وانقطع، وكذب على الكلية التي يعمل بها، ولم يقم بنشر بحث واحد بعد الدكتوراه، ثم يتولى رئاسة القسم، فيتحول ذلك المبتدئ إلى معلم، يقوم الأساتذة الأقدم منه، والأعلم والأرفع درجة، ويملي عليهم ما يفعلون بناء على هواه، ورؤية ليست مصقولة بالمعرفة والعلم، كما يقوم بتشكيل اللجان وفق ما يراه، فيضع فيها من يوافق هواه، ويحقق ما يريد حتى ولو كان لا يمت إلى المعرفة بصلة خاصة وأنه يستخدم الصلاحيات التي تمنحها له رئاسة القسم، للحشد حول وجهة نظره، ومعاقبة من لا يسير وفق رؤيته، أو يوافق هواه، وهو السبب الذي نراه في التسيب في كثير من الأقسام العلمية والفوضى، وتحول العمل الأكاديمي إلى عمل اجتماعي تكثر فيه المجاملات، والصلات، والتكتلات بدلا من النقاش العلمي الأساس. الأمر الذي يؤذن بتدهور التعليم الجامعي بتضعضع القاعدة الأساس التي يقوم عليها، وهو ما نتمنى أن يتداركه المسئولون في التعليم الجامعي ويتنبهون إليه.

أستاذ في كلية اللغة العربية جامعة الامام
 

الأقسام العلمية ومسيرة التعليم الجامعي
إبراهيم بن محمد الشتوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة